بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، أصبح الغرب الآن أكثر اعتمادًا على دول الخليج، للحصول على النفط والغاز الطبيعي، ما يُترجم قوة أكبر واستقلالية أكبر لمجلس التعاون الخليجي، الذي حافظ على موقف محايد إلى حد كبير من الغزو ورفض الانضمام إلى العقوبات.
هكذا تحدث مدير تحرير مجلة “بلومبرج” الأمريكية إريك شاتزكر، في مقال له ترجمه “الخليج الجديد”، بعد زيارة مؤخرًا إلى الخليج، لاحظ فيها تغييرا كبيرا وشعورا بالثقة بالنفس والسلطة خلال محادثاته مع قادة الأعمال والمسؤولين الحكوميين
وبفضل الارتفاع التاريخي لأسعار النفط الخام التي صممتها “أوبك” في 15 شهرًا، منذ أن شنت روسيا حربها، فإن المنطقة لا تسبح في دولارات النفط فحسب، بل أصبحت بشكل متزايد المورد الهامشي لرأس المال الاستثماري للعالم.
ومن بين أكبر مجمعات الثروة السيادية في جميع أنحاء العالم، لا شيء ينمو بوتيرة أسرع من تلك الموجودة في دول الخليج.
ووفقًا لـ”Global SWF”، فإن جهاز أبوظبي للاستثمار، والهيئة الكويتية للاستثمار، وصندوق الاستثمار العام السعودي، وجهاز قطر للاستثمار، معًا يديرون الآن ما يقرب من 3 تريليونات دولار، بزيادة قدرها 42% عن العامين الماضيين
وبحلول عام 2030، يهدف السعوديون إلى السيطرة على أكثر من 2 تريليون دولار من الأصول من خلال صندوق الاستثمارات العامة وحده.
وفقًا للمعايير الحالية، من شأنه أن يجعله أكبر صندوق للثروة السيادية على كوكب الأرض، ويتصدر حتى صندوق استثمار معاشات التقاعد الحكومي الياباني، وبنك النرويج النرويجي، وشركة الصين للاستثمار.
وهذا هو السبب في أن الأقسام الأولى ودرجة رجال الأعمال على الرحلات الجوية من لندن وباريس ونيويورك وسان فرانسيسكو إلى عواصم الخليج العربي، مليئة دائمًا بمديري الأموال الغربيين.
ومع وجود القليل من رأس المال الجديد المتاح من المستثمرين المؤسسيين في الاقتصادات المتقدمة والسحابة المظلمة فوق الصين، يقوم العديد برحلات إلى الرياض وأبوظبي ودبي والدوحة عدة مرات في السنة، وهم ممدودون.
كما لاحظ الرئيس التنفيذي لمجموعة “بلاكستون جروب” ستيف شوارزمان، بابتسامة خلال منتدى قطر الاقتصادي الشهر الماضي، قائلا: “من الممتع التعامل مع الجميع في هذا الجزء من العالم”.
وعندما عقد محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان، مؤتمرا في ميامي بيتش قبل شهرين، استقطب فريق عمل يضم 400 من عمالقة المال والأعمال.
وفي العقود الثلاثة التي انقضت منذ رحلة شوارزمان الأولى إلى المنطقة، عُهد بالثروة السيادية للخليج العربي في الغالب إلى مديرين خارجيين مثل “بلاك ستون” و”كارلايل جروب”.
يقول الرئيس التنفيذي السابق للعمليات في شركة “سوفت بنك” مارسيلو كلور: “لقد بدأت في رؤية تحول”.
ويضيف: “رأس المال الشرق أوسطي يتجه مباشرة إلى الشركات الآن.. يريد الجميع تجنب الوسطاء ما لم يحققوا الكثير من القيمة “.
كما يشهد الرئيس المشارك السابق لشركة “بين كابيتال” ستيف باجليوكا، على هذا التحول منذ أن بدأ السفر إلى الخليج في عام 2006.
ويضيف: “تم استبدال النهج السلبي للاستثمار الذي اعتادت الممالك العربية في المنطقة على اتباعه بالحرص على المشاركة والتعلم”.
ويوضح باجليوكا، وهو الآن مستشار أول لشركة “بين كابيتال”، أثناء تناول القهوة في فندق فيرمونت الدوحة بالقول إنهم “يعلمون أن عليهم التنويع.”
وبدلاً من شراء حصص الشركاء المحدودين في الصناديق، تريد الحكومات الخليجية المشاركة في الاستثمار مع المديرين أو تجاوزهم تمامًا من خلال الاستثمار في الأعمال التجارية بشكل مباشر.
وتعد شركة “لوسيد جروب”، الشركة المصنعة للسيارات الكهربائية الفاخرة، مثالاً جيدًا على ذلك.
فقد اشترى صندوق الاستثمار العام السعودي حصة بقيمة مليار دولار في الشركة في عام 2018، وضخ المزيد من رأس المال عندما تم طرحت الشركة للاكتتاب العام في عام 2021، وهي تضخ الآن 1.8 مليار دولار أخرى لتظل أكبر مساهم فيها.
كما تقوم “لوسيد جروب”، ببناء مصنع في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، بالقرب من ميناء جدة السعودي.
ويبدو كل أسبوع أن هناك صفقة واحدة على الأقل تزيد من القوة المالية الخليجية، حيث يسعى صندوق الاستثمارات العامة السعودي على 30% من أسهم أسواق التميمي السعودية للمساعدة في تمويل توسع سلسلة البقالة في الشرق الأوسط.
ويقود جهاز قطر للاستثمار، جولة تمويل تزيد عن 250 مليون دولار، لإحدى شركة تطوير تطبيقات الأجهزة المحمولة التي تدعمها شركة “مايكروسوفت”.
كما اشترت شركة مبادلة للاستثمار في أبوظبي 70% من مجموعة “استثمار القلعة” كجزء من صفقة شراء إدارية، تقدر قيمتها بما يزيد عن 2 مليار دولار.
فيما تسعى شركة “بلاك روك” للحصول على مليار دولار من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وشركة الحسنة للاستثمار السعودية المدعومة من الدولة، ومبادلة الإماراتية وغيرها، من أجل صندوق للبنية التحتية في الشرق الأوسط.
كما ينضم صندوق الاستثمارات العامة السعودي إلى “أرامكو” وشركة “باوشان” للحديد والصلب الصينية، في مشروع بقيمة 870 مليون دولار، لتصنيع ألواح الصلب في المملكة.
بينما بدأت السعودية شركة طيران دولية جديدة “الرياض للطيران”، مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، ودخلت لاحقًا في محادثات مع “بوينج” لطلب 150 طائرة 737 ماكس.
في وقت يستعد مستثمرون قطريون لفتح عرض بقيمة 6 مليارات دولار لشراء عملاق كرة القدم الإنجليزي مانشستر يونايتد.
متابعات