دبلوماسية الدراما تعيد علاقات سوريا مع السعودية على الشاشات
كسر مسلسل “مع وقف التنفيذ” قطيعة الشاشات السعودية لانتاجات سورية تتناول النزاع الدامي في البلاد، ليكون بذلك أول مسلسل يروي قصصاً من الحرب تعرضه قناة “إم بي سي” منذ قطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق.
خلال الفترة الماضية، ظهرت بوادر عدة تشير إلى انفتاح خليجي تجاه سوريا، أبرزها استئناف العلاقات بالكامل بين دمشق والإمارات المتحدة، حليفة الرياض، التي دعت خلال سنوات الحرب الأولى إلى الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد واستضافت مجموعات معارضة لديها، إلا أنها لم تتخذ أي خطوات لإعادة العلاقات المقطوعة منذ 2012.
بعدما كانت الدراما السورية تلقى رواجاً واسعاً وتتصدّر الشاشات العربية خصوصاً خلال شهر رمضان، لجأت الشاشات السعودية بعد اندلاع النزاع إلى عرض مسلسلات عربية مشتركة، شاركت فيها مروحة واسعة من الممثلين السوريين.
واكتفت قناة “إم بي سي” بمواصلة عرض مسلسلين من إنتاجها بينهما “باب الحارة” الذي يعرض حالياً الجزء الثاني عشر منه ويلقى متابعة عالية. وابتعدت تماماً عن شراء أو بثّ مسلسلات ذات طابع اجتماعي تتطرق بشكل مباشر أو غير مباشر إلى النزاع الدائر في البلاد.
ويقول مُخرج مسلسل “مع وقف التنفيذ” سيف السبيعي “هذا أول عمل اجتماعي سوري بالكامل يُعرض على محطة سعودية” منذ العام 2011 بعد التوقف عن بث إنتاجات سورية “جراء أسباب سياسية ربما، ونتيجة التطورات التي مرّت بها المنطقة في تلك الفترة”.
وتعرض قناة “إم بي سي” ومنصّة “شاهد” التابعة لها المسلسل الذي جرى تصويره في منطقة وادي بردى قرب دمشق وتدور أحداثه حول عودة الأهالي إلى إحدى ضواحي دمشق بعد سنوات من النزوح.
بينما يتجمع عدد من الأهالي حول فريق العمل ويلهو أطفال قرب سيارات مُحترقة تُستخدم في التصوير، يأمل السبيعي أن “تشكّل عودة الدراما الاجتماعية اختراقاً وتعاطياً جديداً من قبل القنوات الخليجية مع المسلسلات السورية”.
كسر “قيود”
والمسلسل من كتابة علي وجيه ويامن الحجلي، وإنتاج شركة إيبلا الدولية. ويؤدّي دور البطولة فيه عدد من الممثلين البارزين كغسان مسعود وعباس النوري وسلاف فواخرجي وشكران مرتجى.
لا يخفي الحجلي سعادته بعرض المسلسل على “واحدة من أهم منصّات العرض في العالم العربي”. ويقول “جماهيرية قناة مثل إم بي سي واسعة، وعدد مشاهديها كبير جداً، ما يحقق انتشاراً محترماً للعمل”.
ويضيف “عانينا من قطيعة الدراما السورية طوال سنوات، وأتمنى أن يتم التعاطي مع الفن على أنه فن” من دون ربطه بالسياسة.
قبل سنوات الحرب، حققت الدراما السورية قفزات نوعية. لكنّها سرعان ما فقدت بريقها لاحقاً خصوصاً بعد العزلة جراء تراجع الإنتاج والمقاطعة من جهة وهجرة العديد من الممثلين والتقنيين خصوصاً إلى مصر والإمارات.
وكانت جامعة الدول العربية علقت عام 2012 عضوية سوريا. وقطعت دول عربية عدة، أبرزها الإمارات والسعودية، علاقاتها مع دمشق، فيما أبقت أخرى بينها الأردن على اتصالات محدودة بين الطرفين. وشكّلت سلطنة عمان استثناء بين الدول الخليجية.
بعد عزلة طويلة، برزت خلال الفترة الماضية مؤشرات انفتاح عربي تجاه دمشق، توّجتها الشهر الماضي زيارة الأسد المفاجئة إلى الإمارات لتكون أول زيارة يجريها إلى دولة عربية منذ بدء النزاع.
ويُعرض خلال موسم رمضان الحالي، على شاشات محلية وعربية، نحو عشرين مسلسلاً سورياً، بينها الاجتماعي والدرامي والتاريخي والكوميدي.
ويرى الباحث الدرامي والصحافي بديع صنيج أن الدراما “سبقت السياسة في فتح صفحة جديدة من العلاقات”، مؤكداً أن “إعادة التواصل بين الدراما السورية والقنوات العارضة الخليجية سيعود بالفائدة على الطرفين”.
وتؤشر عودة الإنتاجات السورية إلى قناة “إم بي سي”، وفق صنيج، لقرب “عودة أواصر العلاقة السورية السعودية درامياً، وحلحلة ما فرضته السياسة من قيود على الفن”، وهو ما “سيصبّ في مصلحة جميع العاملين في الحقل الدرامي على الصعيد المادي أيضاً”.
ويشدد منتج المسلسل أحمد الشيخ على أنّ “القنوات الخليجية داعم أساسي لأي صناعة درامية”.
ويضيف “نحن في أول الطريق مجدداً ونأمل بالاستمرارية”.
ميدل ايست