ما بعد انهيار الهدنة اليمنيه بين «تسوية شاملة» أو «حرب مفتوحة»: مسارات الحرب ودروب السلام

حتى الجمعة الماضية يكون قد مر شهران على انهيار الهدنة التي شهدها اليمن لنصف عام؛ وهي أطول فترة هدوء شهدتها البلاد منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من ثمان سنوات. لكن خلال هذين الشهرين ما زال اليمن يراوح بين اللاسلم واللاحرب منذ انفراط عقد الهدنة في الثاني من تشرين الأول/اكتوبر بعد ستة شهور تجددت خلالها الهدنة التي وقع عليها أطراف الصراع في الثاني من نيسان/ابريل لمرتين تحت إشراف الأمم المتحدة.

في المرة الثالثة كانت الأمم المتحدة تطمح لتمديدها لفترة أطول وبنود أوسع تشمل وجهات طيران جديدة من مطار صنعاء، وتخفيف كثير من القيود على ميناء الحديدة، ودفع رواتب الموظفين المدنيين في مناطق سيطرة جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) الذين اشترطوا لاحقًا إضافة مرتبات العسكريين والأمنيين وهو ما رفضته الحكومة اليمنية المعترف بها، فتعثر توقيع تجديد الهدنة ليبدأ طرفا الصراع بتبادل الاتهامات بشأن من يتحمل مسؤولية انهيار الهدنة.

إلا أن المجتمع الدولي رأى شرط الحوثيين تعجيزيا، وهو ما دافع عنه الحوثيون معتبرين أن الحكومة قبل الحرب كانت تدفع مرتبات جميع الموظفين من إيرادات عائدات بيع النفط، وبالتالي فعلى الحكومة التي تسيطر على مناطق حقول النفط أن تدفع مرتبات الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين الذين يسيطرون على معظم مناطق وسط وشمال اليمن؛ وهي المنطقة ذات الكثافة السكانية في البلاد.

مما سبق فالحوثيون يريدون تقاسم إيرادات النفط والغاز وفتح مطار صنعاء وميناء الحديدة ودفع مرتبات الموظفين، وبدأوا ممارسة ضغوطهم بهذا الاتجاه.

مسارات الحرب

ما بعد انهيار الهدنة وخلال الشهرين المنصرمين، شهدت مسارات الحرب تطورا جديدا زاد من تعقيد السيناريو اليمني، وفتح قراءته على اتجاهات مختلفة بالاستفادة من التطورات الدولية على صعيد المفاوضات الإيرانية الأمريكية على هامش الاحتجاجات الداخلية في إيران ومن جهة أخرى أزمة الوقود العالمية جراء الحرب الروسية على أوكرانيا، وتتمثل هذه المسارات في التالي:

المسار الأول: توقف قصف التحالف لمناطق سيطرة الحوثيين، وهذا التوقف قد يكون مرده إلى تحقيق الحوثيين توازن الرعب باستهدافهم مناطق في العمق السعودي والإماراتي في الفترة الماضية ما دفع التحالف إلى وقف استهداف مناطق سيطرة الحوثيين. وكانت البداية بتوقيع الهدنة ويقال إن قبل ذلك تمت مفاوضات سعودية إيرانية بوساطة عراقية تم بموجبها الاتفاق على هذا الجانب، وبناء عليه تم توقيع الهدنة في نيسان/ابريل. كما تجدر الإشارة إلى أن الحوثيين عقب انهيار جهود تجديد الهدنة بيوم واحد هددوا باستهداف شركات النفط العاملة في الإمارات والسعودية، وأعلنوا منح تلك الشركات فرصة لترتيب وضعها والمغادرة من أراضيهما. والتهديد لربما هو ما وضع التحالف موضع عدم القصف، بل ويرى مراقبون أن تهديد الحوثيين باستهداف السعودية والإمارات في حال لم يتم تلبية مطالبهم في دفع الرواتب وفتح قنوات مباشرة مع السعودية هو أحد أسباب استئناف فتح قنوات تواصل مباشرة بين السعوديين والحوثيين وهو ما سنأتي لتناوله في مسار لاحق.

المسار الثاني: تعليق العمليات العسكرية الكبيرة داخل اليمن وعدم عودتها كما كانت عليه في الجبهات التي كانت ملتهبة قبل الهدنة؛ فيما اقتصرت الحرب خلال الشهرين الماضيين على اشتباكات محدودة هنا وهناك، وتركزت تلك الاشتباكات في مناطق التماس بمحافظة تعز (جنوب غرب) ومحافظة شبوة (جنوب شرق) ومحافظة الضالع (جنوب) ومحافظة مأرب (وسط) ومحافظة الجوف (شمال).

المسار الثالث: قيام مسلحي القاعدة بتنفيذ عمليات تفجيرية بحق مجموعات من قوات المجلس الانتقالي في مناطق جنوبية، وخاصة في محافظة شبوة (شرق).

المسار الرابع: قيام السعودية بالعمل على استكمال تشكيل ألوية جديدة باسم «درع الوطن» بتمويل سعودي كامل بهدف خلق واقع جديد في مناطق جنوب اليمن، الذي لم يستقر في ظل ما تقوم به قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المدعومة من الإمارات من إعادة توطين لأبناء مناطق يافع والضالع وأبين في مدينة عدن وصولاً إلى اختلافها مع القوات السعودية التي تتولى حماية قصر المعاشيق الذي يقيم فيه الرئيس والحكومة.

المسار الخامس: وهو المسار الأهم والمتمثل في استهداف الحوثيين بالطائرات المسيرة لموانئ جنوبية بهدف منع تصدير النفط في سياق الضغط على الحكومة الشرعية للرضوخ والموافقة على تقاسم إيرادات النفط.

وظهر هذا المسار عقب تعثر تجديد الهدنة مباشرة. فعقب إطلاق الحوثيين تحذيرات باستهداف شركات النفط في السعودية والإمارات أطلقوا تهديدات (بعد الوصول إلى طريق مسدود مع الحكومة الشرعية بهدف القبول بشرطهم انف الذكر) لكن هذه المرة صوب الداخل من خلال تهديد الشركات والكيانات – حسب البيان- من الاستمرار في «نهب الثروات السيادية اليمنية» كان ذلك في مستهل تشرين الأول/اكتوبر.

بتاريخ 18 و19 تشرين الأول/اكتوبر بدأت طائرات الحوثيين المسيرة باستهداف أول الموانئ الجنوبية بهدف إيقاف تصدير النفط من خلال قصف «تحذيري» على ميناء النشيمة في محافظة شبوة (شرق) على خليج عدن والبحر العربي.

بتاريخ 21 تشرين الأول/اكتوبر استهدفت طائرة مسيرة تابعة للحوثيين ناقلة نفط كانت تستعد لشحن مليوني برميل نفط من ميناء الضبة بمحافظة حضرموت (شرق) في مديرية الشحر ما دفع السفينة لمغادرة الميناء دون تحميل الشحنة.

بتاريخ 9 تشرين الثاني/نوفمبر استهدف الحوثيون بطائرة مسيرة ناقلة نفط بميناء قناء التجاري بمحافظة شبوة أثناء محاولتها تفريغ شحنة نفط.
بتاريخ 22 تشرين الثاني/نوفمبر استهدفت طائرات الحوثيين المسيرة ناقلة نفط كانت تنوي تحميل مليوني برميل نفط من ميناء الضبة بحضرموت.
هذه الهجمات لم تؤثر بشكل مباشر على بنية ومرافق الموانئ باستثناء الضربة الأخيرة التي أوضح مسؤولون محليون أنها أحدثت بعض الاعطاب بمنصة التصدير. إلا أن المهم هو أنها أوقفت تصدير النفط اليمني الذي تعتمد عليه الحكومة بشكل كبير في إيراداتها وإدارة أنشطتها، وهذا في حال استمر سيشكل تهديدا خطيرا لا يمكن قراءة مآلاته على صعيد الحرب.

المنظمات الأممية والمجتمع الدولي والإقليمي أدانت بشدة هذه الضربات واعتبرتها تهديدا لكل جهود السلام وطالبت الحوثيين بإيقاف الهجمات.
على ما يبدو أن الحوثيين يعرفون جيدًا ما تمثله إيرادات النفط بالنسبة للحكومة علاوة انها انتقلت بالحرب إلى مرحلة جديدة تريد فيها تقاسم إيرادات النفط، وهنا ربما استفادت من التجربة الليبية على صعيد ضغط قوات حفتر على الحكومة باعتماد نصيب له في عائدات النفط، وهو ما تم، أو أنها تعرف ان إمكانات الرد لدى الحكومة أضعف من أن تواجه الهجمات، وبالتالي تمثل هذه الهجمات سلاحا وضغط اقتصاديا على الحكومة لتخضع لشروط الجماعة لتجديد الهدنة والمتمثلة في دفع مرتبات كافة الموظفين والعسكريين والأمنيين في مناطق سيطرتها وربما حينها في حال الموافقة، وهذا مستحيل بالطبع، ستتطور الشروط وترتفع مؤشرات المطالب.

الحكومة من جهتها صنفت الحوثيين من خلال اجتماع مجلس الدفاع الوطني بتاريخ 23 تشرين الأول/أكتوبر، منظمة إرهابية. وهددت باتخاذ جملة من الإجراءات التي تستهدف مواجهة الحوثيين من ناحية ومن ناحية أخرى حماية المنشآت النفطية واستئناف تصدير النفط. وحذرت الحكومة من مغبة استمرار الهجمات وتوقف تصدير النفط وما سيترتب عليه من نتائج تنعكس سلبا على الوضع الإنساني، وتعثر عمل المرافق الخدمية وصولاً إلى عجز الحكومة عن صرف مرتبات موظفيها في مناطق سيطرتها. إلا ان مصادر ذهبت إلى القول ان «الحكومة تفتقر إلى آليات لفرض أي عقوبات مصاحبة لذلك القرار، والنتيجة الوحيدة المتوقعة هي زيادة تشرذم الدولة اليمنية بغير قصد نتيجة هذا التصنيف».

تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية

ما زالت الحكومة تطالب المجتمع الدولي بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية على الرغم من مرور سبعة أسابيع على صدور قرار مجلس الدفاع الوطني بذلك ومطالبة دول العالم بإدراجهم ضمن قوائم الإرهاب، إلا أنه حتى الآن لم تستجب دولة واحدة لمطلب الحكومة اليمنية في إشارة إلى أن المجتمع الدولي والإقليمي ماض باتجاه تحقيق السلام، لاسيما وأن نتائج الحرب الروسية على أوكرانيا فرضت تغييرا في أولويات الأجندة الدولية في ظل أزمة الوقود العالمية التي تتصاعد.

علاوة على ما يشهده المشهد الإيراني الداخلي من مسيرات ناقمة على النظام، وهنا تتهم إيران السعودية وأمريكا بالوقوف وراء تلك الانتفاضة، ومن غير المستبعد أن تستخدم إيران ورقتها في اليمن باتجاه خدمة أهدافها في المرحلة الراهنة. وقبل هذا وذاك فالحوثيون يدركون أن المرحلة الراهنة بمعادلاتها المختلفة في صالح ممارسة مزيد من الضغط معتقدين أن هذه الهجمات ستؤدي في الأخير بالحكومة للموافقة على شروطها، وحتى الآن ما زالت الحكومة تبدي رفضا قطعياً وتهدد باتخاذ إجراءات صارمة في مواجهة هذه الهجمات.

السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يتدخل التحالف في تزويد الموانئ النفطية بمنظومة دفاع جوي لمواجهة الطائرات المسيرة؟ وهنا يتبدى خلاف سعودي إماراتي وربما أمريكي حول هذا الأمر وربما أن السعودية ترى أنه آن الأوان لحل مشكلة الحرب في اليمن.

يعزز ذلك ما شهدته الأيام الماضية منذ فشل جهود تجديد الهدنة من تبادل زيارة الوفود بين الحوثيين والسعوديين، وعلى الرغم من أن هذه الوفود أعلن عنها تحت عنوان «مراجعة أوضاع الأسرى» إلا أن مصادر وتسريبات كشفت انها كانت في سياق مفاوضات تسوية المشكلة اليمنية ومحاولة السعودية تحمل تكاليف الرواتب وكل ما يعيق تجديد الهدنة، لكن الحوثيين رفضوا ذلك؛ لأن التمويل السعودي جاء تحت عنوان «دعم الأشقاء» بينما يريده الحوثيون تحت عنوان تحمل تكاليف إعادة إعمار ما دمرته دول التحالف.

وحسب ورقة لمركز «صنعاء للدراسات الاستراتيجية» فقد شَهِد شهر تشرين الأول/اكتوبر 2022 محادثات مباشرة مكثفة بين الجانب السعودي وجماعة الحوثيين، في وقت تعثرت فيه الجهود التي ترعاها الأمم المتحدة لإعادة إحياء الهدنة وتوسيع نطاقها عقب انتهاء سريانها في الثاني من نفس الشهر، وتصاعدت حدة اللهجة والأفعال من معسكري الحوثيين والحكومة اليمنية على حد سواء. في 12 تشرين الأول/اكتوبر، تبادلت الرياض وسلطات الحوثيين الوفود بشكل علني، رغم محاولات الجانبين تصوير الوفود كفِرَق فنية تعمل على قضية تبادل الأسرى. إلا أن المعلومات الواردة لمركز صنعاء أفادت أن الوفود ضمت مسؤولين كبارا على مستويات أعلى مما تداولتها التقارير العلنية، بمن فيهم دائرة المقربين من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

عَرض السعوديون ما وُصف بـ «صفقة شاملة» تشمل استقبال ولي عهد السعودي محمد بن سلمان للقيادي الحوثي البارز مهدي المشاط.

دروب السلام

على صعيد جهود تجديد الهدنة لم تتوقف لقاءت المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، مع المسؤولين في المنطقة سواء في السعودية أو عُمان أو في طرفي النزاع، سعيًا منه لإيجاد منطقة مشتركة يمكن البناء عليها باتجاه إعادة تجديد الهدنة باعتبارها الأمل الوحيد كمقدمة للذهاب نحو تسوية شاملة، وآخر تلك اللقاءات لقائه برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر على هامش زيارته للعاصمة الأردنية عمان. وركزت المناقشات على خيارات وسبل المضي قدما ومساعي تعزيز الحوار للتوصل إلى تسوية سياسية « حسب تدوينة للمبعوث الاممي في قناته في تليجرام. وفي المقابل كان المبعوث الأمريكي لليمن، تيم ليندركينغ، يلتقي مسؤولين عُمانيين في مسقط لبحث إمكانات تجديد الهدنة في اليمن.

حتى اليوم تعثرت المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة رغم زيارات ممثلو الجهات الدولية الفاعلة لمختلف الأطراف ذات الصلة في المنطقة سعياً لإعادة الهدنة إلى مسارها الصحيح، في ظل رفض القادة السعوديين والحوثيين انخراط أي وساطة دولية. وحسب ورقة لمركز صنعاء للدارسات الاستراتيجية فقد «بدا أن محادثات مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ مع المسؤولين الحوثيين في مسقط لم تُحرز تقدما يذكر، حيث غادر الأراضي العُمانية في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر دون الإعلان عن أي جديد».

أما على الصعيد الداخلي، فقد سعت الحكومة والتحالف الذي تقوده السعودية إلى رأب الصدع خلال اجتماعات عُقدت في الرياض، في ظل تنامي استياء السعوديين من الانقسامات داخل مجلس القيادة الرئاسي. لم تتوقف الشائعات المتداولة خلال تشرين الأول/اكتوبر حول تعديلات وزارية محتملة لتحسين مستوى التمثيل داخل مجلس القيادة الرئاسي، إلا أن التعديل الحكومي الحاسم والوحيد الذي شهده كان تشكيل فريق حكومي جديد للتفاوض مع الحوثيين في إطار عملية السلام، والذي ضمّ ممثلين عن طائفة واسعة من الأطراف ذات الصلة بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي وحزب الإصلاح وقوات المقاومة الوطنية.

في آخر إحاطة للمبعوث الأممي لمجلس الأمن بشأن اليمن تمت في 23 تشرين الثاني/نوفمبر أبدى هانس غروندبرغ تفاؤلاً بما هو عليه المشهد العسكري في اليمن منذ فشل تجديد الهدنة، حيث لم يشهد أي عمليات عسكرية كبيرة. وقال «مضت سبعة أسابيع (عند إلقاء الإحاطة) منذ انتهاء الهدنة الشاملة التي أبرمت بوساطة الأمم المتحدة في اليمن، ولم نشهد لحسن الحظ نشوب حرب شاملة، رغم انتهاء الهدنة ورغم وقوع عدد من الحوادث المقلقة، وهو قرار شجاع لتجنب هذا المسار».

وأشار إلى أنه «في الأسابيع المنصرمة، نفذت جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) هجمات على محطات وموانئ نفطية في محافظتي حضرموت وشبوة بهدف حرمان الحكومة اليمنية من مصدر إيراداتها الرئيسي من تصدير النفط». وأكد أن الهجمات على البنى التحتية النفطية، والتهديدات التي تستهدف شركات النفط تقوض في نهاية المطاف من رفاه الشعب اليمني، كما تترتب عليها مخاطر زيادة التصعيدات العسكرية والاقتصادية على غرار ما شهدناه خلال حرب اليمن.

يتحرك المبعوث الأممي في دروب إعادة إحياء مفاوضات السلام مستندًا على دعم دولي وإقليمي هذه المرة أكثر من فترة مضت، كأن المجتمع الدولي والإقليمي باتا مقتنعين بضرورة إنهاء هذه الحرب إلا أن ثمة عوامل تعيق الوصول إلى نتيجة إيجابية أبرزها استخدام إيران اليمن ورقة ضمن أوراق ضغطها في المفاوضات النووية من ناحية وفي محاولة تخفيف الضغط الدولي في مساندته للانتفاضة الشعبية التي تشهدها. الأمر الثاني حرص الإمارات على تقوية حضورها في الداخل من خلال الاستمرار في استكمال بناء قاعدتين عسكريتين الأولى في جزيرة ميون وقد كشفت صور بالأقمار الصناعية استكمال بناء مدرج مطار وبعض المرافق، وكذلك الحال في جزيرة عبدالكوري في أرخبيل سقطرى، علاوة على استمرار اللعب بأوراق الميليشيات التي كونتها في الداخل كقوات الأحزمة الأمنية والنُخب في المحافظات الجنوبية والشرقية بما فيها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات طارق صالح في الساحل الغربي بالإضافة إلى قوات العمالقة المكونة من مسلحين سلفيين متشددين… وقد استخدمت الإمارات وما زالت تستخدم هذه القوات في إضعاف القوات الحكومية بما فيها القوات في مدينة عتق التابعة وقوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت. علاوة أن ثمة ترتيبات جديدة لا يمكن التعرف على فحواها جيدا تتعلق باتفاق سعودي إماراتي لإعادة ترتيب الوضع في جنوب اليمن، وبالتالي إعادة ترتيب أولويات التسوية داخل الجنوب نفسه، وهو ما يعزز من فرضة ذهاب الإقليم نحم تقسيم اليمن…وهذا في حال تم فلن يسلم الإقليم من تداعياته الخطيرة لأن الجنوب سينقسم على نفسه، وهو أمر لا يحتاج إلى بُعد نظر، إذ أعلنت قيادات في محافظة حضرموت ومحافظة شبوة رفضها الانضمام لدولة الجنوب العربي، التي يدعو لها المجلس الانتقالي الجنوبي، مؤكدة رغبتها باستقلال حضرموت، وظهر ذلك في رفع إعلام دولة حضرموت، وعزز ذلك زيارة السفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فايغن لحضرموت خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر، وهي الزيارة الثانية لها منذ تعيينه سفيرا في اليمن، والهدف دعم مطالب المحافظة الغنية بالنفط لاسيما وإن هناك قوات أمريكية في ميناء الريان بجانب القوات الإماراتية التي حولت المطار إلى قاعدة عسكرية.

تبقى قراءات مسارات الحرب ودروب السلام في اليمن حتى الآن معقدة إلى حد ما إلا أن العامل الدولي يبدو مؤمنا بالذهاب نحو السلام، لكن ليس بالقدر الذي يريده العامل الإقليمي الذي هو في الأخير ليس سوى أدوات لدى العامل الدولي (البريطاني والامريكي) إلا أن الحرب الروسية على أوكرانيا كان لها تأثيرها في خلط أوراق الأزمة اليمنية، وبالتالي فتحها إما على آفاق تسوية شاملة أو على حرب مفتوحة على مختلف الأصعدة؛ لأن الأطراف باتوا يراهنون على قوة كانت مفقودة في مراحل الحرب الأولى، وخاصة على صعيد الحوثيين، وفي الوقت نفسه الحكومة الشرعية التي ما زلت ترمي بثقلها على مرجعيات العاملين الإقليمي والدولي، لكنها لا تعرف إلى أين يمكن الاستفادة من هذين العاملين في هذه المرحلة الحرجة.

«في الأخير فإن حرب النفط بهدف تقاسم ايراداته لا يمكن التعرف إلى أين ستذهب إلا أنها قابلة للتوسع والتصعيد قبل الوصول إلى اتفاق يُعيد الطرفين إلى مربع التفاوض» وفق أحد المراقبين.

وارتفع عائد اليمن من تصدير النفط العام الماضي إلى أكثر من مليار دولار على الرغم من تراجع الإنتاج إلى 55 ألف برميل يوميًا بعد ما كان قبل الحرب يصل إلى 150 ألف و200 ألف برميل، في حين كان يزيد عن 450 ألف برميل عام 2010.

ويشهد اليمن صراعًا منذ 2014 بين مسلحي جماعة «أنصار الله» (الحوثيين) وقوات الحكومة المعترف بها دوليًا يساندها تحالف عسكري بقيادة السعودية. وقد أدت الحرب لمقتل مئات آلاف الأشخاص جراء المعارك أو تداعياتها وفق الأمم المتحدة.

ويعتمد نحو 80 في المئة من السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة، على المساعدات للاستمرار.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى