التاريخ والمال وحتى العشب.. كيف يختلف “مونديال النساء” عن نظيره الرجالي؟

تشهد كأس العالم لكرة القدم للسيدات، زخما يتزايد باستمرار منذ أول نسخة لها في 1991، إذ أضحى الحدث، يحظى بمتابعة الملايين عبر العالم، ويسجل إيرادات قياسية مقارنة ببدايته المتواضعة قبل 32 عاما.

وتسعى البطولة لجذب الأنظار أكثر، تماما كما تفعل كأس العالم الخاصة بالرجال، التي تعتبر أكبر عرس رياضى عالمي على الإطلاق، وتثير عشاق الكرة المستديرة بشكل لافت على مدى شهر كامل.

وبينما تجري كأس العالم للسيدات حاليا في أستراليا ونيوزيلندا منذ 20 يوليو الجاري وحتى 20 أغسطس المقبل، يتساءل البعض عن أبرز الاختلافات بين بطولة الرجال والسيدات، والسر وراء الشعبية المتزايدة للأخيرة.

تاريخ الانطلاق

يبدو تاريخ انطلاق نهائيات كأس العالم للرجال والسيدات بمثابة اختلاف بارز قد يفسر الشعبية الهائلة لكأس العالم “للرجال” التي انطلقت قبل فترة طويلة.

وأقيمت أول نسخة لكأس العالم للرجال في أوروغواي عام 1930، وهو نفسها البلد الذي حاز على أول بطولة.

أما كأس العالم للسيدات فـ”أحدث بكثير”، إذ أقيمت أول بطولة في الصين عام 1991، وفازت بها الولايات المتحدة.

على أساس ذلك، يبلغ عمر البطولة النسائية حوالي 32 عاما فقط، بينما تتطلع بطولة الرجال لتبلغ 100 عام على انطلاقها في عام 2030.

وتُلعب كلتا البطولتين كل أربع سنوات، وهذا يعني أنه كانت هناك 22 نسخة من كأس العالم للرجال، و9 مرات فقط في كأس العالم للسيدات.

العشب

تُلعب بطولات كأس العالم للرجال على العشب الطبيعي، لكن بطولات السيدات غالبا ما كانت تجري على العشب الصناعي.

وظاهريا، يبدو الأمر وكأنه إجراء بسيط لخفض التكاليف، إذ أن العشب الصناعي أرخص في الصيانة من العشب الطبيعي، لكن العشب يمكن أن يحدث فرقا بالنسبة للاعبين.

ففي عام 2015، قدمت بعض اللاعبات شكاوى على أساس التمييز بين الجنسين إلى محكمة حقوق الإنسان في أونتاريو الكندية، قبل أن يتم سحبها في النهاية.

وفي تلك الشكاوى، أكدت اللاعبات أن العشب الاصطناعي يؤثر على اللعب، ويثير مخاوف من الإصابة وصعوبة في التعامل مع الكرة، أكثر منه من العشب الطبيعي.

وفي عام 2014، شرحت المهاجمة الأميركية، أليكس مورغان بعض الآثار الجانبية السلبية للعب على العشب الصناعي في حديث لصحيفة “يو أس توداي” قائلة إن “هناك آثارا سلبية طويلة المدى للعب على العشب الاصطناعي.. الألم يبقى بشكل دائم على مستوى الأوتار والأربطة، بالنسبة لي على الأقل، أشعر بألم أكثر بعد اللعب على العشب الاصطناعي، ويستغرق التعافي وقتًا أطول..”.

ولذلك، قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” رسميا، حظر استخدام العشب الصناعي في عام 2019.

وكأس العالم للسيدات الحالية، هي الأولى التي تُلعب على ملعب من العشب الطبيعي.

الجوائز المالية

توجد فجوة كبيرة في الأجور والمكافآت بين الجنسين، إذ بلغت قيمة جوائز كأس العالم للرجال في قطر 2022، نحو 440 مليون دولار.

وتلقت جميع المنتخبات المؤهلة 1.5 مليون دولار قبل المنافسة، وحصد البطل (الأرجنتين) على 42 مليون دولار، بينما نال الوصيف (فرنسا) 30 مليون دولار، وفق موقع “فيفا“.

وعادت المنتخبات الـ 32 المشاركة إلى ديارها بما لا يقل عن 9 ملايين دولار لكل فريق.

وفي المقابل، لا تكسب الفرق النسائية، كما هو الحال في معظم الرياضات الاحترافية، سوى قدر بسيط، مقارنة بالرجال.

وفي عام 2022، رفع المنتخب الأميركي لكرة القدم النسائية دعوى قضائية تخص التمييز بين الجنسين، رفعتها نجمات معروفات منهن، كارلي لويد، وهوب سولو، وأليكس مورغان، وميغان رابينو، وبيكي سويربرون.

واشتكت اللاعبات من أنهن حصلن على مبالغ أقل من نظرائهم الرجال، على الرغم من أداءهن الجيد.

نتيجة لذلك، توصل اتحاد كرة القدم الأميركي إلى اتفاقية تاريخية للمساواة في الأجور.

لكن جوائز كأس العالم للسيدات لا ترقى، مع ذلك، إلى المساواة في القيمة بتلك التي أقرتها الولايات المتحدة، حتى مع وصول مجموع جوائز 2023 إلى مستوى تاريخي.

وفي مارس الماضي، أعلن “فيفا” أنه سيتم منح إجمالي 152 مليون دولار كجوائز مالية في البطولة، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف المبلغ الذي تم منحه في نهائيات كأس العالم للسيدات عام 2019 (30 مليون دولار).

وسيعود المنتخب الفائز بكأس 2023 إلى دياره بمبلغ 4.29 مليون دولار، والمركز الثاني بمبلغ 3 ملايين دولار.

ورغم ذلك، لا يزال هذا، يمثل مبلغا “بسيطا” مقارنة بما يكسبه لاعبو كأس العالم للرجال، إلا أنه  يبقى خطوة في الاتجاه الصحيح، وفق موقع “بوب شوغر”.

عدد المنتخبات

دائما كان عدد المنتخبات التي تتأهل إلى كأس العالم للرجال أكثر من نظيره النسائي، لكن بطولة كأس العالم 2023 هي المرة الأولى التي تتنافس فيها 32 دولة في البطولة النسائية، مقارنة بالمنتخبات الـ 12 الأصلية عند تأسيس البطولة عام 1991، و24 منتخبا في عام 2015.

نسب المشاهدة

تتمتع بطولة كأس العالم للرجال بنسبة مشاهدة أعلى من كأس العالم للسيدات.

وشهدت المباراة النهائية لكأس العالم للرجال 2022 أكثر من 1.5 مليار مشاهد حول العالم.

ويقدر “فيفا” أن حوالي 5 مليارات شخص شاهدوا البطولة.

في المقابل، حصدت المباراة النهائية من كأس العالم للسيدات الأخيرة عام 2019، نحو 260 مليون مشاهدة في جميع أنحاء العالم  وفقًا لـ “فيفا”.

وشاهد البطولة ، كلها، نحو 1.12 مليار مشاهد في جميع أنحاء العالم.

وتستعد بطولة 2023 لتحطيم هذا السقف.

وذكرت شبكة “سي بي إس” الأميركية أنه تم بالفعل تسجيل مبيعات قياسية لتذاكر بطولة السيدات هذا العام.

حقوق البث

تشير صفقات حقوق البث التلفزيوني الجديدة إلى زيادة نسبة المشاهدة، لكلا البطولتين.

وبشكل عام ، يشهد عام 2023 زخما ودعما غير مسبوق للرياضات النسائية، كما يتضح من الإقبال على متابعة بطولة March Madness  لكرة السلة النسائية في الولايات المتحدة، التي جرت في وقت سابق من هذا  العام .

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى