“ثريدز” ينطلق بقوة.. هل يقتل “الطائر الأزرق”؟
أطلقت شركة “ميتا” المالكة لموقع “فيسبوك” منصة تواصل اجتماعي جديدة ينظر لها على نطاق واسع أنها جاءت لمنافسة تويتر، التي تعيش حالة عدم استقرار منذ استحواذ الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، على الشركة.
وكتب الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، مارك زوكربيرغ، التدوينة الأولى في المنصة الجديدة قائلا: “لنفعل ذلك. مرحبا في ثريدز”، واضعا رمز النار التعبيري في إشارة للمنافسة على ما يبدو.
زوكربيرغ نفسه نشر في منصة تويتر رسم كاريكاتوري خلال تغريدة هي الأولى له منذ عام 2012. ويظهر الرسم رجلين اثنين لشخصية “سبايدر مان”، كل منهما يشير نحو الآخر، فيما يصف آخرون التطبيق الجديد أنه “قاتل تويتر”.
— Mark Zuckerberg (@finkd) July 6, 2023
ويرى الخبير في منصات التواصل الاجتماعي والمحاضر في التسويق الرقمي، طلال السردي، أن إطلاق “ثريدز” في هذا التوقيت يؤكد أنه “منافس لتويتر”.
وقال السردي في حديثه لموقع قناة “الحرة” إن حالة عدم اليقين في شركة تويتر “سرعت” من تدشين منصات بديلة، بما في ذلك “ثريدز”، الذي يمكن وصفه بأنه “نسخة نصية من إنستغرام”.
ما هي مواصفات المنصة الجديدة؟
يشبه التطبيق تويتر إلى حد بعيد، فهو يتيح وضع منشورات نصية قصيرة يمكن للمستخدمين الإعجاب بها وإعادة نشرها والرد عليها، ولكنه لا يتضمن خاصية إرسال رسائل خاصة بين المستخدمين.
ويمكن أن يصل طول المنشور إلى 500 حرف وأن يشمل روابط وصور ومقاطع فيديو تصل مدتها إلى خمس دقائق، وفقا لمنشور “ميتا” على المدونة.
كما يمكن للمستخدمين التفاعل مع التدوينات بشكل مشابه لتويتر عن طريق الردود مباشرة والإعجاب وإعادة النشر – بما في ذلك الاقتباس من منشور عبر إنستغرام. ويتيح “ثريدز” أيضا مشاركة تدويناته على “ستوري” إنستغرام ورابط على منصات أخرى.
وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”، فإن التطبيق الجديد “يستهدف تويتر بشكل مباشر” مع تزايد اضطرابات المستخدمين على تلك المنصة منذ أن تولى ماسك مهام الشركة في أكتوبر الماضي.
وتحركت “ميتا” بقوة خلال الأسابيع الأخيرة لإطلاق “ثريدز”، مما أدى إلى تسريع توقيت إطلاق المنصة في وقت “يتمرد” مستخدمو تويتر على الإجراءات الأخيرة التي أصدرها ماسك، بما في ذلك تحديد عدد معين من التغريدات التي يمكن قراءتها، وفقا للصحيفة الأميركية.
ويذهب الخبير في تقنية المعلومات و”الويب 3″، أيمن عيتاني، في اتجاه مماثل بقوله إن شركة “ميتا” وجدت “فرصة مناسبة” لإطلاق منصة جديدة بعد التوجهات الجديدة التي سلكها ماسك.
وقال عيتاني لموقع “الحرة” إن ماسك لم يفشل كما يتوقع البعض، ولكنه سلك نهجا مختلفا للبحث عن الإيرادات بعد انخفاض العائد الإعلاني على المنصة، وهي مشكلة تعاني منها أيضا شركة “ميتا”، مما جعلها تطلق “ثريدز”.
“تغييرات كبيرة” سرعت ولادة “ثريدز”
ومنذ استحواذه على تويتر مقابل 44 مليار دولار في أكتوبر الماضي، سرح ماسك ما يقرب من ثلاثة أرباع القوة العاملة في الشركة بهدف خفض التكاليف.
ومن بين القرارات الجديدة في تويتر، ألغى الملياردير المثير للجدل توثيق الحسابات التي كانت تهدف للتحقق من هوية الشخصيات والمؤسسات الرسمية والشركات التجارية، وفرض رسوما مقابل العلامة الزرقاء التي جعلتها متاحة للجميع.
كما أطلق علامات رمادية للمؤسسات الحكومة وذهبية للحسابات التجارية وفرض رسوما للحصول عليها.
وقال ماسك إن “التغييرات الجذرية” في الشركة، بما في ذلك التسريح الجماعي للعمال وخفض التكاليف، كانت ضرورية لتجنب الإفلاس وانسياب العمليات.
لاحقا، أصدر تويتر قرارات جديدة أثارت غضبا واسعا بعد تحديد المنصة لعدد معين من التغريدات يمكن قراءتها يوميا.
وقال ماسك في تغريدة، السبت، إن منصة تويتر طبقت قيودا مؤقتة على قراءة المنشورات لمعالجة “المستويات البالغة” من استخلاص البيانات والتلاعب بالنظام.
وأوضح أن تويتر وضع قيودا مؤقتة على الحسابات الموثقة تسمح لها بقراءة ستة آلاف منشور على الأكثر يوميا، مضيفا أن الحسابات غير الموثقة سيُسمح لها بقراءة 600 منشور يوميا، بينما سيكون الحد الأقصى للحسابات الجديدة غير الموثقة هو 300 منشور يوميا.
في غضون ذلك، تعمد المعلنون الحد من إنفاقهم على منصة تويتر، ويرجع ذلك جزئيا إلى التغييرات التي سمحت بمزيد من المحتوى البغيض والشائك أحيانا والذي يسيء إلى جزء أكبر من جمهور المعلنين، وفقا لمجلة “التايم“.
في منشوراته اللاحقة على “ثريدز”، كتب زوكربيرغ: “أعتقد أنه يجب أن يكون هناك تطبيق للمحادثات العامة به أكثر من مليار شخص. لقد حظي تويتر بفرصة للقيام بذلك، ولكنه لم ينجح. آمل أن ننجح نحن”.
وفي هذا الإطار، يرى خبراء أن قرارات ماسك الأخيرة شجعت شركة “ميتا” لتدشين منصة بديلة لتويتر بشكل سريع.
وبحسب شبكة “سي إن إن“، فإن “ثريدز” ينضم إلى قائمة متزايدة من المنافسين لتويتر، ويمكن أن يشكل التهديد الأكبر على “الطائر الأزرق”؛ نظرا لموارد “ميتا” الهائلة وجمهورها الضخم.
وأحدثت قرارات ماسك الأخيرة بالفعل “تغييرات كبيرة” في عمليات وسياسات تويتر، مما أدى إلى حالة عدم يقين للشركة، وفقا للسردي.
وحظي إطلاق “ثريدز” باهتمام كبير، وفقا للسردي، الذي لفت إلى سهولة التسجيل في المنصة الجديدة كونها مرتبطة بإنستغرام.
اختلاف اتجاهات المستخدمين
ويقتصر استخدام المنصة حاليا على التطبيق المخصص للهواتف الذكية، وهو يتيح للمستخدمين التسجيل مباشرة من حساباتهم على إنستغرام، مما يعني أن المنصة الجديدة قد تستفيد بشكل سريع من أكثر من 2 مليار مستخدم نشط شهريا على تطبيق تبادل الصور الشهير.
وكتب زوكربيرغ في تدوينة على “ثريدز” إن عدد الذين سجلوا في المنصة الجديدة بلغ 10 ملايين مستخدم خلال 7 ساعات.
في حديثه لصحيفة “وول ستريت جورنال“، قال المحلل في شركة الخدمات المالية “إدوارد جونز”، ديفيد هيغر، إنه “عندما يتم إطلاق منصة جديدة مع امتلاك قاعدة مستخدمين بالفعل، فإن ذلك يمنحك السبق ويمكنك تبادل الترويج” في كلتا المنصتين.
ومع ذلك، يشير عيتاني لنقطة مهمة تتمثل في اختلاف اتجاهات مستخدمي كلتا المنصتين. ويقول إن مستخدم إنستغرام معتاد على الرؤية البصرية وقد لا يكون مهتما بالقراءة على اعتبار كونها منصة ترفيهية.
وأضاف أن ذلك سيؤثر على إنتاج المحتوى في “ثريدز”؛ لأن مستخدمي إنستغرام يجيدون التصوير وتحرير مقاطع الفيديو، لكنهم ليسوا بالضرورة يجيدون كتابة النصوص.
ومع ذلك، يعتقد عيتاني أن المنصة الجديدة ستحقق نجاحا، لكن الأمر يتطلب المزيد من الوقت للوصول لتلك النقطة.
وأردف بقوله: “نعم هناك إقبال كبير على ثريدز، ولكنه غالبا يأتي في إطار الفضول بعد الضجة التي أحدثها تدشينه”.
وفي هذا الصدد، يرى السردي أن المنصة الجديدة “لديها القدرة” على إحداث “منافسة قوية” لتويتر شريطة توافر عوامل مختلفة، بما في ذلك أهمية التطور المستمر.
وبينما يمكن لتويتر و”ثريدز” الازدهار معا كما يقول السردي، فإن عيتاني يؤكد أن تويتر “سيظل كبيرا ولن يمحى”.