“فاغنر” الروسية.. من فرقة استطلاع إلى قوة ضاربة

أثار تصنيف الولايات المتحدة لمجموعة “فاغنر” شبه العسكرية الروسية منظمة إجرامية دولية، الحديث عن حقيقة تلك المجموعة، ونطاق نشاطها وأسباب تواجدها في أوكرانيا.

وصنفت الولايات المتحدة مجموعة “فاغنر” الروسية على أنها “منظمة إجرامية دولية”، وفق ما أعلن البيت الأبيض، الجمعة، منددا بما تقوم به في أوكرانيا.

وقال البيت الأبيض، إن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات إضافية، الأسبوع المقبل، على مجموعة فاغنر العسكرية.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إن فاغنر “منظمة إجرامية تواصل ارتكاب فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع”، لافتا إلى أن مجموعة المرتزقة تنشر نحو “خمسين ألف” شخص في أوكرانيا، معظمهم سجناء صدرت بحقهم أحكام في روسيا.

وأضاف كيربي “لا نزال نعتبر أن لدى مجموعة فاغنر حاليا نحو خمسين ألف شخص منتشرين في أوكرانيا، هم عشرة آلاف من المرتزقة وأربعون ألف سجين”، إلى درجة أن لدى وزارة الدفاع الروسية “تحفظات” عن “سبل التجنيد” التي تعتمدها المجموعة.

ووفقا لهذا التصنيف، ستفرض الولايات المتحدة أيضا عقوبات إضافية الأسبوع المقبل على فاغنر وشبكة الدعم لها على مستوى عدة قارات، حسب كيربي.

ويترتب على إعلان فاغنر منظمة إجرامية عابرة للحدود، بموجب قرار تنفيذي أميركي، تجميد أي أصول للمجموعة في الولايات المتحدة ومنع الأميركيين من تقديم أي أموال أو بضائع أو خدمات لها، حسب “رويترز”.

ما هي مجموعة فاغنر؟

تأسست مجموعة فاغنر في عام 2014 بعد أن استولت روسيا على شبه جزيرة القرم الأوكرانية وضمتها وأثارت تمردا انفصاليا في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا.

ومنذ العام 2014، يتم اتهام هذه المجموعة بخدمة مصالح، الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين سرا وارتكاب فظائع في عدّة مناطق نزاع، لا سيما في سوريا وبلدان أفريقية، وفقا لـ”فرانس برس”.

ومنذ سنوات تُتهم مجموعة فاغنر بالإسهام في تحقيق طموحات الكرملين الخارجية، ومنها في أوكرانيا حيث يقاتل عناصر منها في الخطوط الأمامية في الحرب التي تشنها موسكو منذ فبراير.

وفي سبتمبر العام الماضي، أقرّ يفغيني بريغوجين البالغ من العمر 61 عاما بأنه أسّس هذه المجموعة بعد سنوات من النكران وبات ينشط في شكل مكشوف في روسيا، في مؤشّر إلى تنامي نفوذه.

ولعبت فاغنر دورا بارزا في المجهود الحربي الروسي في أوكرانيا، وتنشط المجموعة شبه العسكرية للغاية في المعركة الشرسة التي تخاض في شرق أوكرانيا للسيطرة على مدينة باخموت.

وتعد مجموعة فاغنر واحدة من مجموعات شبه مستقلة من القوات الروسية أدت فعاليتها في ساحة المعركة لإظهار عدم كفاءة الجيش الروسي في حملة توقع الكرملين أن تنتهي خلال أيام، وفقا لـ”رويترز”.

ولا تعد فاغنر شركة تقليدية واحدة، بل هي شبكة من المنظمات التي توفر مقاتلين للتأجير، بموافقة الكرملين، حسب تقرير لصحيفة “واشنطن بوست”.

وعملت المجموعة في حوالي 30 دولة ولديها معسكران تدريب في روسيا، وفقا لبحث أجراه “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” في واشنطن.

وترتبط إدارة “فاغنر” وعملياتها ارتباطا وثيقا مع المجتمع العسكري والاستخباراتي الروسي، حسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

وفي حديث سابق لموقع “الحرة”، أكد الخبير في الشؤون الدولية، فادي عيد، أن “الفاغنر” تخضع لسيطرة الاستخبارات الروسية بالكامل، مستشهدا بتواجدها في عدة مناطق حول العالم لتحقيق أهداف الكرملين خاصة في ليبيا وغرب أفريقيا”.

وحسب حديث عيد فإن “الفاغنر” تمثل الخط الأمامي للقوات الروسية ويضحي الكرملين بعناصرها في بعض الأحيان لتجنب وقوع خسائر في صفوف قواته النظامية”.

ماذا تفعل “الفاغنر” في أوكرانيا؟

في عام 2014، ساعدت مجموعة “فاغنر” في تدريب وتنظيم وتسليح الميليشيات المدعومة من روسيا التي تقاتل للسيطرة على منطقة دونباس الأوكرانية.

وشارك عملاء “فاغنر” في القتال وجمع المعلومات الاستخبارية، وكانوا جزءا من خطة روسيا للاستيلاء على شبه جزيرة القرم وضمها إليها، وفقا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

وبعد تكبد روسيا خسائر كبيرة خلال غزوها لكييف، عادت “فاغنر” إلى ساحة الصراع في أوكرانيا العام الماضي.

واضطر الجيش الروسي إلى الاعتماد على “الفاغنر” للمساعدة في ساحة المعركة، وبدءا من الصيف الماضي، لعبت المجموعة دورا رئيسيا في الجهود الروسية للاستيلاء على مدينة باخموت في شرق أوكرانيا.

وتلعب مجموعة فاغنر دورا رئيسيا في معركة باخموت وهي مدينة غير مهمة كثيرا على المستوى الاستراتيجي لكنها اتخذت قيمة رمزية كبيرة، إذ إن المعسكرين يتقاتلان للسيطرة عليها منذ أشهر، وفقا لـ”فرانس برس”.

ويقول المحللون إنه على الرغم من أن المدينة ليس لها قيمة استراتيجية تذكر، لكن بريغوزين حاول إظهار أن فاغنر قادرة على اكتساب مناطق جديدة، حسب “واشنطن بوست”.

وتسعى فاغنر ، التي نمت لتصبح قوة قوامها حوالي 50 ألف رجل بعد تجنيد السجناء في جميع أنحاء نظام السجون الروسي، لتصوير نفسها على أنها الوحدة الروسية الوحيدة القادرة على شن عمليات هجومية، وفقا لتقرير سابق لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

وحولت فاغنر نفسها خلال الأشهر الـ 11 الماضية من قوة نخبة صغيرة نسبيا أرسلت المرتزقة إلى سوريا وأفريقيا إلى تشكيل متعدد المستويات بحجم فيلق في أوكرانيا، حسب”وول ستريت جورنال”.

وأشار الخبير العسكري والاستراتيجي، ناجي ملاعب، في تقرير سابق لموقع الحرة إلى حاجة القوات الروسية لمليشيات “الفاغنر” حتى تنسب إليها “أي أعمال عنف وقمع”.

وعلى الأرض تستطيع قوات “فاغنر” التحرك بحرية وتوفر الدعم اللازم لقوات موسكو، وهي تخضع بشكل كامل لسيطرة “القوات النظامية الروسية”.

وأكد الخبير المختص في الشأن الروسي، نبيل رشوان، في تصريحات سابقة لموقع “الحرة”، أن فاغنر كانت في الأساس “قوة استطلاع” تتدخل في مناطق لا تريد روسيا الظهور بها بشكل رسمي، لكنها تحولت حاليا إلى “قوة فاعلة” خلال القتال في أوكرانيا.

ما هي العقوبات التي تخضع لها فاغنر بالفعل؟

في عام 2017، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مجموعة “فاغنر” أضافتها وزارة التجارة إلى قائمة الكيانات الخاصة بمراقبة الصادرات ردا على مزاعم بأنها كانت تؤجج العنف في شرق أوكرانيا.

وفي عام 2020، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على بريغوجين بسبب “تعزيز النفوذ الخبيث لروسيا” في جمهورية أفريقيا الوسطى.

وفرضت الولايات المتحدة مزيدا من العقوبات على بريغوجين في عام 2021 لتدخله المزعوم في الانتخابات الأميركية.

وقالت وزارة الخزانة بعد غزو أوكرانيا، إنه واجه المزيد من القيود بسبب دوره في “تمويل” بوتين.

  • أين تنشط الفاغنر؟

يشتبه في أن هذه المجموعة شبه العسكرية تنفذ منذ سنوات “مهمات سرية” للكرملين على مسارح عمليات مختلفة، وقبل بدء النزاع في أوكرانيا، تم رصد مرتزقة فاغنر في سوريا وليبيا وفي الكثير من البلدان الأفريقية، حسب “فرانس برس”.

وقاتلت مجموعة فاغنر، في ليبيا وسوريا وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي، من بين دول أخرى، وفقا لـ”رويترز”.

في السنوات الثماني الماضية، تم الإبلاغ عن وجود قوات فاغنر في سوريا وليبيا والسودان ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى ومدغشقر وموزمبيق وفنزويلا، وفقًا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

بعد فترة وجيزة من ظهور مجموعة “فاغنر” لأول مرة في أوكرانيا، تم الإبلاغ أيضا عن وجود مرتزقة مرتبطين بالجماعة في سوريا، حيث تدخل بوتين في عام 2015 إلى جانب رئيس النظام السوري، بشار الأسد في الحرب الأهلية في البلاد، وفقا لـ”واشنطن بوست”.

وفي سوريا، وفرت المجموعة شبه العسكرية الأمن للمنشآت العسكرية الروسية والسورية وشاركت في بعض المعارك، مثل حملة الأسد لاستعادة مدينة تدمر.

وفي ليبيا الغنية بالنفط، كان عملاء “فاغنر” يقاتلون إلى جانب القائد الليبي المنشق، خليفة حفتر، في معركته للإطاحة بالحكومة المدعومة من الأمم المتحدة، والتي تشكلت في عام 2015 لإنهاء الحرب الأهلية في البلاد، وفقا لـ”واشنطن بوست”.

ودعمت موسكو قوات حفتر في الحرب على مدى عامي 2019 و2020، حيث نشرت مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة ما يصل إلى 1200 جندي في ليبيا، بحسب تقرير صادر عن خبراء بالأمم المتحدة عام 2020.

وأصبح القتال في ليبيا جبهة لمعارك إقليمية بالوكالة، وقد أشار وجود مقاتلي فاغنر إلى أن روسيا تسعى للحصول على يد أقوى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حسب “واشنطن بوست”.

وتعمل فاغنر على توسيع نطاق وصولهما السياسي والمالي في أفريقيا، وحتى الآن، كانت المجموعة شبه العسكرية في 18 دولة أفريقية، وهو عدد يضم أكثر من نصف الدول التي عملت فيها، حسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى