يارا بو منصف… عندما يتحوّل الجمال إلى رسالة إنسانية

يارا بو منصف شابّة جميلة ومثقّفة استطاعت تحويل الشهرة إلى رسالة هادفة. انطلقت يارا إلى عالم الأضواء من خلال مسابقة ملكة جمال لبنان لعام 2018، حيث حصلت على لقب الوصيفة الثانية، لتصبح لاحقاً إحدى أبرز صانعات المحتوى. لم تقتصر مسيرتها على الجمال الخارجي، بل عمدت إلى استخدام منصّاتها الرقمية للتعبير عن قضايا إنسانية واجتماعية، مع التركيز على تمكين المرأة ونشر لغة الإشارة. في هذا الحوار، تكشف يارا عن محطات من مسيرتها، وتتحدّث عن التحدّيات التي واجهتها، والدروس التي تعلّمتها، وكيفية الموازنة بين حياتها الشخصية والمهنية في ظل الأضواء.

– عرفكِ الجمهور بعد مشاركتكِ في مسابقة ملكة جمال لبنان لعام 2018 وحصولك على لقب الوصيفة الثانية. ما الذي أضافه إليكِ هذا اللقب الجمالي، وهل ساعدك على اكتساب الشهرة؟

نعم، كان اللقب نقطة انطلاق، لكنه لم يكُن الهدف. أتاح لي فرصة التعرّف على العالم الإعلامي عن قرب، وفتح أمامي الأبواب، لكن الجمال وحده لا يكفي ليستمر الإنسان، لذلك حرصتُ على بناء مسيرتي على مضمون ورسالة.

– لماذا قررتِ الدخول في صناعة المحتوى بدل احتراف التمثيل أو الإعلام كما هي حال معظم المشارِكات في مسابقة جمال لبنان؟

لأنني أردتُ أن أكون صادقة مع نفسي. صناعة المحتوى منحتني حرية التعبير، والقدرة على إيصال أفكاري، وشجّعتني على دعم القضايا الإنسانية، وتمثيل النساء بشكل أعمق من مجرد صورة على الشاشة.

– هل أنتِ راضية عما وصلتِ إليه اليوم؟

راضية، لكنني لست مكتفية. لا يزال أمامي الكثير لأحقّقه، وأشعر أنني في مرحلة نضج جديدة ستمكّنني من الوصول إلى أهداف أكبر.

– ما أهم درس تعلّمته خلال مشوارك في مجال صناعة المحتوى؟

إن الصدق يصل. المحتوى الذي يصدر من القلب يلمس القلوب، ولا شيء يدوم مثل الأثر الذي نتركه في الناس.

– أنتِ صانعة محتوى مشهورة، لكنك لم ترتكزي على جمالك لجذب المتابعين، بل حرصت على تقديم محتوى هادف وإنساني. ما الذي دفعك لذلك؟

شعرت أن لديّ مسؤولية. عندما تمتلكين صوتاً ومتابعين، من المؤلم أن تمرّري الفرصة من دون أن تقولي شيئاً مفيداً. الرسالة هي التي تترك الأثر والتغيير الإيجابي في المجتمعات.

– المحتوى الذي تقدّمينه متنوع جداً ويغطي مجالات مختلفة. هل هذا مقصود ولماذا؟

نعم، لأنني متعددة الاهتمامات. أرفض أن أُحصَر في قالب واحد. أنا امرأة تحب الأناقة والموسيقى، وتؤمن بقضايا إنسانية، وأنا أعتقد أن هذا التنوّع هو جزء من جمالي.

– تتعاونين مع العديد من الماركات للترويج لمنتجاتها. ما الشروط التي تفرضينها للقبول بهذه الشراكات؟

أولاً، أن تكون الماركة قريبة من قيمي. وثانياً، أن أستخدم المنتَج فعلياً أو أؤمن به. الشفافية مع المتابعين هي أساس صدقيتي.

– هل هناك مشاريع معينة أو أحلام لم تحققيها بعد؟

نعم، أطمح لإطلاق ألبوم غنائي خاص بي، وبناء شركة إنتاج تُمكّن المبدعين في لبنان والعالم العربي من التعبير بحرّية.

– تخصّصتِ في لغة الإشارة. لماذا تعلّمت هذه اللغة، وما الذي أضافته إلى يارا الإنسانة؟

تعلّمتها من محبّتي للناس، ورغبتي بكسر الحواجز مع مجتمع لا نسمعه كثيراً. لغة الإشارة عمّقت فيّ الإنسانية، وأعادت تعريفي لمفهوم “الصوت”.

– كيف أثّرت تجربتك مع الأشخاص الصُّم في حياتك الشخصية والمهنية؟

التجربة جعلتني أكثر وعياً لمعاناة غير المرئيين. تعلّمت أن التواصل لا يحتاج إلى صوت، بل إلى نيّة. وقد أصبحت لغة الإشارة جزءاً من هوّيتي.

– هل يمكن أن تخبرينا عن موقف مؤثّر خلال تجربتك في العمل مع الأشخاص الصُّم؟

لن أنسى يوم كنت في المطار، وإذ بسيدة من بعيد تلوّح لي بلغة الإشارة وتسألني إن كنتُ يارا. بدأتُ فوراً أتفاعل معها بالإشارات، وفجأة شعرت أن شيئاً كبيراً يجمعنا من دون صوت. بدأنا نبكي من التأثّر، واحتضنا بعض. كانت ابنتها إلى جانبها، وفي البداية اعتقدتْ أن والدتها تزعجني، فاعتذرتْ، لكن عندما رأت التفاعل بيننا، هي أيضاً تأثّرت. هذا اللقاء علّمني أن لغة الإشارة ليست مجرد وسيلة تواصل، بل لغة مشاعر عميقة تصل إلى القلب مباشرةً.

– تحبّين الغناء وتحاولين تطوير نفسك لخوض هذا المجال. أي نوع من الفن الغنائي يستهويك؟

أحب الأغاني العاطفية ذات الطابع السينمائي، التي تمزج بين النّغم القديم والرؤية الحديثة. أحب الأغاني التي تحكي قصة، لا مجرد لحن.

– نلتِ العديد من الجوائز المهمة. أي جائزة هي الأقرب إلى قلبك ولماذا؟

جائزة Change Maker of the year هي الأقرب إلى قلبي لأنها لا تكرّمني فقط كصانعة محتوى أو شخصية معروفة وإنما كشخصية تحاول ترك أثر حقيقي. هذه الجائزة هي تأكيد على أن المحتوى الذي أقدمه، ولاسيما المتعلق بلغة الإشارة، ينجح فعلاً في دعم المجتمع وتمكين المرأة..

– هل هناك شخصية معينة، سواء في الفن أو في الحياة العامة، تُلهمك وتؤثر في قراراتك؟

عائلتي هي التي تلهمني. صحيح أن أفراد عائلتي ليسوا تحت الأضواء ولكن وجودهم له تأثير كبير في قراراتي ومبادئي.

– كيف توازنين بين حياتك الشخصية والمهنية، وهل هناك تحدّيات تواجهينها في هذا التوازن؟

التوازن صعب، لكنه ممكن. أتعلّم أن أقول “لا” حين أحتاج وقتاً لنفسي، وأُحيط نفسي بأشخاص يفهمون أنني لست متاحة دائماً.

– كيف تتعاملين مع ضغوط الشهرة والميديا؟ هل هناك لحظات شعرتِ فيها أنك بحاجة للابتعاد قليلاً عن الأضواء؟

أكيد. أحياناً أشعر أنني لستُ إنسانة، وإنما مجرد صورة. في تلك اللحظات، أنسحب قليلاً، أعود الى عائلتي، الى الطبيعة، وأذكّر نفسي لماذا بدأت.

– يقول المثل “كوني جميلة واصمتي”، لكنك أثبتِّ للعالم أنه يمكن المرأة أن تكون جميلة وتتكلّم وتلفت الأنظار. ما هي نصيحتك للشابات الجميلات هذه الأيام؟

كوني ذكية قبل أن تكوني مثالية. الجمال هدية، لكن العقل هو ما يصنع الفارق. تكلّمي، اطرحي الأسئلة، وافعلي ما يشعرك أنك حقيقية.

– إذا طلبنا منك توجيه رسالة لجيل الشباب، ماذا تقولين لهم؟

لا تنتظروا أن يعطيكم أحد الفرصة. خذوها. ابنوا أحلامكم خطوة خطوة، حتى لو لم يكن أحد يراها. يوماً ما، ستصبح واضحة للجميع.

متابعات

إقرأ ايضا

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى