شهدت مدينة تعز، الغارقة بعصابات النهب والقتل والجبايات، على مدى اليومين الماضيين، تحركات أمنية مرتبكة من خلال حملة تستهدف مطلوبين أمنيا بعد ثلاث سنوات من الإعلان عنهم. متهمين بالتسبب في الفوضى الأمنية في تعز. تزامن ذلك مع تواري عدد من القيادات الأمنية والعسكرية الرفيعة عن المشهد، ومغادرة البعض منهم خارج البلاد.
وأطلقت، أمس الأحد، إدارة الأمن في تعز، حملة أمنية، لملاحقة عصابة غزوان المخلافي. وخاضت معها اشتباكات مسلحة، لازلت مستمرة، توسعت إلى عدد من أحياء وسط المدينة، في الروضة وزيد الموشكي وحي الثورة. أسفرت عن مقتل عدد من أفراد الأمن وعناصر من العصابة بينهم صهيب المخلافي شقيق غزوان، إضافة إلى إصابة آخرين بينهم ثلاثة مدنيين.
وذكر، مركز الإعلام الأمني، التابع لشرطة تعز، في بلاغ له، أن صهيب المخلافي أحد المطلوبين أمنيا، لقي مصرعه أثناء مقاومته للسلطات الأمنية في مدينة تعز. وأن الحملة لا تزال مستمرة، في ملاحقة، شقيقه غزوان المخلافي وعصابته.
وتأتي هذه الحملة، التي وجهت، صوب أحد أهم أوكار عصابات الإجرام في تعز، والكائن في حي الروضة، بعد يومين من تحركات شعبية في مدينة تعز بدأها عشرات التجار في حي التحرير بإغلاق محلاتهم كنوع من الاحتجاج والتنديد بتقاعس الأجهزة الأمنية في ضبط عصابات الجبايات التي دائما ما تعتدي عليهم وتنهب أموالهم بالقوة وعلى رأسها عصابة غزوان المخلافي وشقيقه صهيب.
كما تهدف الحملة، وفق مصادر مطلعة، إلى عرقلة وتحييد التحركات والضغوطات الشعبية المناهضة لهذه العصابات والوضع الأمني والعسكري والخدمي المنفلت في المحافظة. متوقعة أيضا إجراء بعض التغييرات الشكلية في المؤسستين الأمنية والعسكرية خلال الأيام المقبلة كنوع من تخفيف الضغط الشعبي المتنامي.
وبحسب المصادر، فإن التحركات الأمنية الأخيرة في تعز، تستبق توجهات مجلس القيادة الرئاسي، الذي تتجه صوبه كافة الأنظار في تعز، بانتظار قرارات حاسمة تعمل على حلحلة جذرية لمشاكل تعز الأمنية والعسكرية والخدمية، المعقدة والمركبة.
في السياق، أفاد مصدر عسكري، أن القيادي في حزب الإصلاح (فرع الإخوان المسلمين في اليمن) عبده فرحان “سالم”، الذي يعده الكثيرون، الحاكم العسكري لتعز، غادر قبل خمسة أيام، المدينة برفقة عائلته، متوجها إلى الأردن. وسط أنباء عن تغييرات مرتقبة في قيادة محور تعز والأجهزة الأمنية في المحافظة.
وأوضح المصدر، أن “سالم” كان يوفر الغطاء والحماية لبعض قادة العصابات المسلحة المنضوية في الوحدات التابعة لمحور تعز العسكري. أحدهم نجله عزام المطلوب بأوامر قهرية للنيابة الجزائية المتخصصة في عدن بسبب اعتداءاته على القضاة ونهب أراضي الدولة والمواطنين. إضافة إلى غزوان المخلافي وعدد من زعماء العصابات.
وبيَّن المصدر، أن هناك توافقات في مجلس القيادة الرئاسي على تحجيم نفوذ حزب الإصلاح. وهيمنته على المشهد العسكري والأمني والمدني في المحافظة. الذي ظل يتصدره طيلة الثمان سنوات الماضية. متسببا في إخفاقات ميدانية وانعكاس سلبي على الجانب الأمني في المناطق المحررة من المحافظة.
وأضاف: أن “على رأس القيادات التي سيتم إزاحتها قائد محور تعز اللواء خالد فاضل، ومستشاره عبده فرحان سالم. إضافة إلى عدد من قادة الألوية العسكرية، يليها خطوة ثانية تتمثل بتغيير قيادات كتائب الألوية والقادة الميدانيين”.
وتخضع تعز لحكم عبده فرحان، الملقب بـ”سالم”، القيادي في جماعة الإخوان المسلمين. وهو مدرِّس تم تعينه، بقرار غير معلن، مستشارا لقائد محور تعز العسكري.
كما يعد “سالم” صاحب القرار الأول والأخير في تعز، وتسري قراراته وتوجيهاته على جميع قادة ألوية الجيش، وقادة قوات الأمن. وعلى قائد المحور العسكري نفسه.
وتفيد المعلومات أن “سالم” الذي ينتمي إلى مديرية شرعب السلام في محافظة تعز، شارك في “حرب أفغانستان”. ضمن صفوف ما كان يُعرف بـ ”المجاهدين”. عاد بعدها إلى اليمن، وفي 1990 كلف بالعمل في أبين، كمدرس إلى جانب مهام تنظيمية وعسكرية سبقت حرب 1994.
كما تشير المعلومات إلى استمرار “سالم” في العمل بشكل سِرِيِ، كمسؤول أمني/ عسكري للتجمع اليمني للإصلاح في عدن ولحج وأبين، حتى عام 2011. قبل أن يعود ليستقر في مدينة تعز، وتولى مسؤولية الجانب العسكري لحزب الإصلاح. وبرز مؤخرا كحاكم عسكري فعلي لتعز؛ في المناطق المحررة منها.
وربط المصدر العسكري، مغادر “سالم” تعز، بالتحركات الأمنية والحملة التي تلاحق أحد أبرز قادة العصابات في تعز، الذي وفر له الحماية إلى جانب قيادات أخرى. واعتبرها ضوء أخضر لتصفية هذه العصابات قبل أن تتحول إلى دليل إثبات على تورطهم بالوقوف خلف الجرائم التي طالت العشرات من سكان المدينة.
ووفقا للمصدر، فإن غزوان وعصابته، يحتمي إلى جانب “سالم” بمستشار وزير الدفاع خاله صادق سرحان وشقيقه الذي يشغل مديرا لفرع الأمن السياسي في تعز عبدالواحد سرحان. إضافة إلى وكيل أول محافظة تعز عبد القوى المخلافي. وكلهم قادة محسوبين على حزب الإصلاح في تعز.
وقال المصدر، “كان بإمكان هذه القيادات الرفيعة، تسليم كامل أفراد العصابة وقائدها دون الحاجة لأي حملة أمنية ومواجهات دامية، كما فعلت ذلك من قبل. لكن ما يجري هو تصفية الشهود والأدلة التي تثبت تورط هذه القيادات وغيرها في التسبب بالجرائم والفوضى التي شهدتها تعز. وراح ضحيتها العشرات من الأبرياء,
إلى ذلك، أشار مصدر أمني الى ، أن عبد القوي المخلافي، نقل قبل يومين من الحملة الأمنية سكنه من حي الروضة شمال شرقي المدينة، الذي تتخذه عصابة غزوان وغيرها، وكرا لها تحتمي فيه. إلى حي الدحي في الضواحي الجنوبية الغربية للمدينة.
وبيّن المصدر، أن عبد القوي المخلافي، كان دائم التدخل في احتواء أي حملات أمنية توجه نحو حي الروضة. وعادة ما يتعهد للجهات الأمنية بتسليم المطلوبين، لإحباط أي مساع لضبطهم. ووقف الفوضى الأمنية في تعز.
وبحسب المصدر، فإن الوكيل المخلافي، كان يرفض بشدة دخول قوات الأمن حي الروضة، ومطاردة المطلوبين أمنيا. وأن هذه المرة الأولى التي تصل فيها حملة أمنية إلى الحي بعد الضغط عليه ونقل سكنه منه. وهذا ما يؤكد المعلومات التي أوردها المصدر العسكري. في أن الحملة تهدف، بموافقة هذه القيادات، إلى التخلص من ملفات تثبت تورطها بكل ما شهدته تعز من جرائم قتل ونهب أراضي وعمارات واعتداءات وجبايات غير قانونية. كانت تمارسها عصابات تحت غطاء الجيش والأمن والسلطة المحلية بالمحافظة.
وخلال السنتين الأخيرتين، سهل حزب الإصلاح، وفقا للمصدر، هروب العديد من المطلوبين أمنيا، من تعز. ومغادرة أغلبهم إلى تركيا ودول أوروبية عدة. على رأسهم غدر الشرعبي أحد أبرز المطلوب أمنيا، وتفيد المعلومات أنه يتواجد حاليا في بلاروسيا. ومحمد منير المخلافي، وعاهد فهد طاهر رزاز. إضافة إلى أكثر من 15 مطلوبا، وجميعهم ينتسبون للوحدات العسكرية والأمنية.
نالت تعز، منذ بداية الحرب، ما لم تنله أي مدينة يمنية أخرى، من الحصار والاستهداف الحوثي المستمر للمدنيين. إلى جانب حالة الفوضى والانفلات الأمني في تعز منذ تحريرها. وغياب الخدمات والوضع الإنساني المتدهور. وإغراقها بطابور طويل من العصابات تديرها قيادات إخوانية نافذة تتحكم بالمحافظة وتوجه مسارها خدمة لمصالحها الشخصية.
متابعات