بدأت حمّى بطولة كأس العالم لكرة القدم تجتاح دبي قبل نحو شهرين من صافرة انطلاق العرس الكروي العالمي، إذ تتحضر الإمارة الثرية درّة السياحة في منطقة الخليج، إلى تحقيق مكاسب من إقامة المونديال في دولة قطر المجاورة.
وتعوّل الإمارة على قصر المسافة مع الدوحة وقطاع الخدمات المتطور فيها وفنادقها وقوانينها الاجتماعية الأكثر انفتاحاً في الخليج، لاستقطاب مشجعين سيتعين عليهم السفر والعودة عند كل مباراة يرغبون في حضورها.
وسيكون بمقدور المشجعين التنقل بسهولة بين بلدان المنطقة وقطر، إذ ستسيّر الخطوط السعودية والكويتية وشركة “فلاي دبي” والطيران العماني أكثر من 160 رحلة يومية اعتباراً من 20 تشرين الثاني/نوفمبر، موعد انطلاق المونديال، للذهاب والعودة خلال 24 ساعة.
وقبل 10 أسابيع من المونديال، بدأت وكالات رياضية وشركات متخصصة في دبي ببيع باقات للمشجعين تتضمن حضور المباريات في الدوحة ثم العودة إلى الإمارة على متن واحدة من الرحلات.
وبالنسبة لشركة “إكسبات سبورت” التي تعرض باقات رياضية مماثلة ومقرّها دبي، فإن العامل الرئيسي لاختيار الإمارة هو “الملائمة” بفضل “وجود رحلات ذهاباً وإياباً بين المدينتين، وكونها رحلة تستغرق ساعة واحدة فقط”.
وقالت الشركة في رسالة لوكالة فرانس برس إنّ كثيرين “يرغبون باستغلال هذه الفرصة لزيارة البلدين. وعالمياً الجميع يعرف دبي وسيكون هناك الكثير من الأنشطة المتعلقة بكرة القدم في المدينة”.
وتم الإعلان عن افتتاح مناطق خاصة للمشجعين في أنحاء مختلفة من دبي، من بينها متنزه لمحبي كرة القدم في مركز دبي المالي العالمي، إلى جانب مطاعم فاخرة.
معايير اجتماعية
تتوقع قطر الغنية بالغاز أن يزورها 1.4 مليون شخص خلال المونديال، لكن العديد من المشجعين يشكون محدودية توفّر أماكن الإقامة في الإمارة الصغيرة المحافظة، إضافة إلى منع الكحول وتضييق الخناق على المثليين.
في المقابل، دأبت الإمارات على تعديل قوانينها بشكل مستمر في السنوات الماضية وباتت تقدّم نفسها على أنها قوّة منفتحة في منطقة محافظة. ومن بين التعديلات رفع الحظر المفروض على غير المتزوجين الذين يعيشون معاً، وتخفيف القيود المفروضة على الكحول، ومنح تأشيرات طويلة الأجل.
وتعتبر السياحة شريان حياة اقتصاد دبي المعروفة بفنادقها ومنتجعاتها الفاخرة، واستقبلت نحو 16 مليون سائح في 2019، مقارنة بحوالى 5.51 ملايين في 2020 خلال جائحة كوفيد-19 و7.3 ملايين العام الماضي.
يرى الاقتصادي في كابيتال إيكونوميكس “جيمس سوانستون” أنّ إمارة دبي “بالمقارنة مع مدن الخليج الأخرى، تملك ميزة انطلاقاً من مكانتها كوجهة سياحية كبيرة”.
وقال لفرانس برس إن هذا “قد يزيل بعض العوائق أمام السياح حول اختيار الوجهة بسبب معرفتهم إن كانوا سافروا إلى دبي من قبل، وأيضاً لأنها خففت نسبياً من المعايير الاجتماعية في ما يتعلق بجوانب معينة من الثقافة مثل استهلاك الكحول وقواعد اللبس”.
وقد أثارت مسألة تناول المشروبات الكحولية جدلاً في قطر، لا سيما كون استهلاك الكحول في الأماكن العامة ممنوع فيها، كما لا يُسمح للزوار بإحضارها إلى البلاد لكن يمكنهم الحصول عليها فقط في بعض حانات الفنادق والمطاعم.
ويُذكر أن أكثر من 90 % من سكان إمارة دبي البالغ عددهم 3.3 ملايين نسمة هم من الأجانب.
تأشيرة متعددة
في هذا السياق، يتوقّع مجلس دبي الرياضي أن يقيم مئات آلاف المشجعين في الإمارة خلال البطولة التي تستمر حتى 18 ديسمبر/كانون الأول.
واعتبر هذا الأسبوع في بيان نشرته صحف محلية أن الإمارات “ستكون وجهة مفضلة لقرابة مليون متفرج من الذين حجزوا تذاكر حضور المباريات والذين قرروا الإقامة في دبي وعدد من مدن الدولة للاستمتاع بفترة ما بين المباريات”، من دون تفاصيل إضافية.
وفي محاولة لاستقطاب أكبر عدد من الزوار، أعلنت الإمارات أن حاملي بطاقة “هيّا” المخصّصة لمشجعي المونديال سيحصلون على تأشيرة دخول والإقامة في الإمارات لمدة تصل إلى تسعين يوماً مقابل 100 درهم فقط (27 دولاراً)، مع إمكانية التمديد لفترة 90 يوماً إضافية.
وتسهّل الرحلات المكوكية بين دبي والدوحة على المقيمين في الإمارات أيضا حضور المباريات دون الحاجة للمبيت في الدولة الجارة.
ومن بين هؤلاء “فراس ياسين” الذي لطالما حلم بحضور مباراة كرة قدم لمنتخبه المفضل فرنسا خلال كأس العالم. وبعد مواجهته صعوبات جمّة في الحصول على التذاكر، صدم بأمر آخر وهو ارتفاع أسعار الفنادق في الدوحة.
ويقول الشاب اللبناني الفرنسي (34 عاماً) والمقيم في دبي لفرانس برس إنه قرر أن يتوجه مع زوجته يوم المباراة في 26 نوفمبر/تشرين الثاني إلى الدوحة ليصل قبل خمس ساعات من انطلاق المواجهة بين فرنسا والدنمارك، ويغادر بعدها بساعات قليلة.
وأضاف أّنه سيقوم “باستكشاف المدينة، وبعدها سأشاهد مباراة فريقي المفضل، ثم سأعود إلى البيت” في دبي.
متابعات