كيف يمكن أن تصبح تركمانستان مصدرا أساسيا لتعويض أوروبا الغربية عن إمدادات الغاز الروسي؟

طوال أكثر من عام من غزو روسيا الواسع النطاق لأوكرانيا يرى مختلف المحللين أن الحرب أضعفت نفوذ روسيا على الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى.

وإحدى هذه الجمهوريات، وهي تركمانستان الغنية بالطاقة والتي تتعامل بحذر بالغ مع وسائل الإعلام التي تسيطر عليها تماما، والتي غالبا ما تردد ما تتحدث عنه موسكو.

ومع ذلك، فإن الدولة الآن في وضع أفضل من أي وقت مضى في تاريخها بالنسبة لتنويع قاعدة مستهلكي طاقتها خارج روسيا. وسيكون الوصول إلى احتياطيات غاز تركمانستان أمراً صعباً، لكن عمل ذلك يمكن أن يحقق مكاسب كبيرة لكل من عشق آباد والغرب.

ويقول المحلل السياسي الأمريكي اليكس ليتيل ،المتخصص في شؤون روسيا وآسيا ، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتِرِست الأمريكية أن تركمانستان تعتبر دولة مغلقة نسبياً، ذات باع طويل في التعاون مع روسيا في مجال الطاقة.

لكن منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، سعت عشق آباد لإيجاد شركاء جدد، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.فالاتحاد الأوروبي نفسه يبحث عن مصدر جديد للطاقة منذ تجميد ألمانيا لخط أنابيب «نوردستريم2».

ويوفر هذا فرصة لتركمانستان، التي أعدت نفسها للاستفادة من التعاون بين الشرق والغرب. فقد سعت إلى تحسين وفتح اقتصادها من خلال زيادة الشفافية، وتعزيز نظامها القانوني، وتشجيع تكوين رأس مال القطاع الخاص.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك موقع تركمانستان الجغرافي على طول طريق النقل الدولي عبر بحر قزوين، المعروف بالممر الأوسط.

ويربط هذا الخط التجاري الصين وأسواق شرق آسيا مع أوروبا، عابراً سهوب آسيا الوسطى، وبحر قزوين والقوقاز. ويعني تجاوز هذا الطريق لروسيا الخاضعة حالياً لعقوبات جسيمة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية أن عشق آباد تستفيد من زيادة كبيرة في أهميتها الجيوسياسية.

وهناك قدر أكبر من الاهتمام أيضاً عندما يتعلق الأمر بالجوانب الجيوسياسية واللوجستية للطاقة. فقد سعت عدة دول في المنطقة، بما في ذلك أذربيجان وتركيا، إلى الاستفادة من المزيد من تطوير نظام نقل للطاقة من تركمانستان إلى أذربيجان. وسيكون من الضروري لتحقيق ذلك إنشاء خط أنابيب عبر بحر قزوين، والذي سوف يتجاوز روسيا ويوفر إمدادات الطاقة لأوروبا. كما أبدت تركمانستان اهتماما بتشييد هذا الخط بالمشاركة في مختلف اجتماعات المجلس الاستشاري لممر الغاز الجنوبي. وترى أن مشروع خط أنابيب عبر بحر قزوين فرصة ممتازة لتطوير قطاعها الخاص بالطاقة الداخلية.

ويرى ليتيل أن هناك عدداً قليلاً من المشكلات يعوق التعاون التجاري الناجح مع تركمانستان، وقول أن القضايا الداخلية ونفوذ الصين في تركمانستان يمثلان مخاطر بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

كما أن البنية الأساسية في تركمانستان تعتبر ضعيفة، مشيراً إلى أن التحديث والتكامل التنظيمي سيمثلان أيضاً تحديا كبيرا، في ضوء الطابع المغلق لحكومة تركمانستان وعلاقاتها الوثيقة مع روسيا والصين.

وعلاوة على ذلك، يؤدي انخفاض الأجور في تركمانستان وعدم توفر التدريب الكافي للعاملين في محطات الحدود والمكاتب التجارية المرتبطة بها إلى انتشار الفساد والرشوة.

ومع ذلك ورغم كل هذه التحديات، يرى المحلل الأمريكي اليكس ليتيل التعاون في استخدام ممر بحر قزوين، خصوصاً وسط اختلالات سلاسل امداد الطاقة نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية، أمرا أكثر أهمية. وفي رأيه فإن هناك قضايا تستحق الذكر. فعلى سبيل المثال لدى بكين رأي خاص فيما يتعلق بمشاركة تركيا. فموقع تركيا الجغرافي، وحقيقة أن الممر الأوسط يمر عبر أراضيها، يجعلها شريكا لا غنى عنه بالنسبة للغرب في تحقيق ترابط الممر الأوسط.

وتشعر الصين بالقلق إزاء تأكيد تركيا على «تكامل العرق التركي»، مما قد يؤدي إلى تفاقم خطر النزعة الانفصالية بين العرقيين الايغور في شينغيانغ. وقد تسبب هذا في توتر في الماضي. ولكنه ترى أنه من الحكمة أن تجعل أنقرة التعاون في الممر الأوسط بصورة أساسية مشروعا تجاريا بدون أي روابط سياسية . وهناك قضية أخرى وهي الاختناقات المحتملة بسبب الامكانيات القانونية والتنظيمية واللوجستية المختلفة.

وعلى أي حال فهذه أمور يسهل حلها عن طريق توفيرالاستثمار الكافي ومشاركة الأطراف الفاعلة. ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، على سبيل المثال، اتفق كبار مسؤولي النقل ووزراء الخارجية في أذربيجان، وجورجيا، وكازخستان، وتركيا على خريطة طريق بقيمة 7.5 مليار دولار لإزالة اختناق من أجل تسهيل الممر الأوسط من 2022 حتى 2027.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى