اليمن.. كيف نقرأ نتائج الجولة السابعة من مفاوضات ملف الأسرى والمحتجزين؟

اختُتمت الجولة السابعة من مفاوضات ملف الأسرى والمحتجزين والمعتقلين بين طرفي الصراع في اليمن، اليوم الإثنين، بنتائج انتزع فيها الحوثيون النسبة الأكبر من الأسرى الذين سُيفرج عنهم بعد ثلاثة أسابيع، إذ وقّع المفاوضون على الإفراج عن 887 أسيرا ومعتقلا، كان للحكومة 181 أسيرا ومعتقلا منهم قادة عسكريون وأربعة صحافيين محكوم عليهم بالإعدام و16 سعوديا و3 سودانيين، مقابل إطلاق 706 أسرى للحوثيين.

وذكر خبر وكالة الأنباء الحكومية أن من بين الأسرى والمعتقلين المفرج عنها اللواء ناصر منصور هادي، واللواء محمود الصبيحي، وعدد من أبناء عضو مجلس القيادة الرئاسي العميد طارق صالح ونائب رئيس الجمهورية السابق علي محسن صالح، “كمرحلة أولى يتبعها مراحل أخرى وصولاً إلى الإفراج الكلي على أساس قاعدة الكل مقابل الكل”.

وذكر وكيل وزارة حقوق الإنسان عضو الوفد التفاوضي الحكومي، ماجد فضائل، أن الاتفاق تضمن أيضا “الصحافيين الأربعة المحكوم عليهم بالإعدام، وعددا من القادة العسكريين والمدنيين، والعشرات من المحكومين، وعددا من أسرى تحالف دعم الشرعية في اليمن”.

وفي بيان صادر عن وزارة الخارجية، رحبت الحكومة، في وقت لاحق، اليوم، “بنتائج الاتفاق بين الوفد الحكومي والحوثيين، والذي أسفر عن إطلاق سراح 887 أسيراً ومختطفاً من الطرفين منهم 181 لصالح الحكومة والتحالف بينهم اللواء محمود الصبيحي واللواء ناصر هادي، ومحمد محمد عبدالله صالح، وعفاش طارق صالح والصحافيون الأربعة، و19 من التحالف”.

وشدد البيان “على ضرورة السماح بالزيارات المتبادلة للجميع دون استثناء وعلى رأسهم مَن تبقى من المشمولين بقرار مجلس الأمن رقم 2216، وضرورة الكشف عن مصير المخفيين قسريا”. فيما أوضح تصريح رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى (الحوثية)، عبد القادر المرتضى، أن مفاوضات هذه الجولة انتهت بالاتفاق على “صفقة تبادل تشمل 706 من أسرانا مقابل 181 من أسرى تحالف العدوان بينهم سعوديون وسودانيون، تنفذ بعد ثلاثة أسابيع”.

بالنظر على نتائج مفاوضات هذه الجولة، التي عُقدت في سويسرا لمدة عشرة أيام، برعاية الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، فإنها لم تأت وفقًا لاتفاق مارس/آذار 2022 الذي ينص على إطلاق 2223 أسيرا، كما لم تأت وفقا لاتفاق ستوكهولم 2018، الذي ينص على مبدأ (الكل مقابل الكل)، لكن في كل الأحوال توحي النتائج بتأثير واضح للاتفاق السعودي الإيراني مؤخرا بالنظر للخلافات التي كانت قائمة بين الطرفين خلال المفاوضات.

مخيبة للآمال

يرى الباحث السياسي اليمني، عادل دشيله، أن “هذا الاتفاق كان متوقعًا بناء على التقارب السعودي الإيراني الأخير، لكن النتائج جاءت مخيبة للآمال، وإن كان تم إطلاق بعض المختطفين وبعض القادة العسكريين، وهؤلاء ليسوا أسرى حرب.. هؤلاء مختطفون، وتمت مبادلتهم بأسرى حرب، أما بعض القوات المحسوبة على السعودية والسودان فهؤلاء أسرى حرب بكل تأكيد”.

واستغرب “أن يتم إطلاق مجموعة كبيرة من أسرى الحوثيين مقابل صحافيين لا ذنب لهم إلا أنهم اختاروا مهنة الصحافة”.
لكنه أشار إلى أن هذا الاتفاق تم برضا الأطراف الموقعة، وبضغط من الأطراف الإقليمية الداعمة للقوى المحلية ممثلة في السعودية وإيران، معتبرا أن القوى المحلية “كانت جاهزة للتوقيع”.

واعتبر التنازل الذي قُدم للحوثيين في هذه المفاوضات “يأتي في إطار التنازلات الأخرى التي قُدمت للجماعة، كي تأتي إلى طاولة الحوار. هذا التنازل ليس الأول ولن يكون الأخير. هناك عدة تنازلات قُدمت للجماعة منذ اتفاق ستوكهولم حتى اللحظة”.

ماذا بعد هذا الاتفاق؟

يبقى السؤال الأهم: ماذا بعد هذا الاتفاق، وهل ستتلوه اتفاقات أخرى بمؤشر إيجابي أعلى؟

يقول دشيله “أعتقد بعد هذا الاتفاق قد يحدث نوعًا من التفاوض بين جماعة الحوثيين والحكومة برعاية إقليمية، وستضغط إيران على الحوثيين للجلوس على طاولة المفاوضات”.

لكنه تساءل: ما هي صيغة هذه المفاوضات، وعلى ماذا سيتم التفاوض، وهل سيتم التفاوض على أساس الحفاظ على هوية الدولة الوطنية اليمنية وسلامة ووحدة وسيادة الأراضي اليمنية، أم سيتم التفاوض على تقاسم السلطة ونسيان الماضي وكل الجرائم التي اُرتكبت بحق الأبرياء من أبناء اليمن؟.

وفي سياق الإجابة على التساؤلات السابقة، يعتقد دشيله أن “هذا الاتفاق قد يكون مقدمة لعمل تفاوضي كبير في المستقبل، ولكن لا يمكن أن يُعلق عليه الآمال للوصول إلى تسوية سياسية شاملة وعادلة بناء على المعطيات الحالية”.

ومضى يقول “علينا أن ننتظر عندما ندخل في الملف السياسي والعسكري، عندئذ نسأل؛ كيف ستكون الصفقة؟ هل سيتم الاعتراف بالأمر الواقع والدخول في تسوية سياسية دون نزع سلاح الجماعات المسلحة شمالا وجنوبا؟”.

وأردف: “كل ما نخشاه ونتخوف منه أن ندخل في عملية سياسية وتفاوض مستقبلي بلا ملامح ومرجعيات قانونية؛ وبالتالي ندخل مرحلة التيه والتفاوض غير المحسوم”.

واستدرك متسائلا:” لكن حتى لو تم التفاوض في المستقبل، وتم الوصول إلى تسوية سياسية؛ كيف سيكون شكل الدولة والحكومة القادمة؟ هل ستكون الحكومة مجرد حكومة مسؤولة أمام الشعب اقتصاديا وأمنيا واجتماعيا منزوعة القرار السياسي والقوة العسكرية، فيما تبقى الجماعات محتفظة بالسلاح؟ أقصد جماعة الحوثيين والمجلس الانتقالي”.

السيناريو اللبناني

وتطرق إلى خطورة ما اعتبره أي تسوية سياسية تتم مع احتفاظ الجماعات المسلحة بسلاحها؛ وهو قد يجعل اليمن تشهد تكرارا للسيناريو اللبناني، وفق ما ذهب إليه.

يقول: “إذا وصلنا إلى تسوية سياسية، وبقي السلاح بيد الجماعات؛ فإن السيناريو اللبناني سيتكرر بحذافيره في اليمن، وبالتالي هذا سيؤثر على مستقبل الدولة الوطنية، وعلى مستقبل البلد السياسي والأمني والاقتصادي، وهو ما لا نتمناه ونخاف منه”.

ويضيف: “لا نريد أن يتكرر السيناريو اللبناني، القائم على المحاصصة المناطقية والأيدلوجية. نريد أن يكون هنا حلا سياسيا عادلا للأزمة في اليمن يحافظ على مصالح جميع الأطراف. لكن لا يبدو أن ذلك سيتحقق في ظل المعطيات الحالية. مصالح القوى الإقليمية سيتكون الأساس، بينما مصالح اليمنيين لن يتم التركيز عليها؛ وهذا الأخطر!”.

الجدير بالإشارة إلى أن آخر صفقة تبادل أسرى تم توقيعها وتنفيذها بين الطرفين تمت في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وتم خلالها إطلاق سراح 1056 أسيرا.

إلى ذلك، أعرب المبعوث الأممي لليمن، هانس غروندبرغ، في تصريح للصحافيين، عن سعادته باتفاق الأطراف على خطة تنفيذية للإفراج عن 887 محتجزا. وقال “أنضم لمئات الأسر اليمنية في تطلعنا لتنفيذ العاجل والسلس لعمليات الإفراج. اليوم هو يوم سعيد لمئات العائلات اليمنية”.

وأضاف “لا يحظى اليمن بالكثير من الأيام الجيدة بالقدر الذي يستحقه”، مهنئا جميع المشاركين في هذا الإنجاز. وقال “لا يزال هناك الكثير من الذي يتعين القيام به”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى