أفضل عاصمة أوروبية تزداد تألقًا.. ما الذي يميز لشبونة البرتغالية؟

بإيجاراتها المقدور عليها، وحياتها الليلية الرائعة، وشوارعها الفاتنة، شهدت العاصمة البرتغالية لشبونة، التي تعد أفضل عاصمة أوروبية، وصول المسافرين الشبان بأعداد كبيرة خلال السنوات الأخيرة، للتمتع بإقامات طويلة بفضل تأشيرات “الرحالة الرقمية” التي تمنحها.

نتيجة لذلك، اتخذت المدينة طابعًا شبابيًا متعدد الثقافات وعالميًا، ما ساعد على جذب السياح إليها من جميع أنحاء العالم.

وليس فقط أولئك الذين يتطلعون للعيش والعمل هنا من يساهمون بهذا التغيير.

فإذا تجولت بشوارع عاصمة البرتغال الصاخبة، ستشعر بالثقة في جميع أنحاء المكان.

وبدأ السكان المحليون حقًا بتبني هويتهم البرتغالية، من خلال عرض أفضل مأكولاتهم وثقافتهم التقليدية، من معجنات باستيل دي ناتا اللذيذة في منطقة بيليم، إلى ألحان موسيقى فادو الحزينة في حي ألفاما.

وكل ذلك يشكل ما يسمّيه مواطنو لشبونة “ألما” أو الروح، وهو عنصر فريد للغاية في هذا المكان الرائع.

ويمكن للزوار اختبار هذه الروح خلال إحياء الليالي الخاصة مثل عيد القديس أنتوني بتاريخ 13 يونيو/ حزيران، الذي يعد أكبر حدث في تقويم لشبونة، عندما يحتفل السكان المحليون بالمسيرات الطويلة التي تستمر حتى وقت متأخر من الليل، مسبوقة بوجبات ملحمية من السردين والنبيذ المحلي في الشوارع.

لشبونةجيزيلا جواو، مغنية موسيقى فادو بطريقة مختلفة.

ولكن “ألما” لا تتمثل في ليلة واحدة فقط.

وإذا جئت هنا للزيارة في أي وقت من السنة، سيراودك حتمًا شعور بأن الحياة يجب أن تعاش.

قد يكون ذلك في الشوارع البوهيمية في حي بايرو ألتو، حيث تمتد المطاعم، إلى الممرات الضيقة.

ومع ذلك، فإن “ألما” لا تقتصر فقط على التجول مع الأصدقاء، أو الاستمتاع بالوجبات الخفيفة في الهواء الطلق، إذ أن لها وجود أيضًا في الموسيقى التقليدية، خاصةً بموسيقى”فادو”.

هذا المزيج بين الشعر والغناء، المولود في شوارع أحياء الفاما ومورارية الجميلة في لشبونة، يعد أكثر من مجرد تعبير عن الحزن والكآبة.

إنها بالأحرى بمثابة تعبير عن الحماسة والتقاليد البرتغالية، حسبما ذكرته مغنية موسيقى فادو، جيزيلا جواو.

وقالت جواو:”أعتقد أن فادو، هي الأكثر واقعية.. حيث يمكننا أن نعبّر عن شخصية [البلد] البرتغالي، والشعب البرتغالي”.

كما أنها حريصة على دحض فكرة أن الحزن هو ما يميز موسيقى فادو.

وأوضحت: “بالنسبة لي، [فادو] تدور حول الشعر والقصيدة بالنسبة لي، هي قصيدة يمكن أن تتحدث عن حياة الجميع.. عندما أغني أشعر أنني أستطيع التعبير عن نفسي”.

ويتضح ذلك في صوت جواو الجميل، الذي يتردد في جميع أنحاء الحي، إنه صوت برتغالي جوهري.

يمكن أن تبدو لشبونة كما لو أن نصفها على الأرض ونصفها الآخر في البحر، مع الاجتياح الواسع لنهر تاغوس المؤدي إلى المحيط الأطلسي الشاسع.

وتفتخر البتغال بـ500 عام من تاريخ الملاحة البحرية.

يشيد النصب التذكاري للاكتشافات الشهير في لشبونة، Padrão dos Descobrimentos، الواقع في حي بيليم على ضفاف نهر تاغوس، بالمستكشفين العظماء في البلاد.

وإذا تحدثت مع السكان المحليين هنا، لن يمر وقت طويل قبل أن يذكرك بالمستكشفين العظماء وعصر الاكتشاف منذ حوالي 500 عام.

ومع ذلك، لم يكن هناك دومًا الكثير ليقال عن ماضيها الأكثر حداثة.

لقد تغير الكثير من ذلك في العشرين سنة الماضية، رغم أنّ هذا الشعور بالثقة أصبح محسوسًا في جميع أنحاء المدينة، مع عودة لشبونة كوجهة سياحية ومكان للعمل والترفيه.

ويتضح ذلك بشكل خاص في مشهد الطعام في لشبونة.

لشبونةخوسيه أفاليز: يتوقع رواد المطعم “روح الطعام البرتغالي”.

وقد دافع الشيف الشهير، خوسيه أفيليز، عن الطعام البرتغالي الفاخر لسنوات.

وقبل خمسة عشر عامًا، بدأ أفيليز في تقديم أكثر الأطباق المحلية تواضعًا، أي السردين، إلى مطعمه الراقي.

ويشرح أفيليز: “عندما يذهب البرتغاليون إلى مطعم برتغالي معاصر.. فإنهم يتوقعون طعامًا معاصرا، مع روح الطعام البرتغالي، لذلك لدينا الكثير من الاحترام لسمك السردين”.

لا يمكنك تجنب العودة إلى هذا الشعور بالروح عندما تكون في لشبونة.

يشرح أفيليز أن الأمر كله يتعلق باحترام التقاليد أثناء جلب الأطباق إلى المستقبل.

ويقول:”أرى أن المطبخ البرتغالي الذي توارثته الحفيدات من الجدات، والبنات من الأمهات يتمثل بفن جلب النكهات ببساطة وبحُب. وهذا ما نحاول القيام به، حتى لو قمت بذلك بطريقة إبداعية للغاية، ما تحتاج إلى تقديمه لضيوفك هو طعام لذيذ”.

هذا صحيح بالتأكيد لمطبخ أفيليز، من وصفاته البسيطة بالسردين إلى شرائح اللحم اللذيذة.

لشبونةباستيل دي ناتا، الفطائر الكلاسكية بالبرتغال

وبالطبع، لن تكتمل أي وجبة في لشبونة من دون باستيل دي ناتا الشهير، أي فطيرة الكسترد الآتية من بيليم.

أصبحت هذه الأطعمة الصغيرة عالمية خلال السنوات الأخيرة، لكن مذاقها يعد الأفضل هنا في هذه المدينة الرائعة.

ولا شك في أن اكتشاف نهضة لشبونة أمر يستحق الزيارة، خاصة مع طعام لذيذ في متناول اليد.

ورغم تغير لشبونة من نواح كثيرة خلال القرن الحادي والعشرين، إلا أنها تمكّنت من البقاء وفية لجذورها وماضيها وتاريخها الرائع.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى