بالحفر في أعماق بحيرة في كندا، وجد علماء بقعة لا مثيل لها على الأرض، يمكن اعتبارها سجلا من شأنه أن يعيد تعريف تاريخنا على كوكب الأرض، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.
وذكرت الصحيفة في تقرير، الثلاثاء، أن السكان المحليون اعتادوا القول إن بحيرة كروفورد كانت بلا قاع، إذ كانت مياهها أعمق مما يمكن أن يصل إليه الناس.
ومع ذلك، عندما نظر العلماء أخيرا إلى أعماق البحيرة المظلمة، لم يجدوا فراغا، بل مرآة، بحسب الصحيفة.
وأوضحت الصحيفة أنه لقرون عديدة مضت، استوعبت بحيرة كروفورد علامات التغيير على سطح العالم، وكل ما كان يسقط في الماء انجرف إلى قاع البحيرة، حيث تم حفظه بشكل دائم في طبقات من الطين.
وحفر العلماء في هذه الرواسب، وكشفوا عن سجل لأكثر من ألف عام من التاريخ، بحسب الصحيفة التي أوضحت أن هذه البحيرة ربما تُظهر أكثر من أي مكان آخر على الأرض أن البشر قد غيّروا كيمياء الكوكب ومناخه بوتيرة لم يسبق لها مثيل من قبل.
ووفقا للصحيفة، هذه التغييرات أساسية للغاية، ويعتقد العديد من العلماء أنها تمثل فصلا جديدا في الزمن الجيولوجي الذي يعرف بالأنثروبوسين.
وبحسب وكالة “فرانس برس”، الأنثروبوسين هو العصر الجيولوجي البشري، وهو العصر الذي أصبحت فيه بصمات الإنسان ظاهرة في باطن الأرض وعلى سطحها.
وأشارت الصحيفة إلي أنه خلال هذا الصيف، سيحدد الباحثون ما إذا كان ينبغي تسمية بحيرة كروفورد كنقطة البداية الرسمية لهذا الفصل الجيولوجي، حيث تشير الرواسب المحملة بالتلوث من الخمسينيات إلى الانتقال من البيئة التي يمكن الاعتماد عليها في الماضي إلى الواقع الجديد غير المؤكد الذي خلقه البشر.
ويقول العلماء للصحيفة إنه في غضون سبعة عقود فقط، أحدث البشر تغييرات أكبر مما فعلوه في أكثر من سبعة آلاف عام.
وأضافوا أنه لم يسبق في تاريخ الأرض أن تغير العالم بهذا القدر وبهذه السرعة. ولم يكن لدى أي نوع واحد من الكائنات مطلقا القدرة على إحداث هذا القدر من الضرر أو فرصة منع الكثير من الضرر.
ونقلت الصحيفة عن أستاذة علوم الأرض في جامعة بروك في أونتاريو، فرانسين مكارثي، والتي قادت البحث في بحيرة كروفورد: ما وجدناه في قاع هذه البحيرة يدل على أن الأرض نفسها بدأت تتغير بقواعد مختلفة، وهذا بسببنا”.
وأضافت مكارثي أن دراسة رواسب البحيرة ستكشف كثيرا من الأسرار خلال ملايين السنين الماضية، كما ستوضح كيف أدت التقلبات الهائلة في درجات الحرارة إلى زعزعة استقرار النظم البيئية ودفع العديد من أنواع الكائنات الحية إلى الانقراض.
وقالت إنه من دون اتخاذ إجراءات جذرية لدرء تغير المناخ الحديث، يمكن أن يتكرر هذا التاريخ.
وأوضحت الصحيفة أن رواسب هذه البحيرة سيستخدمها العلماء لدراسة أشكال التحول العالمي الذي حدث خلال القرون الماضية، مثل الانتقال من عصر الديناصورات إلى عصر حقب الحياة الحديثة، كما تتخللها قصة تحول القارات، وتطور الأنواع ودرجات الحرارة التي ارتفعت وانخفضت مع تذبذب مستويات الكربون في الغلاف الجوي.