منظمه دوليه : القمع الواسع في السعودية متواصل ويقوض الإصلاحات

“القمع الواسع في ظل الحاكم الفعلي للسعودية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يقوّض بشدة الإصلاحات القانونية المعلنة”.

هكذا خلص التقرير السنوي لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية لحالة حقوق الإنسان في المملكة خلال العام الماضي.

التقرير الذي صدر الخميس، ذكر أن السلطات واصلت اعتقال المعارضين السلميين والمثقفين والناشطين الحقوقيين، وحكمت على أشخاص بالسَّجن لعقود بسبب النشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضاف: “ما تزال الممارسات التعسفية منتشرة في مراكز الاحتجاز، وتشمل التعذيب، وسوء المعاملة، والاحتجاز التعسفي المطول، ومصادرة الأصول دون أي إجراءات قانونية واضحة.

وتابع التقرير إنه “ما زال عشرات المدافعين الحقوقيين والناشطين السعوديين يقضون عقوبات طويلة بالسجن لانتقادهم السلطات أو دعوتهم إلى إصلاحات سياسية وحقوقية”.

وضرب التقرير مثالا بالحقوقي المعتقل “رائف بدوي”، وهو مدون وناشط حائز على “جائزة ساخاروف” لعام 2015، والذي لا يزال ممنوعا من السفر رغم استكماله عقوبة السجن الجائرة البالغة 10 سنوات منذ مارس/آذار الماضي.

ولفت التقرير إلى المدافعات عن حقوق المرأة، ومنهن “لجين الهذلول” و”نسيمة السادة” و”سمر بدوي”، لا زلن أيضا ممنوعات من السفر وخاضعات لأحكام بالسجن مع وقف التنفيذ، ما يسمح للسلطات بإعادتهن إلى السجن بسبب أي نشاط يُعتبر جرميا.

كما أن الناشط الحقوقي “محمد الربيعة”، وموظف الإغاثة “عبدالرحمن السدهان”، ومحامي حقوق الإنسان “وليد أبوالخير” ما يزالون في السجن بتهم متعلق بالتعبير أو النشاط السلميَّين، وفق التقرير.

قمع ناشطي الإنترنت

وتستهدف السلطات السعودية بشكل متزايد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي السعوديين وغير السعوديين لتعبيرهم السلمي عبر الإنترنت، وتعاقبهم بأحكام بالسجن تمتد عقودا.

ففي 9 أغسطس/آب الماضي، حكمت محكمة استئناف على “سلمى الشهاب” طالبة الدكتوراه السعودية بـ”جامعة ليدز” في المملكة المتحدة، بالسجن 34 عاما بتهمة “تعطيل النظام ونسيج المجتمع”، على ما يبدو بناء على نشاطها على “تويتر”.

وفي اليوم نفسه، حكمت المحاكم السعودية على “نورة بنت سعيد القحطاني” بالسجن 45 عاما بتهمة “استخدام الإنترنت لتمزيق النسيج الاجتماعي للبلاد”.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، استدعى الادعاء السعودي المواطنة الأمريكية “كارلي موريس” بتهمة “الإخلال بالنظام العام”، فيما يبدو على صلة بتحقيق جار في نشاطها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وكانت “موريس” نشرت في أبريل/نيسان الماضي، سلسلة من التغريدات حول عدم قدرتها على السفر خارج السعودية مع ابنتها البالغة من العمر 8 سنوات والحصول على وثائق مهمة لها.

كما لا يزال “صلاح الحيدر” وهو مواطن يحمل الجنسيتين الأمريكية والسعودية، المحتجز بين مايو/أيار 2019 وفبراير/شباط 2021، قيد المحاكمة بتهم تتعلق بانتقاده السلمي للحكومة السعودية على وسائل التواصل الاجتماعي، وفق التقرير.

وتشتهر الحكومة السعودية كذلك، حسب “رايتس ووتش” بقمع المعارضة العلنية، ولديها سجل راسخ في محاولة اختراق منصات التكنولوجيا واستخدام تكنولوجيا المراقبة الإلكترونية المتقدمة للتجسس على المعارضين.

أحكام الإعدام

ولفت التقرير إلى أنه “في 12 مارس/آذار الماضي، أعدمت السلطات السعودية 81 رجلا، وهو أكبر إعدام جماعي منذ عقود، رغم وعودها الأخيرة بالحد من استخدام عقوبة الإعدام”.

وبينما قالت وزارة الداخلية السعودية إنهم أعدِموا بسبب جرائم من بينها القتل والصلات بجماعات إرهابية أجنبية، “فإن الانتهاكات المتفشية والمنهجية في نظام العدالة الجنائية تشير إلى أنه من غير المرجح أن أي من الرجال قد حصل على محاكمة عادلة”، حسب التقرير.

وأضاف التقرير أنه “رغم التصريحات الصادرة عن هيئة حقوق الإنسان في السعودية، والتي تدعي أنه لن يتم إعدام أي شخص في السعودية على جريمة ارتكبها عندما كان حدثا، لا ينطبق هذا الحكم على جرائم القصاص، وجرائم العدالة الجزائية التي تُرتكب عادة في جرائم القتل العمد، أو جرائم الحدود، وهي جرائم خطيرة محددة بموجب تفسير الدولة للشريعة الإسلامية، والتي تنطوي على عقوبات محددة”.

كما حُكم على “عبدالله الحويطي”، الذي كان عمره 14 عاما وقت ارتكاب جريمته المزعومة والذي ألغت المحكمة العليا السعودية حكمه السابق بالإعدام بسبب اعتراف كاذب وعدم كفاية الأدلة، بالإعدام مرة أخرى في 2 مارس/آذار من محكمة جنائية.

الاحتجاز التعسفي وحقوق العمالة

وأفادت “رايتس ووتش” في مارس/آذار الماضي، باحتجاز السلطات السعودية 10 نوبيين مصريين “ظلما وتعسفا”، بتهم تتعلق بالتعبير وتكوين الجمعيات والإرهاب، على ما يبدو انتقاما للتعبير عن تراثهم الثقافي.

ولا يزال ما لا يقل عن 4 محتجزين من الإيجور المسلمين، بينهم فتاة عمرها 13 عاما، عرضة لخطر الترحيل الوشيك من السعودية إلى الصين، حيث سيكونون عرضة لخطر الاعتقال التعسفي والتعذيب.

بالإضافة إلى ذلك، أشار تقرير “رايتس ووتش”، إلى أنه بالتزامن مع تشييد مشروع “نيوم” في منطقة تبوك، وثقت منظمات حقوقية انتهاكات ارتكبتها السلطات السعودية، منها الإخلاء القسري بحق عشائر “الحويطات” لإفساح المجال للبناء.

وفي يوليو/تموز الماضي، أعلنت السلطات السعودية عن خطط لتطوير المدينة الخطية “ذا لاين”، وهي مدينة ذات طبقات عمودية ضمن نيوم والتي ستستخدم بشكل كبير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا ما يصفه المشروع بـ”واجهة التواصل بين الإنسان والآلة”، ما يثير مخاوف بشأن استخدام التكنولوجيا الرقمية لمراقبة المقيمين في المستقبل، وفق التقرير ذاته.

وأضاف: “تغسل السلطات سمعتها، الملطخة بسجل حقوقي مزرٍ، من خلال التمويل الباذخ للمؤسسات والشخصيات والفعاليات الرياضية والترفيهية”.

وعن تعامل السلطات السعودية مع الوافدين، قال  التقرير إن العمال الوافدين يبلغون بشكل دائم عن سوء المعاملة والاستغلال، حيث “تستمر السلطات في فرض أحد أنظمة الكفالة الأكثر تقييدا واستغلالا في المنطقة، والتي رغم الإصلاحات الأخيرة لا تزال دون تغيير إلى حد كبير”.

ويمنح النظام أصحاب العمل سلطة مفرطة على تنقل العمال ووضعهم القانوني في البلاد، ويساهم في تعرضهم لمجموعة واسعة من الانتهاكات، من مصادرة جوازات السفر إلى تأخير الأجور والعمل القسري.

وأفادت “رايتس ووتش” بظروف الاحتجاز المروعة للآلاف من عرقية التيغرايين الذين تم ترحيلهم بين ديسمبر/كانون الأول 2020 وسبتمبر/أيلول 2021 من السعودية إلى إثيوبيا.

ووصف الأشخاص الذين تمت مقابلتهم الظروف المروعة في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية في المدن السعودية في أبها وحدّة وجيزان وجدّة، وصفوا وجود اكتظاظ شديد وظروف غير صحية أثناء الاحتجاز بالإضافة إلى انتهاكات من قبل الحراس، وعند عودتهم إلى إثيوبيا، تعرض المُرَحَّلون للاعتقال التعسفي وسوء المعاملة والإخفاء القسري.

وكانت “بي بي سي” نقلت عن العاملة الكينية “ديانا تشيبكموي” (24 عاما)، التي عادت من السعودية إلى كينيا في سبتمبر/أيلول الماضي، قولها إن صاحب عملها أخبرها أنه “اشتراها”، وأن بإمكانه فعل “أي شيء” لها.

وأفادت وزارة الخارجية الكينية أن 89 كينيا، أكثر من نصفهم من عاملات المنازل، لقوا حتفهم في السعودية بين عامي 2020 و2021 في ظروف مريبة.

وفي معظم الحالات، حددت السلطات السعودية سبب الوفاة على أنه لا علاقة له بالعمل وتقاعست عن إجراء مزيد من التحقيق.

ويعتمد اقتصاد السعودية بشكل كبير على العمال الوافدين. يشغل أكثر من 6.3 مليون وافد في الغالب وظائف يدوية ومكتبية وخدمية في السعودية، ويشكلون أكثر من 80% من القوى العاملة في القطاع الخاص. تنفذ السعودية اعتقالات وترحيلات منتظمة للعمال الوافدين غير الموثقين، بما في ذلك حملات الاعتقال الكبرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 وأغسطس/آب 2017. يصبح العديد من العمال غير مسجلين دون أي خطأ منهم لأن أصحاب العمل يمكنهم الإبلاغ عن العمال الوافدين، كذبا في بعض الأحيان، بتهمة “الفرار” أو عندما يهربون من الإساءات. يُحرم الوافدون من حق الطعن في احتجازهم وترحيلهم.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى