على الرغم من الاستثمارات الضخمة، إلا أن جهود السعودية لمكافحة تغير المناخ وإنتاج الطاقة البديلة تواجه تحديين هما نقص التنسيق بين المؤسسات المعنية في المملكة، بالإضافة إلى أن التعاون الإقليمي في مواجهة تغير المناخ ليس ممكنا في كل الأوقات جراء قضايا بينها الحرب والإرهاب، بحسب أحمد شاهر في مقال بموقع “مودرن دبلوماسي” (Modern dippomacy) .
شاهر قال إن “المملكة من البلدان الأكثر عرضة لتغير المناخ، إذ تعاني من نقص حاد في المياه مما يشكل تهديدا لشعبها وبيئتها، وهي أيضا ضحية محتملة لارتفاع منسوب مياه البحر (زيادة 3 مم سنويا)، مع تعرض حوالي 210 آلاف شخص لخطر الفيضانات بحلول 2050”.
وأضاف أن “ارتفاع درجات الحرارة هو أيضا مصدر قلق للسعوديين، وتتوقع الدراسات زيادة ما بين 3 إلى 4.2 درجة مئوية على المدى الطويل، ووفقا لمركز أبحاث المناخ والغلاف الجوي، فإن حوالي 600 مليون شخص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معرضون لخطر الإنهاك الحراري والنوبات القلبية بسبب موجات الحرارة بحلول بداية القرن المقبل”.
وتابع شاهر: “وهطول الأمطار الغزيرة كذلك من الآثار القاتلة المحتملة لتغير المناخ في السعودية، كما يتضح من الفيضانات المفاجئة في 2009 و2018، ومن المتوقع أن يزداد هطول الأمطار في المملكة بين 23٪ و41٪ على المدى الطويل بسبب تغير المناخ، بما يفاقم المشكلات القائمة”.
وأردف أنه “نظرا لأن المملكة تعتمد على النفط في دخلها، فإن أي عوامل تؤثر عليها ستؤثر على الاقتصاد والشعب، وبسبب التغيرات في الاتجاهات، يتناقص الطلب على النفط باستمرار بسبب زيادة شعبية الطاقة الخضراء، مما تسبب في تقلب أسعار النفط منذ 2014”.
استثمارات ضخمة
و”في 2016، أعلنت السعودية عن خطط لرؤية 2030، الهادفة إلى تقليص العديد من القضايا المحيطة بتغير المناخ باستخدام الطاقات المتجددة، ولهذا تم إطلاق المبادرة السعودية الخضراء في 2016 للقضاء على الانبعاثات بحلول 2060، وتخطط المملكة لاستثمار أكثر من 100 مليار دولار لتحقيق ذلك الهدف”، وفقا لشاهر.
وأفاد بأنه “خلال السنوات السبع الماضية، استثمرت السعودية نحو 400 مليار دولار في الطاقة المتجددة، مع خطط لاستثمار 30 مليار دولار إضافية في العامين المقبلين، وكجزء من رؤية 2030، تخطط الحكومة لإنشاء مشاريع طاقة متجددة ومستدامة بقدرة 9.5 جيجاوات”.
واستطرد: “ومع ذلك، من المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة إلى 120 جيجاوات بحلول 2032، وهو أكثر بكثير مما يتم العمل عليه حاليا. وتخطط الحكومة للاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية لتحقيق متطلباتها من الطاقة والتخفيف من تغير المناخ”.
المعرفة والتعاون
شاهر قال إن “السعوديين يواجهون تحديات ومخاطر، بينها نقص في التنسيق بين مختلف مؤسسات الدولة لتنفيذ السياسات وجمع البيانات، ما يؤدي إلى فجوة في المعرفة والبيانات التي يمكن الوصول إليها، ويقود إلى صعوبة التحليل وقياس التقدم”.
وتابع: “يجب أن يكون المهنيون والأكاديميون على دراية بكثافة تغير المناخ وهذا غير ممكن بدون بيانات ملموسة تنتجها مصادر جديرة بالثقة مثل المؤسسات الحكومية”.
وأوضح أن “ذلك قد يؤدي أيضا إلى سوء تخصيص الأموال والموارد مما يعيق تحقيق المزيد من التقدم، حيث سيكون لدى صانعي السياسات صورة منخفضة الدقة لتكلفة العمليات (…)، لذلك يجب زيادة التعاون والتنسيق والتكامل لجعل البيانات متاحة بسهولة أكبر لكل من الحكومة والجمهور”.
“كما أنه ليس ممكنا مواجهة تغير المناخ فقط من خلال البرامج الوطنية، إذ تحتاج الدول المجاورة في الشرق الأوسط أيضا إلى التعاون مع السعوديين للتعامل بشكل جماعي مع هذه القضية”، بحسب شاهر.
واستدرك: “لكن هذا ليس ممكنا في كل الأوقات بسبب قضايا محلية مثل الحروب الأهلية والإرهاب والكوارث الطبيعية، وهي قضايا تهدد أي جهود نحو مستقبل مستدام وتزيد من تفاقم تأثير تغير المناخ في الشرق الأوسط”.
متابعات