تعليق حسابات صحفيين على تويتر.. انتهاك لحرية التعبير أم مخاوف بشأن الخصوصية؟

أثار قرار مالك شركة تويتر الملياردير، إيلون ماسك، تعليق حسابات عدد من الصحفيين الأميركيين، كثيرا من الجدل، باعتبار القرار يصب في جانب تقييد حرية الرأي والتعبير وتشكل “خطرا على مستقبل” المنصة.

وعلقت حسابات نحو عشرة صحفيين أميركيين على تويتر بينهم عاملون في وسائل إعلام، مثل الصحفي في “سي أن أن”، دوني أوسوليفان، وراين ماك، الذي يعمل لدى “نيويورك تايمز” ودرو هارويل من واشنطن بوست،  وكذلك صحفيين مستقلين، من بينهم الصحفي الليبرالي البارز، إيرون روبر.

ولم يذكر تويتر سبب أو مدة تعليق هذه الحسابات، غير أن ماسك، الذي أثار جدلا مرات عدة منذ شرائه الشبكة في أكتوبر، أصدر بعض الإشارات في سلسلة تغريدات نُشرت ليل الخميس الجمعة.

وقال ماسك على تويتر إن “الحسابات المتورطة في نشر معطيات شخصية تعلق مؤقتا لمدة سبعة أيام”، مشيرا إلى أن هذه القواعد تنطبق “‘على الصحفيين’ كما تطبق على غيرهم”.

وأضاف ماسك “نشروا موقعي بدقة في الوقت الفعلي وإحداثيات تسمح باغتيال، في انتهاك مباشر وواضح لشروط خدمة تويتر”.

وتعليقا على خطوة ماسك عبرت لجنة حماية الصحفيين عن قلقها بشأن تعليق حسابات الصحفيين “الذين غطوا التطورات الأخيرة المتعلقة بتويتر ومالكها”.

وأضافت اللجنة في تصريح أرسلته لموقع “الحرة” عبر البريد الإلكتروني أنه “في حال تم تأكيد هذه الخطوة على أنها انتقام من عملهم، فسيكون هذا انتهاكا خطيرا لحق الصحفي في نقل الأخبار دون خوف أو انتقام”.

وقبل ذلك كان ماسك كتب، الأربعاء، أن “مطاردا مجنونا” تعقب سيارته في لوس أنجلوس بينما كان مع طفله. كما ذكر تعقب طائرته الخاصة أيضا.

وأعلن في هذه التغريدة أنه سيقاضي الشخص الذي يقف وراء حساب “إيلون جيت” المعلق الآن، والذي أنشأه طالب يدرس في جامعة سنترال فلوريدا ويتبعه حوالي نصف مليون شخص.

وكان هذا الحساب يستخدم بيانات عامة للإشارة بشكل تلقائي إلى زمن ومكان إقلاع وهبوط طائرة ماسك.

وفي وقت لاحق نشر تويتر تغريدة أكد فيها منع معظم التغريدات التي تكشف موقع أي شخص في الوقت الفعلي.

ويرى الصحفي الأميركي، روب بيغورارو، أن خطوة تعليق حسابات الصحفيين في تويتر “خاطئة وغير فعالة في الوقت ذاته”.

ويقول بيغورارو في حديث لموقع “الحرة” إن ماسك “اتهم الصحفيين بتعقب تحركاته بينما الحقيقة تتمثل في أنه يمكن تعقب طائرته الخاصة بسهولة من قبل الجميع”.

ويضيف بيغورارو أن قوانين الطيران الأميركية لا تسمح بتحليق أي طائرة إلا في حال كانت بياناتها متاحة، مبينا أن “جميع الطائرات في الولايات المتحدة يمكن تعقبها”.

ويشير بيغورارو إلى أن “ما يقوم به ماسك من أفعال وخطوات تناقض تماما ما صرح به من قبل، والتي قال فيها إنه يدعم حرية التعبير عن الرأي في تويتر”.

في المحصلة، يرى بيغورارو، أن “تعليق حسابات الصحفيين لن تؤثر على حرية التعبير بشكل عام في الولايات المتحدة، لأن الاميركيين لا يستخدمون فقط تويتر للوصول إلى المعلومة أو التعبير عن آراءهم”.

ويتابع أن “هناك منصات أخرى منافسة يرتادها الأميركيون بقوة ويعبرون فيها عن آرائهم بحرية”.

أما بالنسبة لتويتر، فيقول بيغورارو إنها “شركة خاصة ويمكن لمالكها أن يفعل ما يحلو له أو يطرد أي شخص لأي سبب، لكن كمستخدمين لهذه الشركة يجعلنا (ماسك) نشعر أننا مهددون في أي لحظة بالطرد، لأن المالك لديه مزاج سيئ”.

ويرى الصحفي أن أفعال ماسك تهدد مستقبل تويتر بالمقام الأول، لأني كمستخدم سأتساءل: لماذا علي أن أقضي وقتا هناك أو أعلن في هذه الشركة وأصرف أموالي إذا كان المالك سيطردني في اليوم التالي؟”.

بدورها قالت منظمة هيومن رايتس إنه “من الصعب الدفاع عن قرار تعليق حسابات الصحفيين بناء على مخاوف بشأن الخصوصية أو الأمان”.

وأضافت في بيان على موقعها الرسمي أن “بيانات رحلات الطائرات متاحة للجمهور في مكان آخر غير تويتر، وماسك شخصية عامة وأي خطر على سلامته لا يأتي من التغريدات”.

وتابعت المنظمة “إذا ما أقرينا بأهمية تويتر، فمن المؤكد أن التحكم في كلام الملايين لا ينبغي أن يكون على مستوى أهواء أو إحباطات وقتية لشخص واحد”.

كذلك دعت منظمة “مراسلون بلا حدود” إلى إعادة حسابات الصحفيين، معتبرة أن “تعسف المنصات الكبرى” يشكل “خطرا كبيرا على الديمقراطية”.

وقال الأمين العام للمنظمة، كريستوف ديلوار: “كفى بالمنصات تعسفا، يجب أن تصبح إدارة هذه المنصات ديمقراطية قبل أن تخضع الديمقراطيات بالكامل لأهوائها”.

وبحسب “مراسلون بلا حدود”، فإن “الرقابة على الصحفيين ووضع قواعد جديدة لإرضاء قرارات الرئيس ليست هي السمات المميزة لفضاء معلوماتي صحي”.

وأضافت المنظمة “حان الوقت لإلزام القادة الصغار للمنصات الكبيرة حدودهم بموجب القانون، وأن يضعوا منتجاتهم في النهاية في خدمة المعلومات والديموقراطية”.

وعبرت المفوضية الأوروبية عن “قلقها” بعد تعليق حسابات صحفيين على شبكة تويتر للتواصل الاجتماعي، مهددة مالكها الجديد، ماسك، بفرض “عقوبات قريبا”.

وقالت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية، فيرا جوروفا، إن “الأنباء عن التعليق التعسفي لحسابات صحفيين على تويتر مقلقة”، مذكرة بأن القانون المتعلق بالخدمات الرقمية الذي يفترض أن يطبق على مجموعات التكنولوجيا العملاقة الصيف المقبل “يفرض احترام حرية الإعلام والحقوق الأساسية”.

وكشف ستيف هيرمان، كبير مراسلي “صوت أميركا” في مقابلة مع قناة “الحرة” إنه فوجىء بتعليق حسابه دون أن يتم إخطاره أو تحذيره.

وعن سبب الإجراء، قال هيرمان إن يتعلق بإعادة نشره وصحفيين آخرين تغريدة لحساب كان يتتبع مسارات طائرة ماسك الخاصة.

ودعا هيرمان مالك تويتر أن يكون شفافا حول المعايير التي يطالب أن يلتزم الصحفيين بها، مشيرا إلى أن الخطوة لها تأثير على حرية الرأي والتعبير والصحافة.

ووصف هيرمان قول ماسك إن تتبع طائراته هي إحداثيات اغتيال بأنه “أمر سخيف”.

ودانت “سي أن أن” “التعليق المتسرع وغير المبرر لحسابات عدد من المراسلين”، معتبرة أنه “أمر مزعج لكنه غير مفاجئ”.

وأضافت أن “عدم الاستقرار والتقلبات المتزايدة في تويتر تثير قلقا خاصا لأي شخص يستخدم المنصة”، موضحة أنها “طلبت من تويتر توضيحا” وأنها “سنعيد تقييم علاقتنا بناء على هذا الرد”.

وقال أوز سلطان، خبير في التكنولوجيا الرقمية، في مقابلة مع قناة “الحرة” إن كل شيء بدأ من الحساب الذي كان يتابع تحركات طائرة ماسك، وأشار إلى أن الأخير قام بحظر حسابات نشرت هذا الأمر.

وكشف سلطان إن حسابه تم تعليقه لأنه كتب مزحة عن الحسابات.

أما كافيا بيرلمان، الخبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصية المعلومات وضوابط التقنيات، وهي مؤيدة موضوعية لفكرة فرض ضوابط للنشر على تويتر، فقالت في مقابلة مع قناة “الحرة” إن ماسك يمتلك الحق ولديه الحق في أن يحمي أمانه الخاص وسلامته الشخصية”.

ورفضت كاتيا وصف إجراء تويتر على أنه هجوم على حرية التعبير، وقالت إنه عندما يتعلق الأمر بالأمن والأمان يجب على فرق الأمن السيراني أن يتخدوا “أفعالا” للرد على ذلك.

وأشارت إلى أن هؤلاء صحفيين كبار وإذا قاموا بنشر أو إعادة نشر التغريدة فإن الملايين سيعلمون بتلك المعلومات.

ونددت الأمم المتحدة بشدة بتعليق حسابات الصحفيين الأميركيين، واعتبرت أن القرار يمثل “سابقة خطيرة”.

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش: “نحن منزعجون جدا للتعليق التعسفي لحسابات صحفيين على تويتر”.

وأضاف “يجب عدم إسكات أصوات وسائل الإعلام على منصة تعلن أنها فضاء حرية (…) إن القرار يمثّل سابقة خطيرة في وقت يواجه الصحفيون في كل أنحاء العالم رقابة وتهديدات جسدية وحتى أسوأ” من ذلك.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى