تعديلات الجماعه الحوثيه على المناهج اليمنية تغذي الكراهية والعنف لدى الأطفال

الجماعة تنوي إدخال تغييرات واسعة على المقررات نهاية العام

حذّرت دراسة بحثية يمنية من تزايد العنف وتكريس التبعية لدى الأطفال والناشئة في مناطق سيطرة الجماعه الحوثية بسبب تعديلات المناهج الدراسية.

وتواصل الجماعه الحوثيه عملية تغيير وتعديل هذه المناهج بإشراف يحيى الحوثي شقيق زعيم الجماعة تحت مزاعم «التطوير».

وتقول مصادر في قطاع التربية والتعليم الذي تسيطر عليها الجماعه الحوثيه إن يحيى الحوثي ترأس فعالية قبل نحو شهرين لاستكمال تغيير المناهج وقام بتشكيل لجان للعمل على مخرجات وتوصيات من أجل تطبيقها على المناهج الدراسية.

وتوقعت المصادر أن تشهد نهاية العام الدراسي الحالي تعديلات واسعة على المناهج تساوي في عددها وحجمها ما جرى من تعديلات خلال السنوات الماضية منذ سيطرة  الجماعه على مؤسسات الدولة، التي تضمنت تحويل المناهج إلى مقررات طائفية لخدمة مشروع الجماعه الحوثيه

وأكدت المصادر  أن قيادة الجماعه الحوثية تعمل على ابتكار طرق ووسائل جديدة لمواجهة تحايل المدارس والمدرسين على تعديلاتها للمناهج، ومن ذلك إضفاء الطائفية على كل الدروس والمقررات، بما يصعِّب على المدرسين تجاوزها أو تجاهلها.

وكانت الجماعه الحوثيه  أقرت مطلع العام الدراسي الحالي مركزية الامتحانات السنوية النصفية والختامية، وذلك بعد اكتشافها أن المدرسين يتجاهلون تقديم الدروس التي تتضمن تحريفاً طائفياً، ولجأت إلى وضعهم والطلاب أمام الأمر الواقع.

وأخيراً، حذر المركز اليمني للسياسات من أن التعديلات التي تجريها الجماعه  الحوثية على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتها تسهم في تطبيع العنف والصراع لدى الطلاب، حيث أخضعت الجماعه  الكتب المدرسية لتغييرات آيديولوجية وسياسية، تروِّج للنزاعات الصفرية التي يقف فيها طرفان؛ يمثل أحدهما الحق المطلق، والآخر الباطل المطلق.

وقالت الدراسة التي حملت عنوان «انتبه! قد يكون ابنك الشهيد التالي»، إن التغييرات التي أجرتها الجماعه الحوثيه تشير إلى رؤية طويلة المدى تغيب عنها آفاق السلام، وربما تكون مدفوعة بالرغبة في الاستمرار في التشبث بالسلطة السياسية، وقد تكون لهذه التغييرات آثار بعيدة المدى على الأطفال، خاصة مع عدم تورع الجماعه الحوثيه  عن تجنيدهم.

وأكدت الدراسة التي حللت 57 كتاباً مدرسياً في مناطق سيطرة الحوثيين  من الصف الأول إلى التاسع للفئة العمرية من (7 – 16 عاماً) أن الكتب المدرسية في مناطق سيطرة الجماعه الحوثية أصبحت ترسخ لما تسميه الميليشيات «الهوية الدينية»، ومحاربة الإمبريالية الغربية وعملائها الإقليميين والمحليين، وحظر الاختلاط بين الجنسين، واستبدال بالأغاني والأناشيد بشعارات الحوثيين  وأناشيدها.

وأشارت الدراسة إلى أن التعديلات الطائفية التي شملت الدراسات القرآنية، والدراسات الإسلامية، واللغة العربية، والدراسات الاجتماعية (الجغرافيا والتاريخ والتربية الوطنية)، تميل بشكل كثيف إلى شيطنة المجتمع الدولي والدول الغربية ودول التحالف الداعم للشرعية، وتتجه إلى تخليد الجماعه  الحوثية لتثبيت شرعيتها، وتوجيه مسار التنشئة الاجتماعية السياسية وزرع الطاعة لقادتها.

وذهب فريق البحث في الدراسة إلى أن استخدام الحوثيين لصور الأسلحة والأطفال المتوفين وسفك الدماء وعسكرة الروايات بطريقة متكررة في جميع الصفوف الدراسية من الأول إلى التاسع يؤدي إلى تكريس العنف وتأصيله، في رد فعلٍ طبيعي على النزاعات القائمة، وأن الجماعه الحوثيه تستغل نضال الشعب الفلسطيني كنموذج لدور الضحية.

وتلجأ الجماعه الحوثيه  من خلال المناهج إلى تصوير اليمنيين ضحايا أمام العالم، واستغلال الموارد اليمنية لتدمير هوية اليمنيين الدينية والثقافية، وادعاء أن صراعاتها هي امتداد لصراعات الفلسطينيين، لإضفاء الشرعية على عنف عناصرها لكونهم ضحايا يدافعون ببطولة عن الإسلام والضعفاء في اليمن وخارجه، وفقاً للدراسة.

وتنوه الدراسة بأن تعديل الكتب المدرسية يهدف إلى تأكيد ادعاءات الجماعه الحوثية أن لها حقاً إلهياً في حكم الأمة الإسلامية، والزعامة في جميع مجالات الحياة، وهو ما تشدد عليه من خلال الاحتفاء بقادة الميليشيات الدينيين والسياسيين بوصفهم أحفاد النبي محمد لبناء صورة ذاتية إيجابية عنهم ومنحهم المشروعية في حكم البلد.

وتتوسع مهمة التعديلات على المناهج الدراسية إلى الحشد والتجنيد عبر تصوير الجهاد كواجب يورثه الآباء للأبناء، وتُصوَّر الشهادة على أنها وراثية، وهو ما يطبع فكرة أن الأطفال يجب أن يتبعوا خطوات آبائهم؛ إلى جانب شرح بطولة المشاركة في الجهاد للدفاع عن الوطن والضعفاء ممن تسميهم الجماعة «الغزاة والخونة». ونبهت الدراسة إلى أن التغييرات الحوثية في المناهج الدراسية «ستظل بيئة حاضنة للتحريض على النزاعات والعنف لما تزرعه من أفكار وسلوكيات وتعبئة خاطئة للاستثمار والاستغلال، خصوصاً بعد إفراغ التعليم من هدفه في دعم السلام والحرية والتنمية، حيث أصبحت انتهاكات اليوم مولدة لصراعات الغد».

وطالب فريق البحث في الدراسة بصياغة المناهج الدراسية بطريقة تجعل الماضي يتصالح مع الحاضر والمستقبل، داعين إلى إصلاح التعليم الآن دون الانتظار إلى توقف أو نهاية الحرب، وإجراء تقييمٍ للكتب المدرسية الحالية في جميع أنحاء اليمن وتحليل مساهمتها في التحريض على العنف أو المساهمة في التخفيف من حدة النزاعات.

كما دعت الدراسة إلى إدراج التعليم في محادثات السلام لما له من قوة ضغط على جميع وكلاء الحرب لتحييد هذا القطاع الحساس، وخلق أرضية مشتركة للسلام في جميع أنحاء البلاد.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى