تحركات حوثية متسارعة لفرض واقع جديد في البحر الأحمر

سعي حوثي إلى استغلال التحولات المتسارعة في الملف اليمني لفرض أنفسهم كشريك إجباري في أي حراك إقليمي.

كثّف الحوثيون من أنشطتهم المتصلة بالأمن البحري في محاولة لتحويل حالة التهديد الدائم التي مارسوها تجاه الملاحة البحرية الدولية إلى مشروع دائم يستمد مشروعيته من أي تسوية سياسية للأزمة اليمنية يرعاها المجتمع الدولي والإقليم، وفرض أنفسهم كشريك إجباري في أي حراك إقليمي لحماية الممر الملاحي في البحر الأحمر.

وأعلنت الجماعة المدعومة من إيران عن التحضير لما أسمته “مؤتمر الأمن البحري” الذي قالت إنه سينطلق الأسبوع المقبل بمشاركة عدد من الجهات والشخصيات وأنه “يحمل عددا من الرسائل بأن اليمن فقط هو المعني بحماية شواطئه ومياهه الإقليمية وأنه شريك في أمن الممرات الدولية”.

ونقلت النسخة الحوثية من صحيفة “26 سبتمبر” الناطقة باسم وزارة الدفاع في حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليا عن محمد القادري قائد لواء الدفاع الساحلي لدى الحوثيين قوله بأن المؤتمر يكتسب أهمية كبيرة كونه “ينعقد في وقت يشهد اليمن تصعيدا غير مسبوق وتواجدا أجنبيا بالقرب من مياهه الإقليمية وأطماعا غربية وصهيونية على جزره وموقعه الجغرافي”.

ويهدف الحوثيون إلى استغلال التحولات المتسارعة في الملف اليمني لفرض واقع جديد في البحر الأحمر قائم على سياسة الابتزاز في حالة مشابهة لتلك التي مارستها الجماعة من خلال استهداف موانئ تصدير النفط في المناطق اليمنية المحررة ومقايضة السماح باستئناف تصدير النفط من قبل الحكومة الشرعية بالقبول باشتراطات قاسية من بينها تقاسم موارد النفط والغاز.

ويهدف الحوثيون من خلال تصدير خطاب مغاير لأمن البحر الأحمر وممر الملاحة الدولي في مضيق باب المندب إلى جعلهم طرفا في هذا الواقع، بالتوازي مع استعراضات للقوة وتصريحات تلوح باستخدام القوة واستهداف الممر الملاحي الدولي بالصواريخ والقوارب المفخخة والطائرات المسيرة والألغام البحرية.

وفي خطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة لدمج تطلعات الحوثيين المتعلقة بالأمن البحري في طابع سياسي مختلف، والاختفاء خلف عناوين اقتصادية تبرر للجماعة التصعيد ورفض أي تسويات في حال اعتراض مشروعها المتعلق بالبحر الأحمر، أعلنت الهيئة العامة للمصائد السمكية واللجنة الزراعية والسمكية العليا التابعة للحوثيين الجمعة عن إطلاق ما وصفتها “أول رحلة بحرية لقوارب الأبحاث البحرية والرقابة المجتمعية في مياه البحر الأحمر”.

واعتبر يعقوب السفياني مدير مركز ساوث 24 للدراسات في عدن أن تدشين الحوثيين للرحلات البحرية في البحر الأحمر تحت يافطة الرقابة والأبحاث يأتي ضمن أهداف الجماعة في إحداث توترات في هذه المنطقة الإستراتيجية التي تمر منها نسبة ضخمة من النفط الخام والتجارة العالمية.

وأشار السفياني إلى أن هذه الخطوة تتزامن مع مؤتمر البحر الأحمر، وتأتي بعد ما يقارب شهرين على تولي مصر قيادة قوة المهام الدولية المشتركة التي تنتشر في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن لتأمين الملاحة الدولية والتصدي للأنشطة العدائية والقرصنة وأعمال التهريب وغيرها.

وتابع “تأتي هذه الخطوة الحوثية تحت وطأة انكشاف عمليات تهريب السلاح الإيراني للجماعة عبر البحر، حيث ضبطت البحرية الأميركية خلال الأشهر الأخيرة ثلاث سفن محملة بعشرات الأطنان من الذخائر والبنادق الهجومية ووقود الصواريخ، علاوة على شحنة السلاح البرية التي ضبطتها القوات الأمنية في وادي حضرموت”.

ولفت السفياني إلى أن “إستراتيجية نقل الحرب والتوتر إلى الممرات المائية سبق ولوح الحوثيون بها في الأيام الأخيرة للهدنة الأممية إلى جانب التهديد باستهداف المنشآت النفطية داخل وخارج اليمن. وتعتبر موانئ الحديدة التي ضمنها اتفاق ستوكهولم للجماعة في 2018 نقاط انطلاق هذا التهديد الحوثي اليوم”.

ويبدي الحوثيون اهتماما لافتا بالنشاط العسكري والأمني في البحر الأحمر من خلال تطوير أسلحة إيرانية لاستهداف حركة الملاحة الدولية في الممر المائي ضمن سياسة تسير بالتوازي مع استخدام الطائرات المسيرة إيرانية الصنع في تعطيل موارد الطاقة في المنطقة، في ما يعتبره الحوثيون قوة ردع تمكنوا من تطويرها في مواجهة الحكومة الشرعية والتحالف العربي.

واعتبر الباحث العسكري اليمني العقيد وضاح العوبلي أن التحركات الحوثية الأخيرة تأتي ضمن توجه الجماعة لفرض نفسها وكيلاً أمنياً وجبهة متقدمة للحرس الثوري الإيراني في البحر الأحمر وباب المندب وتحديداً في المياه اليمنية قبالة ساحل الحديدة، لافتا إلى أن أنشطتها البحرية دائماً ذات طابع عدائي ولها أهداف حساسة وهامة مهما كانت المسميات التي تستظل تحتها تلك الأنشطة وآخرها ما أسمته بالبحث العلمي.

وعن سبب اهتمام الحوثيين بالبحر الأحمر في الآونة الأخيرة، قال العوبلي  إن “الجبهة البحرية هي أهم جبهة بالنسبة إلى وكلاء إيران وأدواتها في اليمن، وكل المعطيات تؤكد أن كل ما يقوم به الحوثيون من أنشطة وفعاليات عدائية في هذه الجبهة تحديداً يأتي بإيعاز وإشراف إيراني مباشر، باعتبار أن هذه النقطة أو الجبهة ممثلة بالممرات والمضائق الملاحية البحرية هي أهم حصيلة في مصفوفة الأهداف التي سعت إيران لتحقيقها على مدى ما يقارب من عشر سنوات من دعمها المباشر للحوثيين”.

وعن دلالات التوقيت وارتباط التحركات الحوثية بأجندة المصالح الإيرانية، تابع العوبلي “نشاط حوثي كهذا وفي هذا التوقيت المتزامن مع الحديث عن الهدنة والجهود الدولية والأممية الساعية لإعلان أولى خطوات السلام، يؤكد أن ما يحصل في البحر الأحمر هو بمثابة إعلان أو إشعار إيراني مُسبق لجميع الأطراف، محلية وإقليمية ودولية، بأن هذه الجبهة تخص إيران وملف لا بد أن يظل في يدها عبر أدواتها الحوثية، وهذا ما تريده إيران كامتداد مهم لقوة نفوذها شمال البحر الأحمر، وستستخدمه في أجنداتها العسكرية والأمنية وللابتزاز في محطاتها التفاوضية خلال الفترات القادمة”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى