قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إنه بينما ينزل الإيرانيون إلى الشوارع للاحتجاج في البلاد، هتفوا من أجل موت رجل كان يمارس السلطة في السابق سراً وأصبح له الآن شهرة عامة متزايدة، إنه مجتبى خامنئي، نجل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، الذي تؤكد، نقلا عن مسؤولين أمريكيين وإيرانيين (لم تسمهم)، أنه مرشح لخلافة والده في منصب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية.
وتشير الصحيفة إلى أن مجتبى خامنئي، 53 سنة، ليس لديه منصب حكومي رسمي. لكن المسؤولين الأمريكيين والإيرانيين قالوا إنه مسؤول عن الإمبراطورية التجارية لوالده وله نفوذ في تعيين مسؤولي الأمن والإشراف في بعض الأحيان على أجزاء رئيسية من جهاز الأمن الإيراني، والذي تعرض لانتقادات متجددة في أعقاب الاشتباكات العنيفة بين الشرطة والمتظاهرين بشأن وفاة مهسا أميني، التي توفيت أثناء احتجازها لدى الشرطة بزعم انتهاكها قوانين ارتداء ملابس محتشمة.
وشددت “وول ستريت جورنال” على أن المؤسسة الدينية الإيرانية رفعت رتبة مجتبى إلى آية الله، وهو لقب ديني مرموق يحتاجه ليصبح المرشد الأعلى لإيران، في آب/ أغسطس الماضي، مشيرة إلى أن الترفيع جاء قبل أيام من نشر أنباء تفيد بتدهور صحة خامنئي الأب البالغ من العمر 83 عاما خلال الأسابيع الأخيرة، قبل أن يظهر علنا مؤخرا.
وقد فاجأت هذه الخطوة بعض المراقبين الإيرانيين؛ لأن مجتبى لم يُنظر إليه أبدًا على أنه مرجع ديني بارز، ما أدى إلى تكهنات بأنه يمكن أن يحل محل والده بعد بروزه في السنوات الأخيرة.
وبحسب “وول ستريت جورنال”، فإن ظهور خامنئي الأب وهو يمهد لابنه للخلافة أمر مثير للجدل في إيران، حيث اندلعت ثورة 1979 بتثبيت حكم رجال الدين ورفض الملكية الوراثية باعتبارها فاسدة.
وقال رئيس الوزراء الأسبق مير حسين موسوي، الذي يخضع للإقامة الجبرية: “هل عادت السلالات التي حكمت منذ 2500 عام ليحكم الابن بعد والده؟”.
ورأى محللون إيرانيون أن صعود مجتبى يمثل تحولا بعيدا عن القيادة الدينية التقليدية التي كانت حاسمة في تأسيس الجمهورية الإسلامية، فيما فسر آخرون الظهور العام المتزايد لخامنئي الابن، بأنه علامة على تشدد الخط المعادي للغرب في البلاد، في وقت تتعثر فيه المفاوضات النووية ويتدهور الاقتصاد في الداخل ويتزايد الاستياء الشعبي من الحكم الإسلامي.
واعتبر المحللون أن نجل خامنئي يمثل بدلا من ذلك الجماعات شبه العسكرية ورجال الدين الأكثر تطرفا الذين ظهروا في السنوات الأخيرة كأقوى الجهات الفاعلة في البلاد.
ونبه مسؤولون أمريكيون وإيرانيون، إلى أن مناطق نفوذ نجل خامنئي في الحكومة الإيرانية تشمل العمليات العسكرية والاستخبارية الدولية وقوات الباسيج، وهي جماعة شبه عسكرية مترسخة بعمق في جميع أنحاء البلاد.
وقالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمعهد الملكي للشؤون الدولية في المملكة المتحدة، سنام وكيل: “مجتبى قريب من جهاز الأمن”.
وأضافت أنه إذا وصل إلى السلطة فإنه “لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن نتوقعه ليبراليا”.
من هو مجتبى؟
مجتبى (53 عاما) هو الابن الثاني للمرشد الإيراني الأعلى، وزُعم (رغم صغر سنه في الحقيقة) أنه قاتل في كتيبة “الحبيب” خلال الحرب العراقية-الإيرانية، وهي وحدة أعطيت لها صورة “أسطورية بالقول إنها شاركت بالمعارك الحاسمة في الحرب ومهدت الطريق لجنودها حتى أصبحوا مسؤولين أمنيين متهمين بارتكاب أعمال قمع”.
بدأ مجتبى بجذب الرأي العام في عام 2005، عندما أصبح محمود أحمدي نجاد، أول شخص من غير رجال الدين ينتخب لرئاسة البلاد.
وفي عام 2019، قدرت وزارة الخزانة الأمريكية أن مجتبى تولى بعض مسؤوليات المرشد الأعلى، ما أدى إلى تعزيز “طموحات والده الإقليمية المزعزعة للاستقرار والأهداف المحلية القمعية”.
وأصدرت وزارة الخزانة قيودا ضد مجتبى، حيث جمدت أي ممتلكات لديه في الولايات المتحدة وحذرت من أن أي شخص يتعامل معه سيتعرض للعقوبات.
وعاد إلى دائرة الضوء في آب/ أغسطس، عندما أفادت وكالة أنباء تابعة للحوزة الإسلامية في قم، المركز الرئيسي للحوزة الدينية في إيران، بأنه رُقي إلى رتبة آية الله، مما أثار التكهنات بتحضيره لخلافة والدة كمرشد أعلى لإيران.
كيف يتم اختيار المرشد الأعلى لإيران؟
ويتم اختيار المرشد الأعلى لإيران من قبل هيئة مؤلفة من 88 عضوا تسمى مجلس الخبراء. وعلى الرغم من أن المجلس يهيمن عليه رجال دين موالون لوالده، فإنه ليس من الواضح ما إذا كان خامنئي سيفوز بأغلبية الأصوات.
وأحد الحلول الوسط التي تجري مناقشتها في الدوائر الحاكمة يمكن أن تشمل أيضا مجلسا حاكما يضم الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، ومجتبى خامنئي وشخصيات بارزة أخرى، وفقا لمسؤول إيراني ومستشار للحرس الثوري الإسلامي.
وقال سعيد جولكار، الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في “جامعة تينيسي” في تشاتانوغا والزميل غير المقيم لشؤون السياسة الإيرانية في “مجلس شيكاغو للشؤون العالمية”: “حتى وإن لم يرتقِ إلى أعلى هرم الدولة، فإنه من المرجح أن يستمر في شد الخيوط”، في إشارة إلى نفوذ مجتبى المتزايد.
متابعات