في يومها العالمي.. خبراء يعرفون السعادة ويتحدثون عن “ركائز الوصول إليها”

يختلف مفهوم السعادة بين الأفراد، ومع التطور التكنولوجي وحلول مواقع التواصل الاجتماعي في الحياة اليومية، بات المتصفحون على الإنترنت يرون أشكالا مختلفة من الأنشطة لدى آخرين يعتقدون أنها تؤمن السعادة.

ولا تزال النظرة إلى المال هي نفسها على أنه سبيل يوصل الإنسان إلى هذه الحالة، وتُدخل برامج تابعة للأمم المتحدة عناصر عدة لقياس السعادة منها نصيب الفرد من الناتج المحلي والحرية ووجود الدعم، وكثيرا ما تحل الدول الفقيرة في أدنى التنصيف مثل أفغانستان ولبنان.

ومع حلول اليوم الدولي للسعادة في 20 مارس، ما هو المفهوم الحقيقي لهذا الشعور حسب علم النفس؟ وكيف يقاس؟

منذ 2013، تحتفي الأمم المتحدة باليوم الدولي للسعادة على اعتبار أنه سبيل للاعتراف بأهمية السعادة في حياة الناس في كل أنحاء العالم، حسب ما تذكر على موقعها الإلكتروني.

وحددت الجمعية العامة بموجب قرارها في 12 يوليو 2012، يوم 20 مارس بوصفه اليوم الدولي للسعادة وذلك اعترافا منها بأهمية السعادة والرفاه بوصفهما قيمتين عالميتين مما يتطلع إليه البشر في كل أنحاء العالم، ولما لهما من أهمية في ما يتصل بمقاصد السياسة العامة.

وضمن الإطار، تشير المعالجة النفسية والاختصاصية في التقييم النفسي، ماري شاهين، في حديث لموقع “الحرة” إلى أن “السعادة هي حالة نفسية تعطي الإنسان الشعور بالراحة والقوة والغياب عن الهموم والقلق، وتكون إفرازات الإنسان الدماغية مساهمة بهذا الشعور”، مشيرة إلى أن السعادة تؤمن لصاحبها الراحة النفسية والجسدية.

ومن خلال الملاحظة والإحصاءات يتبين أن الناس الأغنياء ممكن أن تؤمن حاجاتها ورفاهيتها، مثل شراء سيارات فخمة ومنازل والسفر إلى بلدان عدة للسياحة، ولكن يبقى شعور النقص بداخلهم ، لذلك ترى أن “السعادة هي شعور بالاكتفاء، وأن الفرد سعيد بما يملك”، وفق شاهين.

وتضرب شاهين مثلا بالكثير من الأشخاص الذين يحاولون إيجاد السعادة والراحة من خلال التسجيل في مراكز رسم أو الرياضة أو السفر والسهر ومشاركة هذه اللحظات مع الآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن شعور النقص يبقى بداخلهم، لذلك فإن السعادة لا تأتي من خلال هذه الطرق.

وتشير إلى أهمية عنصر “الاكتفاء” عند الفرد، حيث تقول “من لا يكتفي لا يشعر بالسعادة، لأنه سيظل قلقا في كيفية تأمين المزيد”.

وتوضح أن “المال يريح الإنسان بجزء معين من حياته، وينسى مشاكله لفترة معينة من خلال الأنشطة التي ممكن أن يقوم بها، لكن بعد ذلك يعود إلى واقعه”.

وتشير شاهين إلى أن “أكثر الأشخاص الذين لديهم أموال يلجؤون إلى وسائل عدة لنسيان همومهم ومشاكلهم، لذلك على الصعيد العلمي لا نربط السعادة بالمال، ولكن نربطها في مدى معرفة الإنسان بطريقة الحصول على ما يريد”.

وتشدد على أن “السعادة لا تكون بغياب التعب”، موضحة أن “الشخص يلمس سعادته عندما يتمكن من الذهاب إلى عمله من دون تذمر، ويكون لديه شغف دائما لتحقيق طموحاته، ويفرح دائما في الاجتماع بعائلته وفي منزله”.

وفي حين أن السعادة لا تنفصل عن تأمين الإنسان لحاجاته الأساسية من مأكل ومشرب ومسكن وملبس والنظافة والصحة، فذلك يخفف القلق ويطمئن الإنسان، إلا أن ذلك ليس سوى المرحلة الأولى من السعادة، حسب شاهين.

من جهتها تلفت الاختصاصية النفسية والاجتماعية، ريما بجاني، في حديث لموقع “الحرة” إلى أن السعادة هي “اعتباطية ومرتبطة بالإنسان”، بمعنى أن كل شخص يخلق سعادته الخاصة.

وتعتبر بجاني أن سعادة الشخص قائمة على أربع ركائز أساسية هي العلاقات العائلية والعاطفية والاجتماعية والمهنية.

وذلك كون الإنسان ينضج من خلال عائلته التي تكون له المفهوم الحقيقي للرضا والسعادة، حسب بجاني، التي تشرح أن السعادة لا نصل إليها بشكل فوري إنما عبر مراحل من خلال تحقيق الأهداف تدريجيا على الصعد المذكورة سابقا.

وتلف بجاني أيضا إلى دور الهورمونات بالتحكم بالمشاعر التي تغذيها أنشطة يومية، والسعادة يمكنها أن تتغذى من خلال الأنشطة الجسدية والترفيهية والتواصل مع المجتمع وغيرها. وتختلف السعادة حسب العمر، مع تقدم الشخص بالنضج واختلاف نظرته للحياة.

ويذكر أن تقرير مؤشر السعادة العالمي للعام 2023 والذي يصدر عن شبكة التنمية المستدامة التي أطلقتها الأمم المتحدة، يأخذ في الاعتبار عوامل عدة مثل متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا المؤشر يعطي معلومات عن الوضع الاقتصادي في البلد، إضافة إلى الوضع الاجتماعي للفرد ووجود شخص ما ليعتمد عليه، وكذلك مؤشر الصحة والعمر المتوقع، وحرية اتخاذ القرارات، والكرم والانخراط في الأعمال التطوعية، هذا فضلا عن انخفاض الفساد، وفق ما جاء في مقدمة التقرير.

وحسب التقرير فإن السعادة العالمية لم تتضرر في السنوات الثلاث بعد انتشار وباء كورونا.  وضمن الإطار يشير هيليويل إلى أن “المشاعر ظلت إيجابية رغم الظروف الصعبة”.

وجاءت فنلندا للسنة السادسة على التوالي في المركز الأول من التقرير، وتلتها الدنمارك وأيسلندا وإسرائيل وهولندا والسويد والنرويج ثم سويسرا ولوكسمبورغ ونيوزيلندا.

أما النمسا فحلت رقم 11، وأستراليا جاءت رقم 12، وكندا رقم 13، وأيرلندا بالمركز 14، والولايات المتحدة رقم 15.

ولا يزال لبنان وأفغانستان الأكثر تعاسة، حسب ما جاء في مقدمة التقرير، وحلت أفغانستان بالمرتبة 137 أما لبنان فجاء بالمركز 136.

وحلت الإمارات في الصدارة عربيا وبالمركز 26 عالميا من حيث مؤشر السعادة (6.571) بعد أن كانت خلال العام 2022 بالمركز الثاني عربيا و24 عالميا مع مؤشر (6.576)، وتلتها السعودية بالمركز الثاني عربيا و30 عالميا مع مؤشر (6.463)، بعد أن كانت الثالثة عربيا وبالمرتبة 25 عالميا مع مؤشر (6.523) خلال 2022.

ثم جاءت البحرين الثالثة عربيا وبالمرتبة 42 عالميا مع مؤشر (6.173)، ليكون ذلك انخفاضا من مرتبتها الأولى عربيا خلال العام 2022 و21 عالميا مع مؤشر (6.647) حينها.

وفي المرتبة 98 عالميا أتى العراق وبعده الأراضي الفلسطينية ثم المغرب وموريتانيا.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى