ينتظر عشاق الدراما المصرية وجبة “دسمة” من الأعمال التي تدور أحداثها عن الصعيد، تُعرض بالموسم الدرامي المرتقب رمضان 2023، بعد أن كشف عدد من النجوم عن استعدادهم لخوض غمار المنافسة “الصعبة” في سياق الدراما الصعيدية.
وعادة ما تكون المشاركة في “دراما الصعيد” اختبار صعب للفنانين، لا سيما في ضوء السمات الخاصة التي تتطلبها تلك الأعمال، بدءاً من اللهجة والأزياء والحبكة الدرامية وغير ذلك.
ومن بين الأعمال المنتظرة في دراما رمضان 2023 والتي تدور أحداثها في أجواء صعيدية:
“العمدة” بطولة محمد رمضان، وإخراج محمد سامي.
“ستهم” بطولة روجينا تأليف ناصر عبد الرحمن وإخراج رؤوف عبد العزيز.
“ولو بعد حين” أول أعمال الفنانة نيللي كريم في “الدراما الصعيدية”.
“الكبير أوي” بطولة النجم أحمد مكي.
مسلسل أحمد العوضي وياسمين عبد العزيز، يدور في إطار الدراما الصعيدية. وكان العوضي قد كتب عبر “فيسبوك: اللي جاي صعيدي ابن سوهاج، الصعيد والأصول والجدعنة والدم الحامي.
ومع تعدد الأعمال، هل تنجو “الدراما الصعيدية” في رمضان 2023 من السقوط في فخ التنميط الذي اتسمت به عديد من الأعمال السابقة؟.
الخروج من عباءة النمطية
يقول السيناريست والكاتب المصري مجدي صابر، إنه يتمنى أن تخرج الأعمال التي تدور أحداثها عن الصعيد من عباءة النمطية في التناول والعرض، موضحاً أن “من يكتب عن الصعيد يجب عليه أن يذهب ويرى كيف تغيّر الجنوب تماماً عن الماضي ولم يعد كما نراه في الأعمال التي تُعرض لنا”.
ويشير في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” إلى أن الصعيد أصبح جزءاً من الحضر، لا سيما أن التكنولوجيا تسببت في إحداث نقلة حضارية، فصار من يعيش بأقصى الجنوب يعرف كل ما يدور حول العالم”.
ويستطرد: “إذا كان بعض صناع الأعمال الفنية التي تدور أحداثها عن الصعيد يركزون دائماً على الثأر والميراث فأعتقد بأنني نجوّت من هذا الفخ في (سلسال الدم)، فهدفي من هذا العمل كان مُحاربة الثأر وإيصال رسالة هامة هي أن الصعيد قادر على عبور مسألة الثأر لتغيير الفكر العقيم والقديم وهو فكرة أخذ الثأر باليد وسفك الدماء.. كما أنني ضمّنت رسائل عديدة ضمن المُسلسل مثل الزواج المُبكر وحق الفتيات الصعيديات في التعليم والعمل.. وأعتقد بأن المشاهد انتبه لهذه الرسائل بشكل قوي وكبير”.
لهجات مختلفة
ويضيف صابر: إن كل محافظة من محافظات الصعيد لها لهجتها الخاصة، وكل مركز من مراكز هذه المحافظة له لهجته، وهذه إشكالية تواجه صناع الدراما الصعيدية، فعلى سبيل المثال إذا قدمنا عملاً فنياً تدور أحداثه في محافظة قنا فمن الممكن أن يكون فيها ما يقرب من 4 أو 5 لهجات، فنضطر لاختيار لهجة واحدة يتحدث بها الأبطال وهذه مُهمة مُصحح اللهجة وليست مُهمة الكاتب أو المُخرج”.
بيئة الصعيد
من جانبه، يقول المُخرج المصري حُسني صالح، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية” إنه يتعين قبل البدء في أي عمل فني تدور أحداثه عن الصعيد أن يكون لدى القائمين عليه فكرة عن أهل الصعيد وبيئتهم وتفاصيل حياتهم، من خلال زيارة المحافظة التي تدور الأحداث بها والجلوس مع سكانها ومشاهدتهم على الطبيعة، ويكتب المُؤلف ما شاهده ولا يكتب من نبع خياله مثلما يفعل الكثيرون ممن يكتبون من واقع موروثاتهم التي شاهدوها في الأعمال التي قُدمت من قبل عن الصعيد.
ويستشهد بالفنان الفنان نور الشريف، عندما قدم مُسلسل الرحايا ذهب إلى قلب الحدث “العيساوية” وجلس مع كبيرهم لمدة عشر أيام ليعرف كيف يربط العمامة وكيف يتعامل مع الأشخاص وطريقة حديثه وكل تفاصيله لأنه دور شبيه له.
ويوضح صالح أن فكرة تناول الصعيد في عمل فني أمر ليس سهلاً، فالصعيد ليس كتلة واحدة، كل نجع يختلف عن الآخر وكل قرية تختلف عن جارتها، كل بلهجاته وكل بعاداته.
استعداد كافٍ
وترى الناقدة الفنية حنان شومان، أن النمطية في تقديم الشخصيات عموماً في الفن المصري أمر تاريخي “فلدينا إشكالية كبيرة في التنميط مرتبطة بالمجتمع”، موضحة لدى حديثها مع موقع “سكاي نيوز عربية” أن هذه النمطية تظهر في الدراما التي تتناول الصعيد بشكل واضح.
وتشدد شومان على أهمية دور مُصحح اللهجات بالأعمال الدرامية التي تدور أحداثها في الصعيد، خاصة أن كل محافظة لها لهجتها الخاصة، مردفة: “دائما يكتبون على تترات الأعمال الفنية تصحيح لهجة، بينما الحقيقة أن أهل البلد نفسها يقولون إن هذه ليست لهجتهم!”.
وتستطرد: أتمنى أن تراعي الأعمال الدرامية في رمضان 2023 التي ستتناول حياة الصعيد إجراء بروفات كافية حتى يستطيع الممثلون المُشاركون بهذه الأعمال التحدث مثل أهل الصعيد، ويرتدون ملابسهم الحقيقية، وهو أمر مهم للخروج عن النمطية أو الاقتراب من الواقع ، ولتفادي الأخطاء التي وقعت فيها أعمال سابقة.
شخصيات كاريكاتورية!
ومن جهته، يُشير الناقد الفني محمد عبد الخالق، إلى أن الصعيد وحياته ملهم ومُغرٍ لأي كاتب دراما، لكن وجود أربعة أو خمسة أعمال درامية في موسم واحد تدور أحداثها حول الصعيد أو عن شخصيات من الصعيد تُعد جرعة كبيرة على موسم واحد.
وحول المُشكلات الفنية المتكررة في الدراما الصعيدية، يقول الناقد الفني إن هذه المشكلات المتكررة كمشكلات اللهجة تمثل “إهانة للعمل كله”.
ويلفت الناقد الفني إلى أن الزمن اختلف والصعيد الآن ليس هو مُنذ 50 عاماً، بالتالي لا يصح التعامل مع الشخصيات الصعيدية التي تقدم بالأعمال الفنية على أنها شخصيات كاريكاتورية أو شخصيات نمطية ثابتة بأشكال وملابس وطريقة نطق محفوظة، فالاستسهال واللجوء للقالب الجاهز لا يصُب فى صالح العمل.
أخطاء شائعة
ويوضح أنه لا يوجد شاب صعيدي من طبقة فقيرة يعاني الظلم طوال حلقات العمل ويُطل على الجمهور بـ ” بابتسامة هوليوود” أو فتاة تعمل في منزل عمدة البلد وتحقن فيلر وبوتكس!.
ويختتم حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” بقوله: الجمهور أصبح أكثر انفتاحاً ووعياً، ولا يرحم المُخطئ، و”كوميكس السوشيال ميديا” هي في حقيقتها تمثل نقداً شعبياً فطرياً ومحاكمات فورية لهذه الأعمال التي تسقط في فخ التنميط.
متابعات