صناعة الساعات السويسرية الفاخرة تُعوّل على عودة الصينيين إلى متاجرها

تُعوِّل الماركات البارزة للساعات الفاخرة على رفع القيود الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد-19 في الصين، لضمان تحقيقها نمواً في العام 2023، ولكن بدون التسرّع في رفع التوقعات الإيجابية بسبب تأخر عودة السياح الصينيين إلى أوروبا.

وتشكّل الصين سوقاً رئيسة لشركات تصنيع الساعات التي تشارك هذا الأسبوع في معرض جنيف للساعات. إلا أن صادرات هذا النوع الفاخر من السلع تقلصت بنسبة 13.6% في العام 2022 تزامناً مع تطبيق سياسة “صفر كوفيد” وارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا خلال نهاية العام. وفي شباط/فبراير، بدأت مبيعات الساعات تشهد انتعاشاً بلغ 8.2% على أساس سنوي، على ما أظهرت إحصاءات لاتحاد مُصنِّعي الساعات.

وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس على هامش معرض “ووتشز أند ووندرز” الذي تشارك فيه 48 ماركة للساعات بينها “رولكس” و”باتيك فيليب”، يتوقع رئيس الاتحاد جان دانيال باشه أن “تستعيد الصين دينامية إيجابية”.

ومع وقف العمل بالقيود الصحية المرتبطة بالجائحة، رفع محللون ماليون كثيرون، بصورة كبيرة، توقعاتهم في شأن نمو قطاع الساعات عام 2023.
ويرون أن لمستهلكين ادّخروا مبالغ كبيرة خلال الحجر الصحي، إذ يشير محللون من مجموعة “إتش.إس.بي.سي” المصرفية إلى أرقام تقديرية بـ6600 مليار رنمينبي (نحو 959.87 مليار دولار) جرى ادّخارها في الصين مدى السنوات الثلاث الفائتة.

ويتوقع محللون من بنك “مورغان ستانلي” الأمريكي زيادة إنفاق المستهلكين الصينيين على السلع الفاخرة بنسبة 20% في العام 2023. وبحسب تقديراتهم، ساهم محبّو السلع الفاخرة في الصين بنحو 60% من نمو هذا القطاع بين عامي 2000 و2019.

وكان نحو ثلاثة أرباع إنفاقهم يتم في عمليات شراء خارج الصين، ما يمثل ثروة مالية للمتاجر الفاخرة في أوروبا، مع العلم أنهم اعتادوا على شراء المنتجات من الصين منذ جائحة كوفيد-19.

وفي مؤتمر صحافي من معرض الساعات، أبدى مسؤولون من مجموعة “ريشموند” السويسرية العملاقة حذراً. ويقول سيريل فينيورون، رئيس “كارتييه”، الماركة الأبرز للمجموعة “نلاحظ أنّ الزبائن عادوا إلى المتاجر مع رغبة كبيرة في شراء المنتجات”، مشيراً إلى أن “تغيّر مسار سوق مهمة كهذه يؤثّر على آسيا برمّتها”.

إلا أنّ التنبؤ بتطوّر السوق على المدى القصير لا يزال صعباً، بحسب بوركهارت غروند، المدير المالي لـ”ريشموند”، رغم أنه يظهر “تفاؤلاً في ما يخص الصين على المدى المتوسط”.

ويلاحظ تسجيل “مستوىً جيد من النشاط خلال العام الصيني الجديد” وكذلك في هونغ كونغ وماكاو، في انتعاش يمتد إلى “تايلاند

واليابان وأستراليا”، مع “مؤشرات أولى” إلى عودة السائحين الصينيين إلى دبي. ويقول “لكنّنا لم نلاحظ حتى اليوم عودتهم إلى أوروبا”.
ولا يشكك غيوم دو سان، أحد المسؤولين في دار “إرميس” المتخصصة في السلع الجلدية الفاخرة كما أنها تصنع ساعات، بوجود رغبة لدى الزبائن الصينيين في العودة إلى فرنسا وأوروبا. ويقول في حديث إلى وكالة فرانس برس “إلا أنّ الرحلات إلى فرنسا لا تزال محدودة”.

وراهناً، يتمحور أبرز هدفين لـ”إرميس” التي تعرض أحدث ساعاتها في جنيف، على “توسيع حجم” متاجرها و”التوسع تدريجاً” في السوق الصينية من خلال افتتاح متجر واحد سنوياً “في مدينة جديدة”، بحسب غيوم دو سان.

وكانت الدار قد افتتحت في كانون الثاني/يناير متجراً في نانجينغ ليرتفع عدد متاجرها في الصين إلى27 محلّاً.

وفي لوسيرن التي تُعتبر الوجهة السياحية الأولى في سويسرا، تأمل دائرة السياحة في عودة السائحين الصينيين إلى المنطقة “خلال الصيف أو نهاية الربيع”، بحسب ما تتيحه “التأشيرات وما تستوعبه الرحلات إلى سويسرا”، على ما يقول لوكالة فرانس برس ناطق باسم سلطات المدينة التي يشكل زيارة متاجر الساعات نشاطاً سياحياً أساسياً فيها.

ويقول أنطوان بان، مدير قسم الساعات في دار “بولغاري” التابعة لمجموعة “إل.في.إم.إتش” للسلع الفاخرة “سنشهد في المرحلة الأولى زبائن أثرياء يصلون من الصين لأنّ تذاكر السفر باهظة الثمن”.

أما المحلل في شركة “كيبلر شوفرو” جون كوكس، فيتوقّع في حديث إلى وكالة فرانس برس “عاماً قوياً جداً” للماركات التي “لديها شبكة توزيع في الصين”

ويضيف “لكنني لست واثقاً من نتائج الماركات التي تعتمد على عودة الصينيين إلى أوروبا، لأن تسجيل معدلات مشابهة لتلك التي كنّا نشهدها قبل الجائحة سيستغرق وقتاً”.

من جهة ثانية تحرص دور صناعة الساعات الفاخرة على مواكبة الزمن من خلال وسائل عدة، منها تطبيقات على الشبكات الاجتماعية كـ”سنابتشات” وإتاحة الدفع بواسطة عملة بيتكوين المشفّرة، سعياً منها إلى جذب المراهقين المنتمين إلى “الجيل زي” والشباب من “جيل الألفية”، وجعلهم محركاً قوياً لنمو هذا القطاع.

ويهتم أبناء “جيل الألفية” المولودون بين عامي 1980 و1997 وأبناء “الجيل زي” المولودين بين عامي 1997 و2010 في عمر مبكر بالماركات الفاخرة، ومن المُتَوقَّع أن يزيد إنفاقهم ثلاث مرات أسرع من الأجيال الأخرى بحلول سنة 2030، بحسب دراسة أجراها الاتحاد الإيطالي للماركات الفاخرة “ألتاغامّا” وشركة “باين أند كومباني” الاستشارية.

وفي معرض “ووتشز أند ووندرز” الذي تشارك فيه 48 من أبرز ماركات الساعات والذي انتهى أمس الأحد في جنيف، أدرك صانعو الساعات السويسريون جيداً هذا المنحى.

وشدد جان- فريديريك دوفور، رئيس شركة ساعات”رولكس” في مؤتمر صحافي خلال المعرض على أهمية أن تُبيّن الشركات “مرة واحدة سنوياً أن وضع الساعة لا يزال على الموضة بل إنه أمر يناسب جيل الشباب”، معتبراً أن على القطاع جذب هذا الجيل “الذي يرى كل شيء من خلال الشاشات”.

رأى جان فيليب بيرستشي، المحلل في شركة ” فونتوبل”، في دراسة أن “هذا الجيل الشاب، خلافاً للاعتقاد السائد، يتمتع بقوة اقتصادية أكبر من الأجيال السابقة”. وأضاف “إنهم يكسبون أكثر، ويدخرون أكثر ويستثمرون في سن مبكرة”.
وقدّر بـ”أكثر من 80 الف مليار دولار بينها نحو 73600 مليار دولار في الولايات المتحدة وحدها” قيمة الأموال والممتلكات التي ستنتقل إلى “جيل الألفية” و”الجيل زي” خلال العقدين المقبلين.

وقال إدوار ميلان، رئيس دار “آش موزير”، لوكالة فرانس برس أن فئة من الزبائن “أصغر سناً وأكثر تعلقاً بالتقنيات الرقمية” تبرز في آسياً حيث الثروات الكبيرة.

وأفاد بأن مصدر “أكثر من 50 في المئة من المبيعات في الصين” هو “الجيل زي” و”جيل الألفية”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى