موائد الإفطار باليمن بلا أطعمة بعد زيادة معدلات الفقر والحرب
أصناف كثيرة من الطعام لم يعد لها وجود على موائد الإفطار في اليمن، جراء زيادة معدلات الفقر وارتفاع الأسعار وحالة الدمار التي خلفتها الحرب في البلاد.
فلم يعد بمقدور ملايين اليمنيين تلبية احتياجاتهم الأساسية من الطعام والشراب والمسكن، لا سيما في ظل انقطاع رواتب الموظفين وارتفاع معدلات البطالة وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
وخلت موائد رمضان من الوجبات والأطباق التي اعتاد عليها اليمنيون قبل سنوات الحرب، السبع والتي جعلت من اللحوم والأسماك والفاكهة ليست بالأمر اليسير في البلد العربي المأزوم.
موائد فارغة
تقول “ابتسام محمد”، موظفة حكومية، لـ”الأناضول”: “لم يُعد باستطاعتنا توفير أدنى احتياجات ومتطلبات شهر رمضان، وبات الحصول على الأصناف والأطباق المعتادة في موائدنا حلما بعيد المنال، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة”.
وتوضح: “هذا العام تخلت الكثير من الأسر عن الوجبات التقليدية المعتادة بسبب الفقر وغلاء المعيشة، فلم يعد لوجبات الزربيان والشوربة في المحافظات الجنوبية والشرقية، والشفوت في المحافظات الشمالية وجود على معظم الموائد”.
وتضيف: “اللحوم بمشتقاتها والأسماك الجيدة، إلى جانب الألبان التي تدخل في صناعة الكثير من الحلوى كاللبنية، والبودنج، صار الحصول عليها ضربا من خيال”.
و”الشوربة” عبارة عن حبوب الشوفان ويتم تحضيرها باللحم، أما “الزربيان” فهو عبارة عن وجبة أرز باللحم، كما تعتمد وجبة “الشفوت” في صناعتها على الألبان.
وشهدت أسعار السلع والمنتجات الغذائية ارتفاعا جنونيا خلال الفترة الماضية، جراء انهيار الريال اليمني أمام الدولار، إذ بلغ على سبيل المثال سعر الكيلو غرام من اللحم الأحمر حوالي 12 ألف ريال (حوالي 12 دولارا).
وعاش الريال مراحل من التدهور جراء تداعيات الحرب، حيث شهد أقصى تراجع في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، حين بلغ سعر الدولار 1750 ريالا، بعدما كان قبل اندلاع الحرب 215 ريالا للدولار.
زيادة الحرمان
من جانبها تعتبر الباحثة الاجتماعية “افتخار عبده”، أن “إطالة أمد الحرب ساهمت في زيادة الحرمان لدى غالبية الشعب، لتتحول حياة معظم اليمنيين إلى سلسلة متواصلة من المعاناة”.
وتضيف “عبده” لـ”الأناضول”: “غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار تسببا في حرمان أسر كثيرة من الحصول على السلع الضرورية، لا سيما مكونات الوجبات المعتادة في شهر رمضان”.
وتابعت: “هذا العام تحديدا تعيش معظم الأسر اليمنية أسوأ أزمة إنسانية؛ بسبب غلاء المعيشة وتلاعب التجار بأسعار المواد الغذائية، ما أدى إلى خلو الموائد الرمضانية من الأطعمة اليمنية الشهيرة”.
وتوضح: “الارتفاع الجنوني في أسعار اللحوم والأسماك والحلوى، دفع معظم الأسر إلى الاستغناء عنها، فالأسرة التي تستطيع تحضير تلك الوجبات تعيش نوعًا من الرفاهية”.
فيما عزا “بدر سعيد صالح”، مواطن يمني، أسباب خلو الموائد الرمضانية من الكثير من الوجبات المعتادة، إلى تدهور العملة المحلية مقابل الدولار.
وأضاف: “قبل بدء الحرب في 2015، كان متوسط الراتب الشهري للموظف يعادل 300 دولار، ولكن في الوقت الحالي يعادل حوالي 53 دولارا”.
وأشار “صالح” إلى ارتفاع الأسعار أكثر من 3 أضعاف، وبالتالي صار معظم الشعب اليمني لا يقوى على تلبية احتياجاته الأساسية من المأكل والمسكن وغيرها.
ارتفاع جنوني
وبعبارة “كانت الموائد قبل الحرب عامرة بكل ما لذ وطاب، لكن هذا العام تحديدا بات الكثير منها في حكم الممنوع”، تقول “أمل محمد”، إن الحرب دمرت بلادها وجعلت معظم الشعب تحت خط الفقر المدقع.
وتضيف: “ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي تخلو فيها موائدنا من الوجبات المعتادة، بما فيها الشوربة التي لم يكن للشعب اليمني الاستغناء عنها وخاصة في شهر رمضان”.
وتابعت: “يحتاج تحضير وجبة الشوربة كيلوجرامين من اللحم أي ما يساوي 24 دولارا، وإذا ما تم تحضيرها يوميا في رمضان فستحتاج الأسرة الواحدة إلى حوالي 720 دولارا وهو أمر يعد مستحيلا”.
وتوضح: “حتى الأسماك التي تتوفر بكثرة في عدن، لم نعد قادرين على شرائها خصوصا الجيدة منها، بعد أن راوح سعر الكيلو جرام الواحد بين 10 و12 ألف ريال، وبالتالي باتت من ضمن الوجبات الممنوعة على موائد اليمنيين”.
كما يرى “حسين محمد صالح”، أن “الارتفاع الجنوني للأسعار وصعوبة الحصول على الكثير من المستلزمات الضرورية في رمضان، يتحمل أصحاب شركات الصرافة جزءا من مسؤوليتها، لأنهم يتلاعبون بصرف العملة”.
ويقول “صالح”: “ما كان ممكنًا في السابق ومقدورا عليه لدى غالبية اليمنيين، بات حاليًا غير ممكن، إن لم يكن مستحيلًا، فسعر علبة الحليب الواحدة بلغ 19 ألف ريال أي ما يعادل 19 دولارًا”.
ويشهد اليمن منذ نحو 7 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014.
وأدت الحرب إلى خسارة اقتصاد البلاد 126 مليار دولار، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، حيث يعتمد معظم السكان البالغ عددهم 30 مليونا على المساعدات، وفق الأمم المتحدة.
الاناضول