لا يبدو أن قطر ستتخلص قريبا من كابوس كأس العالم 2022. وبعد الحملات التي كانت تواجهها بسبب أوضاع العمال قبل المونديال، تعيش الآن على وقع حملات تتعلق بمن تم توظيفهم للمساهمة في إنجاح التظاهرة الرياضية العالمية الكبرى.
وظهرت تقارير وشكاوى جديدة تقول إن بعض الشركات التي استقدمت العمالة تخلّت عنهم ولم تهتم لأوضاعهم ما دفع بعضهم إلى الاحتجاج ليجد نفسه في السجن ثم على لوائح سوداء تمنع عودته إلى قطر.
وسارع آندرو ماجانجا لاغتنام فرصة العمل كفرد أمن خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر العام الماضي ليفاجأ في اليوم الأخير من البطولة بالاستغناء عنه مع حوالي 200 آخرين، وسجنه بسبب المشاركة في احتجاج يتعلق بالأجور، ثم ترحيله إلى بلده كينيا.
وفي منطقته في مومباسا بكينيا بدت حالته متواضعة ولا تعكس أنه عمل في وظائف مختلفة في قطر الغنية بالغاز لأربع سنوات، بعد أن أنفق مدخراته في الدفع لشركات التوظيف وإعالة أسرته.
وجاء في أمر ترحيل ماجانجا أن السبب هو المشاركة في “إضراب عمالي”. وجرى منعه مستقبلا من دخول قطر التي تحظر شأنها شأن دول الخليج الأخرى الإضرابات العمالية.
وقال ماجانجا (32 عاما) “لقد كانت لحظة صعبة بالنسبة إليّ، لكننا نأمل أن تأخذ العدالة مجراها”.
وأكد مكتب الإعلام الدولي في قطر أن ما يقرب من 200 موظف من شركة ستارك للخدمات الأمنية، التي تعاقدت مع ماجانجا، قد شاركوا في احتجاج في يناير الماضي.
وقال في الوقت نفسه إن قطر لا “تعتقل العمال أو ترحلهم بسبب سعيهم لحل نزاعاتهم العمالية”.
وذكر ماجانجا واثنان من زملائه السابقين أنه جرى ترحيل أكثر من 200 حارس في يناير. ووثقت منظمة إيكويديم الخيرية المعنية بحقوق العمال ترحيل 38 من أفراد الأمن السابقين في ستارك إلى كينيا والهند وباكستان ونيبال.
ووظفت ستارك ماجانجا بموجب عقد مدته ستة أشهر في أكتوبر الماضي. وخلال إنهاء التعاقد مع ماجانجا لم تلتزم ستارك بفترة الإشعار مدفوعة الأجر لمدة شهر المنصوص عليها في القانون والتي تم تبنيها عام 2020 ضمن إصلاحات تتعلق بسوق العمل.
وذكر مكتب الإعلام القطري أنه ستتم معاقبة ستارك لانتهاكها قانون العمل. ورفضت شركة استثمار القابضة وهي الشركة الأم لستارك التعليق على القضية.
وكانت جماعات حقوقية حذّرت من أن عمال الأمن معرضون بشكل خاص للانتهاكات خلال كأس العالم.
وسبق أن وصفت السلطات القطرية الانتقادات الموجهة للبلاد بأنها غير منصفة وقائمة على معلومات مغلوطة، مشيرة إلى إصلاحات قانون العمل التي تم تبنيها منذ 2018. واتهمت بعض المنتقدين بالعنصرية وازدواجية المعايير.
وطالب ماجانجا ورفاقه براتب الستة أشهر كاملة ورفضوا مغادرة السكن الذي توفره ستارك. وقال ماجانجا وآخران إن الشركة توقفت عن تقديم وجبات الطعام وقطعت الإنترنت عنهم. وتابع ماجانجا “لم يستجيبوا… فقررنا أن نتوجه إلى المكتب الرئيسي”.
وفي 23 يناير استقلوا حافلات إلى مكاتب ستارك. وقال ماجانجا إن الشرطة أوقفتهم واقتادت الحافلات إلى سجن يتم فيه احتجاز الأجانب تمهيدا لترحيلهم.
ويروي أنهم ظلوا في مهجع لمدة أسبوع، وبعد ذلك تم ترحيلهم بعد حصولهم على حوالي 450 دولارا مقابل 18 يوما عمل في ديسمبر. وقال “لقد (حاولنا) شرح قضيتنا لكن دون جدوى”.
وأشار مكتب الإعلام القطري إلى أن الدولة أطلقت “قنوات جديدة للإبلاغ عن المظالم” وهي قنوات يقول نشطاء عماليون إنها تنحاز إلى أرباب الأعمال.
وقال مصطفى القادري المدير التنفيذي لإكويديم “يعاقب العمال عن أيّ محاولة للتحرك حتى وإن كانت بطريقة بعيدة كل البعد عن القنوات الرسمية أو السياسية، والعمال يعرفون ذلك”. وتابع أن هذا “يرسل بإشارة شديد الوضوح: افعل ما يطلب منك دون أن تشكو”.