ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير جديد لها، الأحد، أن رهانات السوق على النفط الأرخص ثمنا قد تبدد آمال السعودية في انتعاش أسعار خام برنت.
وبحسب الصحيفة الأميركية المتخصصة في الاقتصاد، فإن المقامرة السعودية بخفض الإنتاج، الهادفة لكبح الإمدادات العالمية تصطدم بالتوقعات المعاكسة لدى المتداولين في أسواق النفط.
وخفضت المملكة الخليجية الغنية بالنفط الإنتاج بواقع مليون برميل نفط ابتداء من شهر يوليو الحالي، كجزء من مقامرة عالية المخاطر تهدف للحفاظ على أسعار براميل الذهب الأسود.
ويعتقد المسؤولون السعوديون أن الطلب سيتجاوز الإنتاج خلال وقت لاحق من هذا العام، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، الذي سيعيد تدفق الأرباح لمنتجي النفط.
ويتفق المحللون في وكالة الطاقة الدولية وبنوك “وول ستريت” على أن الطلب على النفط قد يرتفع في النصف الثاني من عام 2023.
لكن المشكلة هي أن التوقعات في سوق النفط تختلف. ويشير مؤشر السوق الرئيسي إلى أن المتداولين يعتقدون أن الإمدادات لن تتقلص لعدة أشهر مقبلة.
ويعتمد المقياس على الفارق بين سعر النفط في تواريخ مختلفة. ففي الأيام الأخيرة، تراجعت عقود شحنات خام برنت التي سيتم تسليمها فوريا، مقارنة بالنفط الذي يسلم لاحقا.
وتعرف هذه الديناميكية باسم “كونتانغو”، وهي إشارة إلى أن الإمدادات أكثر من كافية لتلبية الطلب. وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة “أونيكس كابتال” للسمسرة ومقرها لندن، غريغ نيومان، “إنها إشارة هبوطية حقا”.
وأضاف نيومان أن المفاجأة هي أن سعر خام برنت نفسه لم ينخفض، مرجحا أن ينخفض إلى ما بين 58 دولارا و62 دولارا للبرميل.
وبحسب الصحيفة، فإن ذلك يعني ضمنيا أن السعودية – أكبر مصدر للنفط الخام في العالم – قد تضطر إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لتعزيز الأسعار في مواجهة تباطؤ الطلب العالمي وارتفاع أسعار الفائدة، وأي زيادة غير متوقعة في الإنتاج قد تدخل السوق من الولايات المتحدة وروسيا وإيران.
ولم يرد متحدث باسم وزارة الطاقة السعودية على طلبات صحيفة “وول ستريت جورنال” بالتعليق.
ويرى محللون ووسائل إعلام غربية أن السعودية ترغب في الحفاظ على أسعار الخام مرتفعة فوق 80 دولارا لتجنب العجز في موازناتها، بهدف تمويل مشاريعها التحولية الضخمة.
وفي مطلع مايو الماضي، رجح صندوق النقد الدولي أن تحقق السعودية التعادل في موازنتها إن كان سعر النفط أقل من 80 دولارا للبرميل، وهو ما يفسر رغبة المملكة في إبقاء أسعار البراميل مرتفعة.
وقال مدير شركة “ساري كلين إينرجي” الاستشارية، آدي إمسيروفيتش، وهو متداول سابق في سوق النفط، إن الرياض بخفض الإنتاج عززت أسعار الخام عالي الكبريت الذي تنتجه، لكنها فشلت في إطلاق قفزة بالسوق الأوسع.
وتراجعت أسعار خام برنت – المعيار القياسي لسعر برميل النفط – بنسبة 13 بالمئة خلال النصف الأول من العام الحالي إلى حوالي 75 دولارا للبرميل، الجمعة، على الرغم من التخفيضات السابقة التي أجراها تحالف “أوبك بلس”.
وجاءت تلك الخطوة بالإضافة إلى الخفض السعودي الطوعي من جانبها بواقع مليون برميل يوميا، وهو خفض دخل حيز التنفيذ ابتداء من شهر يوليو الحالي.
وقال إيمسيروفيتش: “عاد السعوديون لوحدهم مرة أخرى، وخفضوا الإنتاج بمفردهم لدعم السوق”.
من جانبه، قال رئيس استراتيجية السلع في “ساكسو بنك”، أولي هانسن، “تكمن المشكلة أن بخفض الإنتاج في بيئة ضعيفة بالفعل، يكون التأثير محدودا”.