تزايدت التعديلات الحوثية للمناهج التعليمية في التعليم الأساسي والثانوي في مناطق سيطرتها بما يعمل على تشويه الهوية الوطنية وطمسها وتكريس وترسيخ الثقافة والهوية الطائفية الإيرانية بدلاً عنها.
وكشف نائب وزير التربية والتعليم علي بن علي العباب، أن التعديلات الطائفية التي أجرتها جماعة الحوثي على المناهج الدراسية للصفوف الأولى حتى الصف السادس للعام الجاري بلغت (420) تعديلاً، وخاصة في مواد التربية الإسلامية واللغة العربية والتربية الوطنية والاجتماعيات.
جاء ذلك في كلمة له خلال الندوة التوعوية التي أقامتها مؤسسة القلم التنموية بمدينة مارب، تحت عنوان “ألغام سلالية في المناهج الدراسية”، مؤكداً “على أهمية نشر الوعي والثقافة والتنوير بالمخاطر المحدقة التي تحيكها الجماعه الحوثية بهدف سيطرتها الكاملة على اليمن والتمدد في الإقليم”.
وتشمل الأمثلة ما قد يبدو أنها تغييرات صغيرة في كيفية تفسير الآيات القرآنية، إلاّ أن هذه التغييرات تغيّر تماماً فهم المرء للنص. على سبيل المثال، سُلط الضوء على الآيات التي تمجد الجهاد، في حين أُعيد تفسير آيات أخرى لتتماشى مع هوية الحوثيين .
واستُبدلت فصول كاملة كانت تعكس تاريخ اليمن المتنوع والغني بأخرى تركز على زعماء السلالة الطائفية الهاشمية. بحيث استُعيض عن القصص التي تتحدث عن أبطال عرب تاريخيين -مثل عمر بن عبدالعزيز، وعمر المختار، ويوسف العظمة- بالقصص التي تتحدث عن القيادي الحوثي صالح الصماد، الذي قُتل في أبريل/ نيسان 2018.
بدأت التغييرات في صعدة، حيث أدمجت جماعة الحوثي أدبياتها عبر توزيع مؤلفات لمؤسس الجماعة، حسين بدر الدين الحوثي وأصبحت تعاليم الحوثيين المنهج الدراسي الرئيسي في المحافظة.
وينبع النهج التعليمي للجماعة من قناعتها أن النظام التعليمي الحالي يفسد الشباب. وكوسيلة لمحاربته، وفي العام 2016، بعد عامين من سيطرة الحوثيين على صنعاء، عيّنت الجماعة يحيى بدر الدين الحوثي، شقيق الإرهابي عبدالملك الحوثي، وزيرا للتربية والتعليم، في خطوة تثير المخاوف في صنعاء والمحافظات الأخرى الخاضعة لسيطرة الجماعه الحوثيه من إمكانية تغيير أو تعديل المناهج التعليمية.
في البداية كانت التغييرات طفيفة، ولكن بالنسبة للعام الدراسي 2021/2022، أصدرت وزارة التربية والتعليم في صنعاء منهجًا معدلًا للدراسات الإسلامية والقرآن الكريم والعلوم الاجتماعية للمرحلة الابتدائية. وأدخلت هذه المناهج دروسا جديدة وعدّلت أو حذفت دروسًا أصلية كانت تشمل الحقوق المدنية ودور المرأة وتاريخ الشخصيات المؤثرة التي شكلت تاريخ اليمن.
كما بدأ الحوثيون في إجراء تغييرات في الكليات التقنية والمهنية والمجتمعية، كل ذلك بذريعة “حماية الإسلام.” وكجزء من هذه العملية، راقب الحوثيون ما يدرسه الأساتذة في الفصول الدراسية وكذلك الآراء السياسية لهؤلاء الأساتذة والمعلمين.
ماذا جرى؟
استهدفت التغييرات في كتب المرحلة الابتدائية أربعة مناهج دراسية: اللغة العربية والتربية الإسلامية والتربية المدنية والتاريخ. تضمنت التعديلات المدخلة على منهج التربية المدنية دروسًا تمجّد تاريخ جماعة الحوثيين منذ سيطرتها على صنعاء والأحداث التي صاحبت تلك الفترة.
استُبدلت الدروس حول محمد محمود الزبيري وعلي عبدالمغني، الشخصيات المحورية في ثورة 1962 في شمالي اليمن بدروس تتحدث عن الإمام القاسم والإمام المنصور وابنه يحيى حميد الدين -وجميعهم أئمة زيديون حكموا اليمن. ويوصف تاريخ 21 سبتمبر/ أيلول 2014 -تاريخ استيلاء الحوثيين على صنعاء- بأنه “ثورة”.
وفي الصف الثامن (الأعمار 13-14)، يحذف المنهج الدراسي الجديد كل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر عام 1962 التي أسست الجمهورية العربية اليمنية. كما حذفت أيضًا دروسًا حول دور الدولة والسلطات التنفيذية الثلاث ومفهوم الحكم الاستبدادي.. واستُعيض بدروس عن الهوية الوطنية والدفاع عن الوطن والكفاح من أجل الاستقلال.
أما في الصف التاسع (الأعمار من 14 إلى 15 سنة)، حُذفت جميع الدروس المتعلقة بالحياة المدنية والمجتمع المدني ومشاركة المرأة.
علاوة على ذلك، جميع الطلاب ملزمون بالاضطلاع بدور فعّال في الأنشطة الدينية، والمناسبات “الوطنية التي تبرز دور الحوثيين في الدفاع عن الوطن وتؤكد على تواطؤ الحكومة المعترف بها دوليًّا في موت المدنيين اليمنيين”.
من أجل غرس أفكار ومعتقدات مليشيات الحوثي بين طلاب المدارس -وتنفيذ التغييرات في المناهج الدراسية بسلاسة- كانت الجماعة مستعدة لتغيير مديري المدارس وعزلهم عن وظائفهم، واستبدالهم بموالين لها، في خطوة أتاحت للحوثيين التحكم بـ90% من المدارس في مناطق سيطرتها.