بيليه.. “ملك” الساحرة المستديرة

بعد معاناة طويلة مع المرض رحل “ملك كرة القدم” الأسطورة البرازيلية بيليه.

وأكدت عائلة النجم الكبير وفاته في منشور مثير للعواطف، ظهرت فيها أيدي أفراد العائلة وهي تمسك بنجم الكرة الذي دخل قلوب الملايين وتاريخ الرياضة من أوسع أبوابه.

ونشرت كيلي ناسيمينتو، الصورة عبر حسابها على إنستغرام.

وفي خضم نشوة الأرجنتين بفوزها بكأس العالم 2022 والأضواء المسلطة على نجمها، ليونيل ميسي، سرقت الحالة الصحية المتدهورة لأسطورة كرة القدم البرازيلي، بيليه، الأضواء وباتت تتصدر عناوين الصحف حول العالم.

وتوفي الأسطورة البرازيلي، الخميس، عن عمر يناهز 82 عاما بعد صراع مرير مع مرض عضال جعله يتردد على المستشفى خلال الأشهر الأخيرة من حياته.

وعلى الرغم من مرور 45 عاما على اعتزاله كرة القدم، إلا أن الملك “بيليه” ظل أيقونة لعشاق كرة القدم في البرازيل وخارجها حتى وإن كانت أغلب الجماهير الصغيرة لم تشاهده يلعب قط.

في 21 ديسمبر، أعلن مستشفى ألبرت أينشتاين في ساو باولو حيث يعالج بيليه عن “تفاقم” حالته السرطانية وحاجته إلى “رعاية أكبر لعلاج الفشل الكلوي والقلب”.

وأدخل بيليه الملقب بـ “الملك”، (82 عاماً)، إلى المستشفى، في 29 نوفمبر، لإعادة تقييم علاجه الكيميائي بعد اكتشاف ورم في القولون خلال سبتمبر 2021.

وأوضح الأطباء في بيان تناول صحة بطل كأس العالم العالم ثلاث مرات “يعاني بيليه من تطور مرض الأورام ويتطلب رعاية أكثر شمولاً لعلاج الفشل الكلوي والقلب”.

وخضع بيليه لعلاجات كيميائية منتظمة منذ تشخيص إصابته بسرطان القولون العام الماضي. كما خضع لعملية جراحية لإزالة الورم في سبتمبر 2021، وقضى شهرا في المستشفى.

أعظم لاعب في كل العصور

يصنّف الكثيرون بيليه، على أنه ملك كرة القدم أو الساحرة المستديرة على مر العصور، وقد عانى من تدهور حالته الصحية بشكل متزايد في السنوات الأخيرة.

ورغم أن ميسي توج مسيرته الذهبية بالفوز بكأس العالم مؤخرا مما جعل الجماهير تقارنه بأسطورة الأرجنتين الراحل، دييغو مارادونا، إلا أن بيليه هو اللاعب الوحيد في تاريخ الكرة المستديرة الذي فاز بكأس العالم ثلاث مرات (1958 و1962 و1970)، وسجل أكثر من 1000 هدف قبل اعتزاله عام 1977.

في مونديال السويد، عام 1958، أبلغ الطبيب النفسي لمنتخب البرازيل، المدرّب، فيسنتي فيولا، أن بيليه، ابن السابعة عشرة ربيعا آنذاك، ليس ناضجاً بما فيه الكفاية لخوض كأس العالم. ردّ عليه فيولا معتمداً على غريزته “قد تكون على حقّ. لكنك لا تفقه شيئا في كرة القدم”.

“إذا كانت ركبة بيليه جيدة سيلعب”، تابع فيولا، في إشارة إلى إصابة اللاعب اليافع في مباراة تحضيرية. اكتفى اللاعب الوحيد الذي أحرز ثلاثة ألقاب مونديالية، بخوض مباراة الاتحاد السوفيتي في الدور الأول، قبل أن يسجل هدف المباراة الوحيد في ربع النهائي ضد ويلز.

ولعب دورا كبيرا في تخطي فرنسا في نصف النهائي (5-2) بثلاثية، قبل أن يتألق في النهائي أمام السويد (5-2) مسجلاً هدفين.

بات بيليه، بعمر 17 عاما و249 يوماً، أصغر لاعب يفوز بكأس العالم، وهو رقم قياسي لم يكسر حتى الآن. كما نجحت البرازيل في أن تصبح أول دولة تحرز اللقب خارج قارتها، بتنظيم تكتيكي ثوري 4-2-4، بدلا من 5-3-2 أو 3-4-3 التقليديين – خلال ذلك الوقت – اعتمد على لعب دينامي عبر الأجنحة.

وبعد أن قاد الجوهرة السمراء “سيليساو” لأوّل لقب في تاريخها، حقق الملك مجددا مع البرازيل كأس العالم للمرة الثانية على التوالي في تشيلي 1962.

ورغم الفشل في مونديال إنكلترا 1966، إلا أن بيليه عاد من الباب الكبير في المكسيك ورفع آخر مونديال لكأس جول ريميه التي امتلكته البرازيل لها.

البداية والنهاية

ولد إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو، أو المعروف شعبيا باسم “بيليه”، في 23 أكتوبر 1940، في تريس كوراسويس بالبرازيل.  وبدأ اللعب لنادي سانتوس في سن الخامسة عشرة قبل أن يستدعى للمنتخب بعد عام واحد.

وقاد الملك، الذي تخلو مسيرته الكروية من اللعب في أوروبا، ناديه إلى لقب كوبا ليبرتادوريس القاري عامي 1962 و1963، وإلى كأس الإنتركونتيننتال عامي 1962 و1963.

على الصعيد الدولي، يعد بيليه الهداف التاريخي للبرازيل برصيد 77 هدفا في 92 مباراة فقط. وعلى مستوى ناديه، فهو أفضل هداف في تاريخ سانتوس برصيد 643 هدفًا من 659 مباراة.

وعلى الرغم من قراره باعتزال كرة القدم منتصف السبعينيات، إلا أن الملك اختتم مسيرته في الولايات المتحدة مع نادي نيويورك كوزموس قبل اعتزاله نهائيا.

نشيط رغم المرض

وعلى الرغم من المشاكل الصحية التي عانى منها في الآونة الأخيرة، إلا أن حسابات بيليه على مواقع التواصل الاجتماعي كانت نشطة.

وهنأ الملك الذي يصفه الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” بـ “العظيم”، الأرجنتين بعد فوزها في كأس العالم، واصفا نجاح ليونيل ميسي بأنه اللحظة “التي تستحقها مسيرته”.

وكتب عبر حسابه على إنستغرام في منشور مرفق بصورة ميسي يحمل الكأس محاطا بزملائه: “اليوم، تواصل كرة القدم في إخبار قصتها، كما دائما بطريقة آسرة. فاز ميسي بلقبه الأول في كأس العالم، لأن مسيرته تستحق ذلك (…) هنيئا للأرجنتين. دييغو (مارادونا) يبتسم الآن”.

قبل فوز الأرجنتين باللقب، كتب بيليه في إنستغرام أيضا رسالة دعم ومواساة للنجم البرازيلي، نيمار، بعد خروج “سيليساو” من المونديال إثر الخسارة أمام كرواتيا بركلات الترجيح في ربع النهائي.

وتمكن نيمار من معادلة رقم بيليه القياسي بتسجيله الهدف الـ 77 بقميص البرازيل بعدما افتتح التسجيل في الدقيقة 105+1 من الشوط الإضافي الأول أمام كرواتيا.

وقبل ساعات من مباراة كوريا الجنوبية في ثمن النهائي، وجه الملك رسالة لنجوم السامبا قال فيها إنه سيتابعهم من المستشفى، “أريد أن ألهمكم … سأشجع كل واحد منكم”.