قطر تواجه الانتقادات ضد المونديال بتصريحات مرتبكة
استفاقت الدوحة متأخرا للرد على انتقادات بسبب استضافتها لمونديال كرة القدم الذي سينطلق بعد أيام قليلة. وفي الوقت الذي توسعت فيه الانتقادات لتشمل منظمات مدافعة عن العمال وأخرى عن حقوق الإنسان وشخصيات رياضية دولية وبضع قادة المنتخبات المشاركة، تحركت قطر الآن لتقول إن الحملة لا تعدو أن تكون تصفية حسابات غير مبررة.
ويقول متابعون للجدل بشأن المونديال إن قطر كانت تعتقد أن العاصفة ستمرّ قبل استضافة كأس العالم، وأنها راهنت على العلاقات التي صنعتها مع شخصيات رياضية وخاصة من داخل الجامعة الدولية لكرة القدم (فيفا) للدفاع عنها، لكن الانتقادات آخذة في التوسع مع اقتراب الموعد، وأنها ربما تكون أشد خلال فعاليات كأس العالم التي تبدأ الأسبوع القادم.
وتشمل الانتقادات التي تكثّفت منذ شهرين اتهامات بالفساد متعلّقة بكيفية حصول قطر على حقّ تنظيم البطولة، وسجلّ الدوحة الحقوقي في مجال الحريّات وحقوق المرأة وأفراد مجتمع الميم والعمّال المهاجرين، وصولاً إلى تقاليد المجتمع القطري المحافظ والمناخ الحارّ وتكييف الهواء في الملاعب.
وبعد أن كانت قطر تكتفي بالردّ بأنّ “الجميع مرحّب بهم” في المونديال، وبإبداء الأسف لعدم تحقّق منتقديها بأمّ العين ممّا يجري على أرض الواقع بدلاً من “إطلاق الاتّهامات جزافاً”، انتقلت بشكل متأخر إلى الدفاع عن نفسها.
وظهر بالكاشف أنّ ما ظنته قطر أفضل فرصة للترويج لها وأكبر وأغلى حملة علاقات عامة في التاريخ، انقلب عليها الآن في شكل حملات من جهات مختلفة
ويشير المتابعون إلى أن قطر فشلت في التعامل مع الاتهامات الموجهة إليها بشأن حقوق العمال، وخاصة بعد تتالي تقارير وشهادات عن ظروف الإقامة الصعبة وعدم دفع الأجور والوفيات غير المبلّغ عنها في مواقع البناء.
وانتشرت شهادة مالكولم بيدالي حارس الأمن الكيني الذي طرد من قطر بعد أن تحدث إلى منظمات حقوقية عن الأوضاع الصعبة للعمال بشكل واسع وتحوّلت إلى وثيقة إدانة لم تقدر الدوحة على مواجهتها سواء بالتقليل من التجاوزات أو بوعود الإصلاح، وما تزال تأثيرات هذه الشهادة قائمة إلى حد الآن.
ويقول بيدالي “عندما أنظر إلى الملاعب، لا يسعني إلا التفكير في عدد الأشخاص الذين لم يحصلوا على أجورهم وكم من الأشخاص عانوا ظروف عمل رهيبة… وكم من الأشخاص فقدوا أرواحهم”.
ويضيف في تصريحات جديدة محذرا من المرحلة التي تعقب المونديال “عندما تغادر الكاميرات والصحافيون والمشجّعون، سيبقى العمال المهاجرون وأرباب العمل والدولة، وأعتقد أنه سيكون من الصعب جدا الحفاظ حتى على الإصلاحات التي أدخلت، وما بالك بإدخال إصلاحات جديدة”.
وبعد مرحلة أولى قامت على إهمال الاتهامات والتقليل من تأثيرها قياسا بشبكة العلاقات التي بنتها للحصول على حق استضافة المونديال، عادت الدوحة الآن وتحركت على مستوى رسمي في محاولة لتبرئة النفس والبحث عن تفسيرات تقوم على نظرية المؤامرة.
وشكّل خطاب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في افتتاح عَقد مجلس الشورى في 25 أكتوبر نقطة تحوّل في طريقة مواجهة الدوحة.
وقال الأمير يومها “منذ أن نلنا شرف استضافة كأس العالم، تعرّضت قطر إلى حملة غير مسبوقة لم يتعرّض لها أيّ بلد مضيف”.
وأضاف “تعاملنا مع الأمر بدايةً بحسن نية، بل واعتبرنا أنّ بعض النقد إيجابي ومفيد لكنّ الحملة تتواصل وتتّسع وتتضمّن افتراءات وازدواجية معايير، حتى بلغت من الضراوة مبلغاً جعل العديد يتساءل للأسف عن الأسباب والدوافع الحقيقية وراء هذه الحملة”.
وبرأي وزير العمل القطري علي بن صميخ المرّي، هذه الدوافع “عنصرية” في جزء منها.
وقال المرّي في تصريحات صحافية في مطلع نوفمبر “هم لا يريدون السماح لدولة صغيرة، دولة عربية، دولة مسلمة، أن تنظّم كأس العالم. هم على بيّنة تامّة من الإصلاحات التي حصلت، لكنّهم لا يعترفون بها لأنّ دوافعهم عنصرية”.
وفي 28 أكتوبر أعلنت وزارة الخارجية القطرية أنّها استدعت سفير ألمانيا في الدوحة احتجاجاً على تصريحات “غير مقبولة ومستهجنة ومستفزّة للشعب القطري” أدلت بها وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايسر المكلّفة أيضاً بحقيبة الرياضة والتي قالت “من الأفضل عدم منح شرف تنظيم البطولات لمثل هكذا دول”.
متابعات