مصر.. دعوة لخصخصة الأندية الرياضية وخبراء يتحدثون عن العوائق

في إطار البحث عن حلول للأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر، طالبت إحدى أعضاء البرلمان المصري بخصخصة الأندية الرياضية في مصر لزيادة مساهمتها في الاقتصاد القومي.

واقترحت عضوة لجنة الخطة والموازنة في المجلس، آمال عبد الحميد، الاثنين، خصخصة الأندية الرياضية في مصر على غرار دول العالم الأخرى، موضحة أنها تمثل عبئا كبيرا على ميزانية الدولة بحصولها على 800 مليون جنيه من موازنة الشباب والرياضة سنويا، بحسب ما جاء في موقع “صدى البلد”.

وخصخصة الأندية الرياضية في مصر يراها بعض خبراء الاقتصاد ضرورة ملحة في هذه الفترة، باعتبار أن الرياضة باتت سلعة مهمة في العديد من دول العالم، فيما حذر آخرون من هذه الخطوة في مصر باعتبار أن هناك اعتبارات سياسية وليس رياضية أو اقتصادية فقط، مطالبين بالاستثمار فقط دون اللجوء إلى خصخصة الأندية والتشجيع على إنشاء أندية جديدة.

وقال الخبير الاقتصادي، سليم أبو الفضل، لموقع “الحرة” إن خصخصة الأندية الرياضية تعني أن تُعاد ملكيتها للأفراد بدلا من الدولة، أو تحويل النادي لشركة قطاع خاص تستثمر في مجال الرياضة.

وأضاف أنه بالنسبة لمصر، ستحتاج خطوة الخصخصة إلى كثير من الوقت والدراسة، لأن الخصخصة لها بعدان سياسي واقتصادي. وأكد أنه من الناحية الاقتصادية، تُسهم الأندية الرياضية في بناء الاقتصاد، من خلال رفع كفاءة تلك النوادي من نتائج وأرباح.

وأوضح الخبير الاقتصادي أن خصخصة الأندية وإخضاعها للعمل تحت المؤسسات الخاصة من شأنه أن يُسهم بشكل فعال في جذب الاستثمارات، ويخفف العبء على خزانة الدولة، موضحا أن أوروبا بدأت منذ وقت طويل في تطبيق فكرة الاستثمار من خلال امتلاك الأندية الرياضية.

لكن أبو الفضل يرى أنه لا يزال أمام القائمين على النشاط الرياضي في مصر اتخاذ العديد من الخطوات للوصول إلى خصخصة الأندية.

وطالب بتغيير القوانين والهيكل الإداري الحاكم للأندية الرياضية في مصر، وتنويع مصادر الدخل لدعم ميزانيات الأندية، من تذاكر المباريات، والبث التليفزيوني، وزيادة مستوى الحضور الجماهيري، وغيرها من المجالات ومصادر الدخل التي يمكن استغلالها لتوفير العائد المالي المناسب الذي يمكن أن يجذب الاستثمارات.

وتحدث أبو الفضل عن معضلة أخرى ستواجه أي مخطط للخصخصة الأندية في مصر وهي الجانب السياسي، إذ إن الخصخصة تعني تحجيم دور الدولة ليقتصر على الخدمات الاجتماعية والأمن الداخلي.

وأوضح الخبير الاقتصادي أنه لنجاح خصخصة الأندية الرياضية لابد من سياسة جديدة لدور الدولة في الرياضة، لأن فكرة الخصخصة لا تتمحور فقط حول مسألة بيع أصول أو نقل ملكية، بل هي تحول سياسي واجتماعي كبير يقابله وجود قوي لدور رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص التي تستطيع استغلال الأندية الحكومية وقاعدتها الجماهيرية الكبرى في النفوذ السياسي.

واستبعد الخبير الاقتصادي أن تتقبل الحكومة الحالية أن تفقد سيطرتها على إدارة دفة الأندية الجماهيرية الكبرى المؤثرة مثل الأهلي والزمالك والمصري والإسماعيلي والاتحاد السكندري.

وتوقع أبو الفضل أن توافق الحكومة على بيع الأندية لرجال الأعمال المقربين من الحكومة، خاصة بعد الأزمة السياسية التي حدثت عندما أصبح رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية، تركي آل الشيخ، رئيسا شرفيا للنادي الأهلي في عام 2018.

وقال إن قرار آل الشيخ بعدها شراء النادي الأسيوطي وتغيير اسمه لنادي بيراميدز خطوة اعتبرها كثيرون رغبة لفرض الوجود في الرياضة المصرية.

وبدأت محاولات الحكومة المصرية لخصخصة الأندية الرياضية بعد صدور قانون الرياضة في 2017، والذي سمح للأندية الحكومية أن تصنع شركاتها الخاصة الاستثمارية للرياضة، وأعلنت بعدها الحكومة في عام 2019 نيتها طرح نادي غزل المحلة للشراكة مع القطاع الخاص، لتفتح الباب أمام الاستثمار في الأندية الرياضية.

وكجزء من برنامج الطروحات الحكومية في البورصة ولزيادة مشاركة القطاع الخاص، في 12 يونيو 2022، طرحت وزارة قطاع الأعمال أسهم نادي غزل المحلة لكرة القدم في البورصة المصرية، وأعلنت فتح الاكتتاب العام لشركة غزل المحلة لكرة القدم.

وقال الخبير الاقتصادي في شؤون الأندية الرياضية، يحيي عبدالسلام، لموقع “الحرة” إن من الصعب في الوقت الحالي خصخصة الأندية في مصر بسبب تعدد أنواع الأندية سواء أهلية أو أندية مؤسسات مثل الأندية العسكرية.

وأضاف أن “العائق القانوني ما زال هو ما يقف أمام أي محاولة للخصخصة أو الاستثمار، فالقانون يشترط عدم أحقية المستثمرين، سواء الأفراد أو الشركات في ملكية أكثر من 49 في المئة من حصة النادي، وبالتالي فإن الحصة الأكبر هي ملك للنادي، وهو ما يعني أن مجلس إدارة أي نادٍ هو صاحب القرار، وهو ما لا يشجع أي مستثمر للإقدام على أي خطوة لا يستطيع التحكم من خلالها في إدارة الأموال التي يضخها وينتظر منها جني الأرباح”.

لكن رغم كل ذلك، يرى عبدالسلام أن إمكانية خصخصة أندية كرة القدم في مصر ليس أمرا بعيدا أو مستحيلا، وأن الأمر يمكن أن يحدث مع إجراء تغييرات هيكلية في بنية وقوانين كرة القدم في مصر.

وقال إنه “لو تم تعديل القانون ووجدت بيئة الاستثمار المناسبة سيكون هناك ملاك للأندية ورؤوس أموال كبيرة، ومزيد من الإدارات ذات الكفاءة في الأندية صاحبة القاعدة الجماهيرية، وأن الكرة المصرية تملك أنديتها شعبية ضخمة، هي بلا شك تُعد عاملا مهما وجاذبا للاستثمارات، إذا هيأت الحكومة البيئة والقوانين المناسبة لذلك.

لكن من ناحيته، استبعد الخبير الرياضي ومؤسس إحدى مدارس الكرة الخاصة في مصر، سعدالدين كامل، لموقع “الحرة” أن تتقبل الجماهير المصرية شراء أي رجل أعمال أجنبي لنادي مثل الأهلي أو الزمالك، لذلك يجب ترك الأندية الشعبية دون إخضاعها لأي خصخصة، بحسب رأيه.

وتحدث كامل عن طرق بديلة تدر أرباحا على هذه الأندية وبالتالي الاقتصاد المصري، منها استعانة الأندية المصرية بشركات عالمية متخصصة في علم الإدارة من أجل إدارة شؤون النادي على ألا يتم بيع أصول النادي.

وقال إن الأندية الأوروبية الشهيرة على غرار ليفربول الإنكليزي يديرها شركات عالمية متخصصة في علم الإدارة لذلك هي ناجحة في جميع المجالات الرياضية والتسويقية وعلى مستوى الصفقات والمردود المالي.

وأضاف: “أؤيد فكرة الاستثمار في أندية الشركات مثل إنبي وبتروجيت وغزل المحلة والمصرية للاتصالات وغيرها من أجل النهوض بقطاع الرياضة”.

وتابع أنه “يجب على القائمين على الرياضة في مصر منح الفرصة للمستثمرين من أجل إنشاء أندية جديدة في مصر على غرار ما حدث في وادى دجلة وتقديم كافة التسهيلات أمامهم من أجل ظهور أندية جديدة تسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعمل على زيادة حدة المنافسة”.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى