فنانة يمنية تبيع لوحاتها لمساعدة المحتاجين

اليمنية سبأ جلاس تؤكد أن المزاد الأخير تم تخصيص المبلغ المتوفر منه لتأمين وجبات الفطور لطلاب مدرسة حكومية.

الفن سلاح لتأمين حياة الناس تحت راية السلم، وتبرز أهميته في زمن الحروب ففي اليمن الذي يعاني من الصراعات المستمرة منذ سنوات تبعث الشابة سبأ جلاس الأمل من خلال بيع لوحاتها في مزادات خيرية لمساعدة المحتاجين.

في اليمن الذي يعاني غالبية سكانه من الفقر، لا يزال ثمة أمل ينسجه شبان وشابات يصنعون الفن ويزرعون الكفاح في أرض تكسوها صراعات مستمرة حتى اليوم.

وخلال فترة الحرب المستمرة باليمن منذ نحو ثماني سنوات، برزت شابات ناشطات في مجالات متعددة، من بينها الفن التشكيلي الذي بات من أركان مقاومة أوجاع الصراع وآلام الحرب المريرة.

ومن الناشطات اليمنيات البارزات، الشابة “سبأ جلاس”، التي تعد واحدة من أبرز مبدعات الفن التشكيلي في البلد العربي الفقير.

ومنذ سنوات عديدة، تواصل الفنانة سبأ فن الرسم، لتحكي عبر لوحاتها عددا من القصص التي تلخص الواقع العام الذي يعيشه اليمن.

وتقول سبأ، “أحب الرسم منذ طفولتي، حيث أستطيع أن أرسم عن أي شيء، وبعد دخولي المدرسة كنت أرسم على دفاتري وكتبي، وكانت هواية الرسم ترافقني في كل مراحل عمري”.

حظيت سبأ باهتمام وتشجيع من المحيطين بها خصوصا أسرتها، وبعد نشر أعمالها على مواقع التواصل الاجتماعي، وجدت تفاعلا جميلا دفعها إلى الاستمرار في فنها.

وأضافت سبأ التي تخرجت من جامعة صنعاء قسم الأدب الفرنسي “عند بداية الحرب في عام 2015، كنت أرسم صور أعمدة الدخان الناجمة عن القصف والانفجارات… أرسم على الدخان أشكالا وصورا تبعث على التفاؤل، مع بث رسائل مناهضة للحرب عن طريق الرسومات التي قمت بها”.

وواصلت سبأ مشوارها الفني، حتى بدأت في 2017 في الرسم بالألوان الزيتية، ونجحت في إقامة معرضها الفني الأول في دار الأوبرا المصرية بالقاهرة في عام 2021.

قبل سنوات بدأت سبأ في الترويج للوحاتها وبيعها في مزادات علنية خيرية يتم تحويل حصادها المالي لصالح الفقراء والمحتاجين في بلادها التي تصنف بأنها تعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، حيث معظم السكان البالغ عددهم 30 مليونا يعتمدون على المساعدات.

وتقول سبأ “نجحت في إقامة 12 مزادا خيريا على 12 لوحة من أعمالي، كان آخرها في شهر أغسطس الجاري”. وأضافت أن المزاد الأخير تم تخصيص المبلغ المتوفر منه لتأمين وجبات الفطور لطلاب مدرسة حكومية.

وتفيد بأنها بدأت المزادات الخيرية في العام 2018، وكان أغلبها لصالح المدارس، حيث يتم شراء مستلزمات مدرسية، وترميم مدارس تضررت من الحرب، وكذلك إنشاء مخبز خيري ودعمه.

وتابعت “أبدو سعيدة بمستوى تفاعل الناس مع المزادات الخيرية مهما كانت متواضعة، حيث بلغ سعر أغلى لوحة في المزاد 1300 دولار، وتفاوتت أسعار البقية وكان أقلها 200 دولار”.

وتعرب عن أملها في أن تستمر المزادات، وأن يكون لها أثر أكبر في المستقبل. وتشير سبأ، إلى أن أغلب أعمالها الفنية تحمل رسالة السلام وأي معنى ضد الحرب.

كما رسمت سبأ لوحات متعددة عن قضايا أخرى مثل العنف ضد المرأة، وأثر الحرب على الطفولة، وعمال النظافة وضرورة تقديرهم، إضافة إلى معاناة مرضى السرطان، وجائحة كورونا وجهود الطواقم الطبية في مكافحة الوباء، وغيرها من القضايا المهمة.

وتقول جلاس “أحب رسم أي شيء جميل حتى ولو من قلب القبح… قبح الحرب وتجار الحروب؛ ورسمت أيضاً عن التراث”.

ويبدو على سبأ السعادة والرضا فيما قدمت في سبيل الفن والعمل الخيري، وتفيد بأن “إقبال الناس على أعمالها دائماً جميل وكبير”. وتضيف “أنا أرسم للأمل والتفاؤل والسلام، لذا أجد أغلب الناس يحبون أعمالي”.

تقول الفنانة سبأ، إن”الفنان التشكيلي اليمني يواجه واقعا صعبا، ويبذل الجهد كي يستمر في ظل عدم الاهتمام المُرضي للفن، مع اشتعال الحرب والأزمات المتكررة”. وأفادت بأن “هناك فنانين غادروا اليمن ليجدوا متنفسا لهم ولأعمالهم”.

وفي نظرتها لمستقبل عملية السلام في بلادها تشير سبأ إلى أن” السلام يحتاج إلى قرار سياسي، غير أن الفن لا ينبغي أن يغيب في الحروب وأن يستمر في تقديم رسائل السلام”.

وشددت على أنه “لا ينبغي أن يألف الناس صور الدمار والحرب، فتستنكر صور الجمال وتتشوه أرواحنا”. ولفتت إلى أنه “قد لا يصنع الفن السلام لكن من الممكن أن نساهم في صنع الوعي بضرورة التعايش والسلام ونبذ العنف”.

وتوجه رسالتها إلى جميع اليمنيين قائلة “لو أننا استطعنا فعلاً العيش معاً دون رفض الآخر لما وصل بنا الحال إلى ما وصلنا إليه”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى