تلقى المستمعون العرب إعلان هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عزمها وقف البث بالعربية بدهشة.
وذكر متابعون للإذاعة أنهم حزينون لخبر وقف البث بالعربية التي استمرت حوالى 84 عاما. وترتبط الإذاعة لشريحة كبيرة من المتابعين العرب بمحطات وأحداث تاريخية، تابعوا تطوراتها من خلالها.
وكانت المحطة بدأ البث الإذاعي باللغة العربية عام 1938. ويقول الأردني محمد عبد السلام (54 عاما) لـ”القدس العربي” إن إعلان وقف بث المحطة بالعربية خبر حزين، فالإذاعة تذكّره بوالده سميح الذي توفي قبل عامين، وأعمامه الذين كانوا يتابعون أخبار الدول العربية من المحطة البريطانية، ويعتبرونها ذات مصداقية، ناهيك عن البرامج الثقافية والطبية والفنية التي كانوا يستقون معلوماتهم منها.
ويرى عوض الحلبي وهو تاجر سوري يقيم في العاصمة الأردنية، أن المحطة كانت لها أهميتها وتميزها منذ أربعينيات القرن الماضي، لكنه يرى أنها خلال السنوات الماضية خسرت كثيرا من مستمعيها خاصة بعد ظهور الفضائيات العربية لاسيما محطة “الجزيرة”، كما أن تغطياتها لم تعد محل تقدير كما كانت قبل عقدين من الزمن حسب ما قال لـ”القدس العربي”. ودلّل على هذه الأهمية بما يردده السوريون نقلا عن مسرحية ضيعة تشرين عام 1973، حيث يقول دريد لحام “إفتح على بي بي سي لنعرف شو بيصير عندنا”.
أما بالنسبة للفلسطينية المقيمة في الأردن سمر العمد (70 عاما) فالمحطة كانت النافذة التي تعرفت من خلالها على ثقافات غربية.
وإضافة للغة العربية، ستتوقف الخدمات الإذاعية بالفارسية والقرغيزية والهندية والبنغالية والصينية والإندونيسية والتاميلية والأردية.
إلغاء 382 وظيفة في خدمتها العالمية
وسيخسر نحو 400 موظف في الخدمة العالمية في شبكة “بي بي سي” وظائفهم كجزء من برنامج لخفض التكاليف والانتقال إلى المنصات الرقمية، حسبما أعلنت المؤسسة البريطانية الخميس.
وقالت “بي بي سي” إن خدمتها العالمية بحاجة إلى توفير 28,5 مليون جنيه استرليني (31 مليون دولار) كجزء من تخفيضات أوسع بقيمة 500 مليون جنيه استرليني.
وكشفت الشبكة نهاية تموز/يوليو عن خطط لدمج قناة “بي بي سي” الإخبارية العالمية بالقناة البريطانية المحلية للشبكة، وإطلاق القناة الجديدة في نيسان/أبريل 2023.
وتبث خدمة “بي بي سي” العالمية حاليًا بأربعين لغة ويشاهدها أسبوعيًا نحو 364 مليون شخص.
لكن عادات الجمهور آخذة بالتغيّر، بحسب الشركة، وبات مزيد من الناس يصلون إلى الأخبار عبر الانترنت، ما يعني أن الانتقال إلى “الرقمنة أولًا” منطقي من الناحية المالية خصوصًا في ظلّ ارتفاع تكاليف التشغيل.
وقالت الشركة في بيان على الانترنت “طروحات اليوم تنطوي على إغلاق إجمالي صافي 382 وظيفة”.
وإحدى عشرة خدمة لغوية – الأذربيجانية والبرازيلية والماراثية والموندو والبنجابية والروسية والصربية والسنهالية والتايلاندية والتركية والفيتنامية – هي بالأساس رقمية فقط.
وستنضمّ خدمات بسبع لغات إلى الخدمات الرقمية حصرًا ضمن خطط إعادة الهيكلة، هي الخدمات بالصينية والغوجاراتية والإيغبو والاندونيسية والبيدجين والأوردو واليوروبا.
وستتوقف الخدمات الإذاعية بالعربية والفارسية والقرغيزية والهندية والبنغالية والصينية والإندونيسية والتاميلية والأردية، إذا تمت الموافقة على المقترحات من قبل الموظفين والنقابات.
ولن تتوقف أي خدمة لغوية، بحسب الشركة البريطانية، غير أن بعض مراكز الانتاج ستنتقل إلى خارج لندن.
وستنتقل الخدمة التايلاندية إلى بانكوك والخدمة الكورية إلى سيول والخدمة البنغالية إلى دكا.
وسيتمّ بثّ برنامج Focus on Africa (تركيز على إفريقيا) من نيروبي، بحسب “بي بي سي”.
وقالت مديرة الخدمة العالمية في “بي بي سي” ليليان لاندور إن هناك “حجة مقنعة” لتوسيع الخدمات الرقمية، اذ زاد عدد المشاهدين أكثر من الضعف منذ عام 2018.
وأضافت “إن الطريقة التي يصل بها الجمهور إلى الأخبار والمحتوى آخذة في التغير، كما أن التحدي المتمثل في الوصول إلى الناس وإشراكهم في جميع أنحاء العالم بجودة وصحافة موثوقة آخذ في الازدياد”.
ويتمّ تمويل خدمة “بي بي سي” العالمية من رسوم الترخيص في المملكة المتحدة – حاليًا 159 جنيهًا استرلينيًا للتلفزيون الملون وتدفعها الأسرة لدى شراء جهاز تلفزيون.
وأعلنت الحكومة عن تجميد رسوم الترخيص في وقت سابق من العام في ما اعتُبر هجومًا على مؤسسة بريطانية عريقة.
لكن وزراء اعتبروا أن نموذج التمويل يحتاج إلى المراجعة بسبب التغييرات التكنولوجية.
متابعات