أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جريمة حرب على خلفية الحرب في أوكرانيا.
لكن هل يعني ذلك أن الرئيس الروسي، المتهم على خلفية ترحيل أطفال أوكرانيين بشكل غير قانوني، سيحاكم في لاهاي؟
كيف يمكن أن يحدث ذلك؟
يتعيّن على الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية تنفيذ مذكرتَي التوقيف بحق بوتين والمفوضة الرئاسية الروسية لحقوق الأطفال ماريا لفوفا-بيلوفا إذا سافرا إليها.
وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان لوكالة فرانس برس عندما سئل عما إذا كان بوتين سيُعتقل إذا وطأت قدماه أيا من تلك الدول البالغ عددها 123 “هذا صحيح”.
لكن رغم أن ذلك القرار سيصعّب السفر على بوتين، فإن المحكمة ليس لديها شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامرها، وتعتمد كليا على تعاون الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية.
ونادرا ما تقوم الدول الأعضاء بتنفيذ مذكرات التوقيف، خصوصا عندما يتعلق الأمر برئيس دولة على غرار بوتين.
على سبيل المثال، تمكّن الرئيس السوداني السابق عمر البشير من زيارة عدد من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية بما فيها جنوب إفريقيا والأردن رغم أن المحكمة كانت قد أصدرت مذكرة توقيف ضده.
ورغم إطاحته في العام 2019، لم يسلّمه السودان.
وأشار الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة كولومبيا ماثيو واكسمان إلى أنها كانت “خطوة مهمة للمحكمة الجنائية الدولية، لكن الاحتمالات ضئيلة في أن نرى بوتين موقوفا”.
ما هي العقبات الرئيسية؟
أولا وقبل كل شيء روسيا، مثل الولايات المتحدة والصين، ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية.
تمكّنت المحكمة الجنائية الدولية من توجيه اتهامات إلى بوتين لأن أوكرانيا قبلت صلاحيتها بشأن الوضع الحالي، علما أن كييف ليست عضوا فيها أيضا.
لكن موسكو رفضت مذكرات التوقيف ضد بوتين بشكل قاطع.
ولا تسلّم روسيا مواطنيها تحت أي ظرف.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن روسيا “لا تعترف بصلاحية هذه المحكمة، وبالتالي من وجهة نظر قانونية، فإن قرارات هذه المحكمة باطلة”.
وقّعت روسيا قانون روما التأسيسي للمحكمة لكنها لم تصادق عليه لتصبح عضوا فيها، ثم سحبت توقيعها بأوامر من بوتين في العام 2016 بعدما أطلقت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في حرب 2008 في جورجيا.
وقالت الأستاذة المساعدة في القانون الدولي العام في جامعة ليدن سيسيلي روز، إنه من غير المرجح أن ينتهي المطاف ببوتين في قفص الاتهام بسبب جرائم حرب “ما لم يتغيّر النظام في روسيا”.
هل سبق أن واجه مسؤولون رفيعو المستوى العدالة؟
تمت محاكمة العديد من القادة السياسيين والعسكريين بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وفق كريم خان.
وقال “هناك الكثير من الأمثلة عن أشخاص اعتقدوا أنهم فوق القانون… وجدوا أنفسهم في المحاكم. انظروا إلى سلوبودان ميلوسيفيتش (الرئيس اليوغوسلافي السابق) وتشارلز تايلور (رئيس ليبيريا السابق) ورادوفان كارادجيتش (رئيس جمهورية صرب البوسنة السابق) وراتكو ملاديتش (قائد سابق في جيش جمهورية صرب البوسنة)”.
دانت المحكمة الجنائية الدولية تايلور في 2012 بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وتوفي ميلوسيفيتش في زنزانته في لاهاي عام 2006 أثناء محاكمته بتهمة الإبادة الجماعية في محكمة جرائم الحرب اليوغوسلافية.
وأوقف كارادجيتش في العام 2008 ودين بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، فيما سجن قائده العسكري ملاديتش في العام 2011 وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
هل هناك خيارات أخرى؟
لا تستطيع المحكمة الجنائية الدولية محاكمة المشتبه بهم غيابيا، لكن خان أوضح أن المحكمة لديها وسائل أخرى للمضي قدما ببعض القضايا.
وذكر قضية حديثة طلب فيها من القضاة عقد جلسة استماع لتأكيد التهم الموجهة إلى جوزيف كوني، زعيم “جيش الرب للمقاومة” الذي شن تمردا داميا في أوغندا، رغم أنه ما زال طليقا.
وأضاف خان أن “هذه العملية قد تكون متاحة لأي حالة أخرى، بما فيها الحالة الراهنة” المتعلقة ببوتين.
متابعات