علماء الأحياء يطورون اختبارا للدم ذا قدرة عالية على تشخيص مرض الزهايمر

الاكتشاف سيبسّط تكلفة تشخيص مرض فقدان الذاكرة ويقلل منها.

استطاع علماء الأحياء الجزيئية تطوير أول اختبار دم ذي قدرة عالية جدا تتجاوز 85 في المئة، للكشف عن علامات مرض الزهايمر دون استخدام التشخيص الوظيفي وأخذ عينات من السائل الدماغي النخاعي.

وأشارت جامعة بيتسبرغ الأميركية إلى أن هذا الاكتشاف سيبسّط تكلفة تشخيص مرض الزهايمر ويقلل منها.

ووفقا للأستاذ المساعد في جامعة بيتسبرغ في الولايات المتحدة، توماس كاريكاري “يتطلب تشخيص مرض الزهايمر حاليا استخدام أنظمة التصوير بالرنين المغناطيسي وأشكالا أخرى من التشخيص الوظيفي.. كل هذه الأمور باهظة الثمن وتستغرق وقتا طويلا، مما يجعل هذه التقنيات غير متاحة للعديد من المرضى، لقد ابتكرنا بديلا رخيصا وبأسعار معقولة”.

ووفقا للتقديرات الحالية لمنظمة الصحة العالمية، فإن مرض الزهايمر وأشكالا أخرى من خرف الشيخوخة تؤثر على ما يقرب من 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم اليوم، وبحلول عام 2030 قد يرتفع عددهم إلى 75 مليونا، إلى جانب النوبات القلبية والسكتات الدماغية، ولطالما كانت هذه المشاكل أحد الأسباب الرئيسية للوفاة في دول العالم الأول.

تشخيص مرض الزهايمر يتطلب حاليا استخدام أنظمة التصوير بالرنين المغناطيسي وهذا الأمر باهظ الثمن

وطور الأستاذ كاريكاري وزملاؤه، نهجا جديدا لتحديد مرض الزهايمر مع احتمال كبير جدا لوجود جزيئات بروتين “تاو” بشكل غير منتظم في عينات الدم، إنه أحد أهم جزيئين سامين يعتقد أنهما يساهمان بشكل كبير في تطور الخرف ومظاهر أخرى لمرض الزهايمر.

ولطالما اعتقد العلماء أن بروتين “تاو” التالف يتراكم تدريجيا في الخلايا العصبية لحاملي مرض الزهايمر، وبالكاد يتركهم قبل أن تبدأ هذه الخلايا في الموت بشكل جماعي، ولهذا السبب لم يعتبره علماء الأحياء والأطباء في السابق علامة بيولوجية محتملة لاكتشاف الخرف في المراحل المبكرة من تطوره.

وطوّر العلماء تقنية جديدة تميز جزيئات بروتين “تاو” عن الأشكال الأخرى من المادة التي قد تكون موجودة في مجرى الدم لأسباب لا علاقة لها بمرض الزهايمر، وأدى هذا إلى زيادة القيمة التشخيصية لهذا المؤشر الحيوي بشكل كبير، مما دفع العلماء إلى الاعتقاد بأنه يمكن استخدامه للكشف عن الخرف في جميع مراحل تطوره.

وبناء على هذه الفكرة، قام العلماء بقياس تركيز هذا النوع من بروتين “تاو” في 18 عينة دم تم الحصول عليها من متطوعين أصحاء ومصابين لأشكال مختلفة من مرض الزهايمر، وأظهرت قياساتهم أن نسبة هذا التباين في سلاسل البروتين التالفة تختلف اختلافا كبيرا بين المشاركين الأصحاء في التجربة، وحاملي مرض الخرف الخفيف والشديد.

وأشار التحليل اللاحق لعينات الدم إلى أن دراسة نسبة الاختلاف في بروتين “تاو” التي اكتشفها العلماء كشفت عن احتمال بنسبة 85 في المئة لمرض الزهايمر، وهو رقم مرتفع للغاية نظرا إلى أنه ليس من الضروري استخدام التشخيص الوظيفي باهظ الثمن، أو أخذ عينات من السائل الشوكي، ويأمل العلماء أن النهج الذي ابتكروه سيجعل اختبارات الخرف في متناول أوسع دائرة ممكنة من سكان العالم.

مرض الزهايمر وأشكالا أخرى من خرف الشيخوخة تؤثر على ما يقرب من 50 مليون شخص في جميع أنحاء العالم اليوم

وأكد الخبراء أن عامل الخطر الرئيسي لمرض الزهايمر في الولايات المتحدة قد تغير خلال العقد الماضي. ففي عام 2011 كان العامل الأكثر بروزا وقابلية للتعديل للإصابة بمرض الزهايمر هو الخمول البدني، يليه الاكتئاب والتدخين.

ووفقا لتحليل مقطعي حديث، فإن الخمول البدني الآن يأتي في المرتبة الثانية بعد السمنة عندما يتعلق الأمر بالخرف.

واليوم، يعد مرض الزهايمر أكثر أشكال الخرف شيوعا وسببا رئيسيا للوفاة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، على الرغم من الكثير من الأبحاث لا أحد يعرف كيف يبدأ المرض أو كيفية منعه من التقدم.

وتشير الأبحاث إلى وجود عنصر وراثي قويّ يلعب دوره، ولكن هناك أيضا العديد من العوامل البيئية التي تظهر للضوء والتي قد تساهم في المرض، بما في ذلك سوء التغذية وارتفاع ضغط الدم والاكتئاب والتدخين والتهابات اللثة. والخبر السار هو أنه يمكن للمرضى والأطباء التعامل مع هذه العوامل للتخفيف من مخاطر المرض. والنبأ السيء هو أن تأثير عوامل الخطر هذه يتغير باستمرار، سنة بعد سنة، من دولة إلى أخرى.

وفي أحدث تحليل من الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تمت إضافة ضعف السمع كعامل خطر قابل للتعديل لمرض الزهايمر، على الرغم من أنه لم يتم اعتباره سابقا في التقديرات.

وإضافة إلى ذلك، فقد تضاعف معدل السمنة في منتصف العمر في الولايات المتحدة منذ عام 2010. وفي الوقت نفسه، انخفض انتشار الخمول البدني والتدخين إلى حد ما خلال السنوات القليلة الماضية.

وبالنظر إلى هذه التغييرات الرئيسية، أجرى الباحثون تقييما محدثا لمخاطر مرض الزهايمر باستخدام بيانات مسح مراقبة عوامل الخطر السلوكية الأميركية لعام 2018.

مرض الزهايمر يعد أكثر أشكال الخرف شيوعا وسببا رئيسيا للوفاة في الولايات المتحدة

ومن بين 378615 شخصا، كان ما يزيد قليلا عن ثلث حالات مرض الزهايمر مرتبطا بواحد من عوامل الخطر الثمانية. وتم الإبلاغ عن عوامل الخطر هذه ذاتيا، ما يعني أنها ليست قياسات مثالية، لكنها تشير إلى اتجاه عام.

وكان عامل الخطر الأكثر شيوعا الذي تم تحديده في التحليل الوطني هو السمنة في منتصف العمر، تليها قلة النشاط البدني، وانخفاض التحصيل التعليمي.

وكتب معد التقدير الأخير “بشكل ملحوظ”، يبدو أن التغيير في انتشار السمنة في منتصف العمر هو الأكبر مقارنة بالعوامل الأخرى التي تم تقييمها في هذه الدراسة، والتي من المحتمل أن تكون قد دفعت السمنة في منتصف العمر لتصبح أبرز عوامل الخطر المرتبطة بمرض الزهايمر وما يرتبط به من خرف بعد ما يقرب من عقد من الزمان.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها ربط السمنة في منتصف العمر ببداية مرض الزهايمر. ووجدت دراسة أجريت في عام 2020 دليلا على أن الوزن الزائد للجسم قد يجعل الأنسجة العصبية أكثر عرضة لتلف الدماغ أو فقدان الخلايا. ويبدو أن هذه التغييرات تحدث أيضا في أجزاء من الدماغ ترتبط ارتباطا وثيقا بالذكريات.

وهذا لا يعني أن السمنة في منتصف العمر هي سبب مباشر لمرض الزهايمر، لكنها تشير إلى أن الحفاظ على وزن صحي يمكن أن يقلل من فرص الإصابة بالمرض، على الأقل إلى حد معين.

وأظهرت دراسات مماثلة أيضا أنه عند فقدان الوزن في وقت لاحق من الحياة فإن قشرة المخ لا تنحسر تقريبا كما لو كانت في حالات السمنة.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى