حذّرت موسكو من خطة أوروبية تقضي بإقراض كييف 165 مليار دولار من خلال استخدام أصول الدولة الروسية المجمدة؛ ما أثار مخاوف مسؤولين أوروبيين من احتمال رد فعل عنيف من موسكو.
وكشفت “نيويورك تايمز”، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقّع مرسومًا قد يسرّع من مصادرة وبيع الأصول الغربية في روسيا، في تحذيرٍ مباشر لقادة أوروبا المجتمعين لمناقشة الاقتراح.
انتقام محتمل
وبحسب مصادر فإن المرسوم الروسي الأخير يشير إلى أن موسكو تخطط للرد إذا أقدمت الدول الأوروبية على إقراض الأموال لأوكرانيا.
ويقول المحللون إن روسيا قد ترد بمصادرة أصول الشركات والأفراد من الدول الداعمة للقرض، بعد أن صادرت بالفعل عمليات عدة شركات غربية خلال الحرب.
الموازنة المالية المتبادلة
ادّعى وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، أن بلاده جمّدت مبلغًا مساويًا من الأصول الغربية المجمدة في روسيا، مؤكدًا أن موسكو سترد بالمثل، ومنذ بداية الحرب، توزع موسكو أرباح الأصول الغربية في حسابات مصرفية خاصة مجمدة تحت سيطرة الدولة الروسية.
أوروبا تبحث التمويل البديل
من جهتهم بدأ المسؤولون الأوروبيون في دراسة قضية الأموال الروسية المجمدة بشكل أكثر جدية، مع تراجع المساعدات الأمريكية لأوكرانيا في ظل سياسة الرئيس ترامب الانعزالية.
واقترحت المفوضية الأوروبية قرضًا بلا فوائد بقيمة 140 مليار يورو (حوالي 165 مليار دولار) لأوكرانيا، مصمم ماليًا لاستخدام الأصول الروسية دون الاستيلاء عليها مباشرة، على أن يُسدد القرض فقط إذا قامت روسيا بتعويض أوكرانيا عن أضرار الحرب، كما تنظر بريطانيا في خطة مماثلة.
تصريح الاتحاد الأوروبي
بدورها قالت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية: “نحتاج إلى حلٍّ هيكلي أكثر لدعم العسكري”، مضيفةً أن القرض سيُصرف على دفعات ولن يتضمن أي مصادرة مباشرة للأصول الروسية، وقد قدمت مجموعة الدول السبع قرضًا لأوكرانيا باستخدام الفوائد الناتجة عن الأصول الروسية كضمان.
رد موسكو على التحدي الأوروبي
من جانبها تعتبر موسكو هذا التطور الأوروبي غير مرغوب فيه؛ إذ استثمر بوتين طويلًا في الاستقرار المالي لبلاده، وتبلغ الأصول السيادية الروسية المجمدة في الغرب حوالي 300 مليار دولار، معظمها في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وتمثل نحو نصف احتياطيات روسيا من الذهب والعملات الأجنبية، بحسب وزارة المالية الروسية عام 2022.
تحذيرات صريحة
وصرحت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، بأن موسكو سترد بقسوة على أي محاولة أوروبية للاستيلاء على الأصول الروسية، وقالت: “لقد أكدنا مرارًا أننا سنرد على أي أعمال غير ودية تتعلق بمحاولة حرمان روسيا من ملكية أصولها السيادية”.
حدد المرسوم الروسي عملية سريعة لتقييم الأصول المملوكة للدولة الروسية خلال 10 أيام وبيعها لملاك جدد عبر بنك الدولة PSB، الممول للصناعة العسكرية الروسية؛ ما يمهّد لبيع سريع للأصول المصادرة.
قال دميتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، إن روسيا ستلاحق الدول الأوروبية “إلى نهاية الزمان” وفي جميع المحاكم، وأحيانًا خارجها، إذا حاولت مصادرة ممتلكاتها.
السيناريوهات المحتملة
يشير الخبراء إلى أن الكرملين قد يستهدف الأصول الأوروبية في روسيا كرد على القرض، بما في ذلك حسابات Type-C التي تجمّد أرباح الأجانب في روسيا بعد تجميد أصول روسيا في الغرب، إضافة إلى إمكانية مصادرة الأسهم والشركات الأجنبية وبيعها.
كما يمكن لروسيا أيضًا أن تقلد الاستراتيجية الأوروبية وتصدر قرضًا ضد الأصول في حسابات Type-C لتمويل ميزانيتها المتعثرة، وتقدر المصادر مجموع الأموال في هذه الحسابات بعشرات المليارات القليلة.
وقد يشمل الرد الروسي مصادرة ممتلكات أو أسهم أفراد وشركات من الدول الأوروبية الداعمة للقرض، مع احتمال تعرض مئات ملايين الدولارات من الأصول الغربية للخطر، بحسب تقديرات وسائل إعلام روسية مستقلة.
تحذير بوتين النهائي
حذر بوتين في سبتمبر من أن أي خطوة أوروبية للاستيلاء على الأصول السيادية الروسية “ستقوِّض بالكامل جميع مبادئ النشاط الاقتصادي والمالي الدولي، وستتسبب بلا شك بضررٍ هائل للاقتصاد العالمي بأسره”.
رسائلة عالمية
وفي يونيو الماضي، قال بوتين في مينسك إن “سرقة” احتياطيات روسيا ستعجِّل بتفتت الأنظمة المالية العالمية، وحث دول العالم على نقل تجارتها خارج الدولار واليورو وتطوير أنظمة دفع محمية من التدخل الغربي، وأضاف: “ربَّما يستحق الأمر الثمن”.
متابعات