الامير محمد بن سلمان يخسر أمام ماسك: «تويتر» في صفّ الأعداء
تويتر» أداة رئيسة يستخدمها بن سلمان في الترويج لـ«إنجازاته» ومشاريعه وتخوين معارضيه وقمعهم
*بن سلمان يخسر أمام ماسك: «تويتر» في صفّ الأعداء
*«تويتر» أداة رئيسة يستخدمها بن سلمان في الترويج لـ«إنجازاته» ومشاريعه وتخوين معارضيه وقمعهم
*تكتسب تويتر أهمية إضافية بوصْفها بديلاً للصحافة الحرّة الغائبة، ولكن أيضاً باعتبارها أداة ترويج وقمع بأيدي الحكّام.
*ما مغزى سؤال ماسك ردّاً على تغريدة الوليد التي رفض فيها الصفقة: «كم من الأسهم تمتلك المملكة، وما هو رأيها بحرية التعبير للصحافة؟»
*مرّة أخرى، يكون بن سلمان على الجانب الخاسر ولم يبارحه منذ تولّيه منصبه لا في حروبه العسكرية ولا نزاعاته السياسية ولا مشاريعه وصفقاته التجارية.
*آخر الخيبات استحواذ إيلون ماسك، الذي وضعه بن سلمان في صفّ أعدائه، على منصّة «تويتر» التي تملك تأثيراً سياسياً كبيراً في العالم، وخاصة في الخليج.
*الخصومة المريرة بين ماسك وبن سلمان نابعة من رفض ماسك إنشاء مصنع ضخم لسيارات “تسلا” الكهربائية بالسعودية ضمن ما يقول سعوديون إنه اتفاق بينهما قضى بتمويل السعودية الاستحواذ على الشركة.
* * *
منذ ما قبل الإعلان عن إتمام صفقة استحواذ إيلون ماسك على «تويتر»، تعاملت السعودية مع الأمر بوصفه تهديداً لها؛ ذلك أنّ وليّ العهد، محمد بن سلمان، انخرط منذ عام 2018، بشكل غير مباشر، في خلافات ازدادت عمقاً وتفاقماً مع الثريّ الأميركي. حاول ابن سلمان تخريب صفقة «تويتر» على ماسك، من خلال تأليب المساهمين بالتشكيك في السعر الذي عرضه الأخير للسهم، وهو 54.20 دولاراً، أي ما مجموعه 43 مليار دولار للصفقة كلّها.
ولم يكن السجال الذي دار بين ماسك والوليد بن طلال قبيل الإعلان عن إنجاز عملية البيع، إلا مدفوعاً من وليّ العهد؛ ذلك أن الوليد الذي يملك عبر شركة «المملكة القابضة» 5.2 في المئة من أسهم «تويتر»، لا يملك حرّيته الشخصية، ومن ضمنها حرّية التصرّف بممتلكاته منذ اعتقاله في «الريتز كارلتون» عام 2017، ومن ثمّ إطلاق سراحه ومنعه من السفر.
وهذا هو مغزى السؤال الذي طرحه ماسك ردّاً على تغريدة الوليد التي رفض فيها الصفقة، وهو: «كم من الأسهم تمتلك المملكة، وما هو رأيها بحرية التعبير للصحافة؟»، في إشارة إلى أنّ ابن سلمان يتصرّف بمُلكية الوليد لأسهم «تويتر» كما لو أنها تخصّه.
دفع ذلك الإعلامي اليميني المتطرّف، جوش سيرنوفيتش، إلى التساؤل على «تويتر»: «لماذا السعودية مهووسة بعرقلة الصفقة، ولماذا يتستّر إعلام النظام على ذلك؟»، ليردّ ماسك قائلاً: «سؤال جيّد».
وعليه، ستكون السعودية حاضرة في بال الرجل الأغنى في العالم حين يقرّر الإجراءات الجديدة في «تويتر»، وهو منذ الآن يصدر التلميحات حول نواياه بشأن الإجراءات التي تصبّ كلّها في غير مصلحة ابن سلمان؛ إذ أعلن أنه سيهزم الجيوش الإلكترونية، كما سيكافح الحسابات الوهمية.
وتُعدّ «تويتر» واحدة من الأدوات الرئيسة التي يستخدمها ابن سلمان في الترويج لإنجازاته ومشاريعه الوهمية وتخوين معارضيه وقمعهم، حيث يدير مساعداه سعود القحطاني وبدر العساكر، جيشاً إلكترونياً يضمّ آلاف الحسابات الوهمية.
فضلاً عن نفوذ داخل الشركة نفسها أتاح عبر مكتبها الإقليمي في دبي، كشْف هويّات معارضين غرّدوا بأسماء وهمية وانتهى بهم الأمر في السجون، مثل الصحافي تركي الجاسر، صاحب حساب «كشكول» المعارض والذي توفّي تحت التعذيب في السجن عام 2018، وعبد الرحمن السدحان الذي حُكم عليه بالسجن 20 عاماً و20 عاماً آخر منع سفر عقاباً على مجرّد تغريدة.
الاستياء السعودي من الاستحواذ على «تويتر»، عبّر عنه حساب «ملفات كريستوف» الذي يقول معارضون سعوديون إنّ القحطاني شخصياً يديره؛ إذ وصف الشركة بأنها ذراع من أذرع الهيمنة الأميركية، قائلاً إن «التاريخ القومي والمكانة الأمنية للشركة، أمور ثابتة غير قابلة للمساس. قد تتغيّر بعض سياسات المنصّة وقد تتوسّع في بعض المزايا والمحظورات، لكنها لن تخرج أبداً عن خطّها الأساسي».
وإذا كان هذا الموقف يتقاطع مع موقف إدارة بايدن المتوجّسة من الاستحواذ، في مقابل ترحيب جمهوري به، على رغم إعلان دونالد ترامب عدم رغبته في العودة إلى المنصّة، إلا أنّ التعليق السعودي يعكس خوف ابن سلمان من الدولة العميقة في أميركا، والتي كانت معارضة لتولّيه الحكم حتى في ظلّ رئاسة ترامب، على رغم أنّ الأخير سار عكس رغبتها، كما فعل في سياسات كثيرة أخرى.
الخصومة المريرة بين ماسك وابن سلمان نابعة أساساً من رفض الأوّل إنشاء مصنع ضخم للسيارات الكهربائية في المملكة لشركة «تسلا»، ضمن ما يقول السعوديون إنه اتفاق بين الطرفين قضى بتمويل السعودية الاستحواذ على الشركة.
وكان الثاني يصرّ على بناء المصنع ليسوّق نفسه بوصفه رجل تحديث، إلّا أن الأول اعتبر هذا المشروع عديم النفع، وفق ما كشفت عنه وثائق عُرضت في محكمة في كاليفورنيا، تتضمّن دردشة على «واتسآب» بين الثريّ الأميركي، ومحافظ «صندوق الاستثمارات العامّة السعودي» ياسر الرميان.
حينها، أطلق ماسك تغريدة يعلن فيها أن التمويل «مؤمَّن» (من السعودية) للاستحواذ على «تسلا» بواقع 420 دولاراً للسهم، لكن ابن سلمان فوجئ بأنّ ماسك لم يُشِر إلى بناء المصنع في السعودية، كما لم يتلقّ المفاوضون السعوديون أيّ التزام من الأخير حيال ذلك، فغضب وانسحب من المفاوضات كلّياً، ما سبّب مشكلة للملياردير الأميركي مع هيئة الأسواق المالية الأميركية، بالنظر إلى أنّ الإعلان عن الصفقة له تأثير على سعر السهم، وهو ما استتبع رفع دعوى قضائية من مالكي الأسهم الذين تضرّروا من الإعلان.
قد لا يستطيع ماسك نفسه السيطرة على المسار الذي ستسلكه «تويتر» تحت ملكيّته، بمعنى أنه قد يتّضح أن التحكّم بأمور مثل الجيوش الإلكترونية صعب، أو حتى مسيء للقيمة التجارية للشركة، إذا افترضنا أنه ممكن تقنياً، لكن المنصّة لن تكون على الأقلّ أداة طيّعة في يد وليّ العهد السعودي، كما هي الآن.
* حسين إبراهيم كاتب صحفي لبناني
المصدر | الأخبار