مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قصوى في جميع أنحاء الولايات المتحدة، كان على أطباء غرف الطوارئ أن يكونوا مبدعين لمحاولة إنقاذ الأشخاص المصابين بأمراض خطيرة نتيجة الحرارة.
وقالت الدكتورة سيسيليا سورينسن، طبيبة غرفة الطوارئ في مستشفى بولاية كولورادو، والتي تشغل أيضًا منصب مديرة الاتحاد العالمي للمناخ والتعليم الصحي في جامعة كولومبيا: “آخر حالة أتتني مصابة بضربة شمس، اضطررنا لإرسال حارس الأمن عبر الشارع إلى محطة الوقود لشراء قطع الثلج” للمساعدة بتبريد الشخص.
وتابعت: “إنه أمر جنوني، لكننا سنفعل كل ما يتطلبه الأمر”.
وبين جميع الكوارث الطبيعية، يُعَدّ الحر الشديد القاتل الرقم واحد، وتشير الدراسات إلى أنه يسفر عن أكثر عدد من الوفيات حول العالم مقارنة مع جميع العواصف والأعاصير مجتمعةً. لكن نظرًا لعدم ترافقه مع صور درامية كما هي الحال مع الأعاصير أو العواصف، يقول الخبراء إنّ الناس غالبًا ما يقلّلون من خطورته.
ويمكن ربط ارتفاع دراجات الحرارة الشديد بما لا يقل عن 17 سببًا للوفاة، يتعلق معظمها بمشاكل القلب، والتنفس، وتشمل أيضًا الانتحار، والغرق، والقتل.
إذا تسبّبت هذه الحرارة بإصابة شخص ما بالمرض لدرجة أنه يتعيّن عليه التوجه إلى غرفة الطوارئ، فيمكن للأطباء عادةً اتخاذ خطوات للمساعدة.
ويقول أطباء غرفة الطوارئ إن أكثر الأمراض المرتبطة بالحرارة شيوعًا هي الإجهاد الحراري، وضربة الشمس.
علاج الإجهاد الحراري
يحدث الإجهاد الحراري عندما يفقد الجسم الكثير من الماء أو الأملاح بفعل التعرق الزائد. وفي الظروف الطبيعية، يمكن للجسم أن يبرّد نفسه من طريق ضخ الدم إلى سطح الجلد، وإطلاق العرق.
لكن عندما يكون الجو دافئًا ورطبًا، لا يمكن للهواء امتصاص الكثير من العرق، لذلك لا يكون التعرّق فعّالًا في تبريد الجسم.
قد لا يتعرّق الشخص أيضًا بما فيه الكفاية إذا كان يعاني من الجفاف وليس لديه ما يكفي من الماء والأملاح الأساسية المعروفة باسم الكهارل (الإلكتروليت).
والإجهاد الحراري قد يحدث أيضًا عندما لا يفرز الجسم العرق بما فيه الكفاية، ويتعرّض للحرارة الزائدة. وقد يكون الشخص عُرضة لمخاطر أكبر إذا كان يعاني من بعض الحالات المرضية الأساسية مثل مرض الكبد، أو الكلى، أو أمراض القلب، أو ارتفاع ضغط الدم، أو البدانة. وقد تلعب بعض الأدوية، وعمر الشخص أيضًا قد يعرضان الشخص أكثر للإصابة بالإجهاد الحراري.
وقد يترافق الإجهاد الحراري مع أعراض مثل الغثيان، والدوخة، والاضطراب، والعطش، والصداع وارتفاع درجة حرارة الجسم. وقد يبدو التعب والعطش الشديدين على الأطفال، وعادةً ما تكون بشرتهم باردة أو رطبة.
وفي المنزل، يمكن علاج الإجهاد الحراري غالبًا من طريق الذهاب إلى منطقة باردة، تخفيف الملابس، الاستحمام بالماء البارد وشرب لتر من مشروب يحتوي على الكهارل كل ساعة. لكن إذا لم يكن هذا كافياً، قد تحتاج إلى طلب مساعدة من الطبيب.
وأوضحت الدكتورة كورتني مانغوس، الأستاذة المساعدة السريرية بكلية طب الطوارئ في قسم طب الأطفال بجامعة ميشيغان، أنّ بعض الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد الحراري سيتم تقييمهم أولاً في منطقة الفرز داخل قسم الطوارئ.
وهذا يعني أخذ علامات حيوية، وفحص درجة الحرارة، وقياس معدل ضربات قلب وضغط الدم. وإذا لم يعانِ الشخص من غثيان شديد أو القيء، سيتم إعطاؤه سوائل للشرب، أو حقنها بالوريد.
وأوضحت مانغوس: “نحاول إعادة ترطيب أجسامهم بسرعة أكبر مما يمكن أن يتحقق من خلال شرب السوائل وحدها”.
سيقوم الأطباء أيضًا بإجراء بعض فحوص الدم لرؤية كيفية عمل أعضاء الجسم والوظائف الجسدية الأخرى.
وإذا لم يتم علاجها، يمكن أن تتحول حالة الإجهاد الحراري إلى حالة أكثر خطورة وهي ضربة الشمس.
علاج ضربة الشمس
وتعتبر ضربة الشمس واحدة من أخطر الأمراض المرتبطة بارتفاع درجة الحرارة. على الأطباء التسابق مع الزمن لعلاج حالات ضربة الشمس بغية خفض درجة حرارة الشخص.
ومع ضربة الشمس، ترتفع درجة حرارة الجسم بسرعة، وتفشل آلية التبريد الطبيعية للجسم، أي العرق. ويمكن أن ترتفع حرارة الشخص إلى 41 درجة مئوية أو أكثر خلال 10 إلى 15 دقيقة فقط. عادةً، تبدأ ضربة الشمس بتشويش وارتفاع درجة الحرارة فوق 39 درجة مئوية.
وشرح الدكتور روبرت شيسر، أستاذ ورئيس قسم طب الطوارئ بكلية الطب وعلوم الصحة في جامعة جورج واشنطن، أنه لا يمكن علاج الإصابة بضربة الشمس في المنزل. غالبًا ما يبدأ الأطباء بوضع بعض قطع الثلج ورش رذاذ الماء وتشغيل مروحة.
أوضح أن “الهدف هو زيادة كمية الحرارة المبددة من الجسم من طريق التبخّر”.
وقال إن قسم الطوارئ لديه بعض التحفظات حول استخدام استراتيجية الثلج العدوانية لمنع تدفق الدم إلى الجلد. ولكن بعض المستشفيات الأخرى تقوم بغمر الأشخاص داخل حمامات الثلج.
وكانت الحمامات المليئة بقطع الثلج تستخدم في السابق، ولكن الكثير من غرف الطوارئ لم تعد تحتوي على حوض استحمام، لذلك قد يضطر الأطباء إلى التكيّف والابتكار.
إذا كان الشخص فاقدًا للوعي، قد لا يكون من الممكن غمره بالماء البارد، لذلك سيقوم الفريق الطبي بتجريده من ملابسه وتغطية جسده بالثلج في منطقة الفخذ والرقبة والإبط ثم سيقومون بتشغيل المراوح عليه للمساعدة في تبديد الحرارة. ويمكنهم أيضًا حقن الشخص بسوائل باردة جدًا عن طريق الوريد.
يقول الدكتور فرانك لوفيكيو، طبيب الطوارئ في مركز فاليويز الصحي في فينيكس، إنه شاهد الكثير من الأشخاص الذين يعانون من ضربة الشمس وينتهي بهم الأمر إلى أضرار دائمة في الأعضاء أو الموت خلال موجة الحر المستمرة في ولاية أريزونا.
إذا تجاوزت درجة حرارة المخ 40 درجة مئوية لأكثر من خمس دقائق، فإنه يقول إن الشخص العادي سيعاني من بعض درجات التلف الدماغي الدائم.
العلاج الأفضل: تجنب الحاجة إلى غرفة الطوارئ
وتعد أفضل طريقة للبقاء آمنًا هذا الصيف، تجنّب التعرّض للحرارة الشديدة قدر الإمكان، لا سيّما في الأماكن الحارة.
قم بممارسة التمارين في الداخل، وفي وقت مبكر من اليوم. وارتدِ ملابس فضفاضة ذات ألوان فاتحة، وانتبه لمستوى الجهد.
تقترح مانغوس أيضًا تفقّد كبار السن والأطفال الصغار، إذ يجب التأكد من أنهم يشربون ما يكفي من السوائل ويبقون في أماكن باردة، وتحذّر من ترك الأطفال داخل سيارة ساخنة.
متابعات