الوقود الإلكتروني في مفترق تحديات السيارات الخضراء

التجارب على محركات بورشه باناميرا وفولكسفاغن غولف أثبتت جدوى التقنية في تقليص الانبعاثات.

تثير تقنية الوقود الإلكتروني (إي-فيول) الجدل بشدة في عالم السيارات كونها تمثل بحسب البعض القشة التي يمكن لمحركات الاحتراق الداخلي التعلق بها لمواجهة طوفان السيارات الكهربائية، بينما يرى آخرون أنها مجرد ظاهرة جانبية لمسار صداقة البيئة.

ويقول مختصون إن إنتاج هذا النوع من الوقود قد يمثل مستقبل محركات الاحتراق الداخلي، وخاصة في المركبات الحديثة، إذ يمكن استعماله على سبيل المثال في السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري في محركات البنزين التقليدية كونه صديقا للبيئة.

ويتم إنتاج إي-فيول بواسطة الكهرباء التي يتم توليدها من المصادر المتجددة والمياه وثاني أكسيد الكربون من الهواء، ولا تصدر عنه أي انبعاثات ضارة أو ثاني أكسيد كربون إضافي على العكس من أنواع الوقود التقليدية.

كاي ليبر: يمكن تشغيل السيارات التقليدية دون أي تعديلات تقنيةكاي ليبر: يمكن تشغيل السيارات التقليدية دون أي تعديلات تقنية

ورغم أن احتراق هذا النوع من الوقود ليس خاليا من البقايا، إلا أنه يمكن للملايين من السيارات، الموجودة حاليا، التحول إلى استعماله والتخلص من تأثيرها الضار بالبيئة مثلما هو الحال حاليا مع ألمانيا التي تشجع على ذلك.

ومنذ العام الماضي بدأت ألمانيا إنتاج 130 ألف لتر من هذا الوقود سنويا اعتمادا على طاقة الرياح، ومع حلول 2026 من المتوقع أن يزيد الإنتاج على 500 مليون لتر كل عام.

ولا تخلو فكرة الوقود الإلكتروني من الإيجابيات والسلبيات، ويؤكد خبراء أن الجهود القائمة من أجل فتح الأبواب أمام انتشار إي-فيول ضمن إستراتيجية الحفاظ على البيئة تواجه تحديات كثيرة على رأسها التكاليف الباهظة ومن ثم عمليات التسويق.

ويرى الفريق المؤيد أنه يمكن إنتاج الوقود الإلكتروني بشكل مثالي وبطريقة محايدة لثاني أكسيد الكربون وبدون الاعتماد على المواد الخام الأحفورية، ومن ثم يتم استعماله في محركات الاحتراق الداخلي التقليدية.

وبالتالي يمكن الاستمرار في إنتاج السيارات الحالية بطريقة صديقة للبيئة، وهو ما يشجع على الاستمرار في بيع السيارات المزودة بمحركات احتراق داخلي في المستقبل.

أما المعارضون لهذه الفكرة فيرون أن التوازن المناخي للوقود يتم احتسابه بشكل جيد ومتوازن من الناحية النظرية فقط، نظرا لوجود نقص في الطاقة الإنتاجية لهذا الوقود.

واستنادا على هذا المعطى فإنه لا يمكن الوصول إلى أسعار تنافسية في المستقبل المنظور، علاوة على أن وسائل المواصلات الأخرى ستعتمد على الوقود الإلكتروني أكثر من السيارات.

وفي خضم هذه النقاشات مهدت الحكومات الأوروبية الطريق لاستخدام الوقود الإلكتروني، ولكن بشريطة الإسراع في وتيرة إزالة العثرات التي قد تعترض انتشاره على نطاق واسع.

وأوضح نادي السيارات الألماني أي.دي.أي.سي أن ميزة إي-فيول، الذي يتم إنتاجه بشكل اصطناعي، تتمثل في أنه يمكن تزويد السيارات به بدون مشكلة وبطريقة مشابهة بشكل أساسي مع طريقة التزود بالبنزين التقليدي.

وعلاوة على ذلك فإن هذه الميزة تمثل أيضا الفرق بينه وبين الوقود الحيوي، الذي يحتوي على نسبة من الإيثانول. ولا تقتصر هذه الميزة على السيارات الجديدة فحسب، بل إنها تسري أيضا على السيارات القديمة.

ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن كاي ليبر رئيس قسم التكنولوجيا بمركز مرسيدس بنز الكلاسيكي، قوله إنه “بشكل عام يمكن تشغيل السيارات التقليدية بواسطة الوقود الإلكتروني دون إجراء أي تعديلات تقنية على السيارة”.

ونظرا إلى أن الوقود الإلكتروني من المنتجات فائقة التقنية فإنه لا يحتوي على أي شوائب بسبب عملية الإنتاج الاصطناعي، والتي قد تظهر في أصناف الوقود المعتمدة على قاعدة الزيوت المعدنية.

وعادة ما يؤدي عدم وجود شوائب إلى تحسين عملية الاحتراق، ولكن الخبير الألماني حذر، قائلا “يتعين على أصحاب السيارات التقليدية في جميع الأحوال استشارة الورش الفنية المتخصصة عند استعمال الوقود الإلكتروني”.

ويحاول المختصون معرفة تأثير إي-فيول على تغير معدلات الأداء في السيارات، دون إغفال تحديد قيم الانبعاثات الضارة.

ويشير خبراء السيارات بمجلة “أوتو بيلد” الألمانية ونادي أي.دي.أي.سي إلى أنهم لم يتمكنوا من التعرف على أي اختلافات عند قيادة السيارات القياسية الحالية بواسطة الوقود الإلكتروني.

واختبروا في تجاربهم سيارة بورشه باناميرا على طول المصنع التجريبي لإنتاج إي-فيول في تشيلي، وكذلك مركبة فولكسفاغن غولف في خضم الحياة اليومية على الطرقات الألمانية.

وأكد اختبار نادي أي.دي.أي.سي أنه لا توجد اختلافات ملحوظة في الخصائص التقنية ومعدلات الأداء وخصائص القيادة، ولكن في ما يتعلق بقيم الانبعاثات الضارة فقد أكد خبراؤه أنها أقل من الوقود التقليدي.

وأظهرت النتائج أنه قد تم النزول عن القيم المحددة بكثير في جميع دورات الاختبار، حتى في دورة القيادة على الطرقات السريعة، والتي تتطلب الكثير من الاشتراطات لاختبار أي.دي.أي.سي إيكوستس.

وقد سجل الخبراء انخفاض انبعاثات أكسيد النيتروجين بنسبة 40 في المئة، إلا أن هذه القيم ليست نتيجة جماعية.

وأجرى المعهد الفرنسي آي.أف.بي.إي.أن بتكليف من خبراء النقل والبيئة دراسة أظهرت أن نتائج انبعاثات أكسيد النيتروجين في نفس مستوى الوقود إي-10 التقليدي.

كما ارتفعت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار ثلاث مرات، وظهرت نسبة الأمونيا في غاز العادم أعلى مرتين أيضا، وهو ما يزيد من خطر تكون الجسيمات.

وعندما يتم الحديث عن الوقود الإلكتروني فإنه يقصد به وقود البنزين لمحركات البنزين، ولكن هناك بديل لوقود الديزل التقليدي، والذي يعد صديقا للبيئة ويعرف باسم وقود أتش.في.أو.

ووفقا لما أعلنته شركة نيسته، والتي تعد أكبر منتج للديزل المتجدد في العالم، فإن هذا النوع من الوقود يتكون من زيوت نباتية مهدرجة، ويتم تصنيعه من أشياء كثيرة منها البقايا والنفايات مثل زيت الطعام القديم.

وتتطلب عملية التصنيع هذه طاقة أقل مقارنة بإنتاج الوقود الإلكتروني، ولكن يتعين على أصحاب سيارات الديزل توخي الحرص والحذر.

ويتطلب باستعمال وقود أتش.أف.أو التصريح لموديلات الديزل، على العكس من سيارات البنزين، وتزداد أعداد التصاريح بصورة مطردة حاليا.

وبينما يتم إنتاج وقود الديزل المتجدد بشكل صناعي، لا توجد سوى مصانع تجريبية لإنتاج الوقود الإلكتروني حتى الآن، ومنها على سبيل المثال مشروع بورشه في بونتا أريناس في تشيلي.

وأكدت الشركة الألمانية أن هذا المصنع ينتج 130 ألف لتر سنويا، وهو ما يكفي بالكاد الاختبارات والاستخدام في سيارات السباقات التابعة للشركة، ومع ذلك تخطط شركة بورشه لزيادة الإنتاج إلى 550 مليون لتر مع حلول نهاية العقد الحالي.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى