تفاصيل مخيفة.. وثيقة روسية سرية تكشف الأضرار الحقيقية بعد العقوبات الغربية

كشفت وكالة “بلومبرج” الأمريكية، نقلا عن ما قالت إنها وثيقة روسية حكومية سرية أن عودة الاقتصاد الروسي إلى مستويات ما قبل حرب أوكرانيا لن تكون قبل نهاية العقد، وأن موسكو قد تواجه ركودا أعمق وأطول مع انتشار تأثير العقوبات الأمريكية والغربية عليها والتي أعاقت القطاعات التي اعتمد عليها الاقتصاد الروسي لسنوات.

وقالت الوكالة، في تقرير ترجمه “الخليج الجديد”، إن الوثيقة الحكومية التي جاءت نتيجة شهور من العمل من قبل مسؤولين وخبراء في البلاد، في محاولة لتقييم التأثير الحقيقي للعزلة الاقتصادية لروسيا بسبب غزو الرئيس “فلاديمير بوتين” لأوكرانيا، ترسم صورة أسوأ بكثير مما يفعل المسؤولون عادة في تصريحاتهم العامة المتفائلة.

وذكرت “بلومبرج” أن هذه الوثيقة، التي اطلعت عليها، تمت صاغتها في اجتماع مغلق لكبار المسؤولين في 30 أغسطس/آب الماضي، وأكد أشخاص مطلعون على المداولات صحتها.

وبحسب الوكالة الأمريكية، يُظهر اثنان من السيناريوهات الثلاثة الواردة في التقرير تسارع الانكماش العام المقبل، وأن عودة الاقتصاد إلى مستوى ما قبل الحرب لن يكون قبل نهاية العقد الحالي (العقد = 10 سنوات) أو بعد ذلك.

وأوضح التقرير أن كل السيناريوهات ترى ضغوط العقوبات تتصاعد على موسكو، مع احتمال انضمام المزيد من الدول إليها.

وأشارت الوثيقة السرية إلى أن ابتعاد أوروبا الحاد عن النفط والغاز الروسي قد يضر أيضا بقدرة الكرملين على إمداد السوق الخاصة به.

ويوضح التقرير بالتفصيل كيف تواجه روسيا الآن “حصارًا” أثر عمليًا على جميع أشكال النقل؛ مما أدى إلى مزيد من الضغط على اقتصاد البلاد. فيما تزيد القيود التكنولوجية والمالية من الضغط.

ويقدر التقرير أن ما يصل إلى 200 ألف متخصص في تكنولوجيا المعلومات قد يغادرون البلاد بحلول عام 2025، وهو أول توقع رسمي لهجرة الأدمغة الآخذة في الاتساع.

ولفتت “بلومبرج” إلى أن المسؤولين الحكوميين الروس يزعمون، علنا، أن تأثير العقوبات كان أقل من المتوقع، مع احتمال حدوث انكماش أقل من 3% هذا العام وحتى أقل في عام 2023.

وبحسب الوكالة، تدعو الوثيقة الحكومية الروسية السرية إلى مجموعة من الإجراءات لدعم الاقتصاد وتخفيف تأثير القيود بشكل أكبر من أجل محاولة إنعاش الاقتصاد في عام 2024 والنمو بشكل مطرد بعد ذلك، لكن الخطوات تشمل العديد من نفس الإجراءات لتحفيز الاستثمار التي روجت لها الحكومة على مدى العقد الماضي، عندما كان النمو راكدا إلى حد كبير حتى بدون عقوبات.

وترى “بلومبرج” أنه مع تضاؤل ​​الوصول إلى التقنيات الغربية، وموجة من سحب الاستثمارات من الشركات الأجنبية والرياح الديموجرافية المعاكسة المقبلة، من المتوقع أن يتقلص النمو المحتمل للاقتصاد الروسي إلى 0.5% أو 1.0% في العقد المقبل، وبعد ذلك، سوف يتقلص أكثر إلى ما فوق الصفر بقليل بحلول عام 2050.

وخلال العام أو العامين المقبلين، تحذر الوثيقة من “انخفاض حجم الإنتاج في مجموعة من القطاعات الموجهة للتصدير من النفط والغاز إلى المعادن والكيماويات والمنتجات الخشبية، وبينما يكون من الممكن حدوث بعض الانتعاش لاحقًا، ستتوقف هذه القطاعات عن كونها محركات للاقتصاد”.

ووفقًا للوثيقة، فإن قطعًا كاملاً للغاز عن أوروبا، سوق التصدير الرئيسي لروسيا، قد يكلف ما يصل إلى 400 مليار روبل (6.6 مليارات دولار) سنويًا من عائدات الضرائب المفقودة، ولن يكون من الممكن تعويض المبيعات المفقودة بالكامل من خلال أسواق التصدير الجديدة حتى على المدى المتوسط.

وقالت الوثيقة السرية إنه نتيجة لذلك، سيتعين خفض الإنتاج، مما يهدد أهداف الكرملين لتوسيع إمدادات الغاز المحلية.

ويعد الافتقار إلى التكنولوجيا اللازمة لمحطات الغاز الطبيعي المسال “حرجًا إضافيا” وقد يعيق الجهود المبذولة لبناء مصانع جديدة.

وقد تؤدي خطط أوروبا لوقف استيراد المنتجات النفطية الروسية (حوالي 55% من الصادرات إلى هناك العام الماضي) إلى تخفيضات حادة في الإنتاج؛ مما يؤدي إلى نقص الوقود في السوق المحلية أيضًا.

وقال التقرير إن منتجي المعادن يخسرون 5.7 مليارات دولار سنويا، جراء القيود والعقوبات.

وتحذر الوثيقة الحكومية الروسية من أنه إذا انزلق الاقتصاد العالمي إلى الركود، فقد تشهد روسيا انخفاضًا أكبر في الصادرات لأنها ستصبح “المورد المتأرجح” في الأسواق العالمية، مع اختفاء الطلب على منتجاتها أولاً.

ويمكن أن يؤدي ذلك إلى انخفاض في الروبل وارتفاع في التضخم، بحسب الوثيقة.

وعلى صعيد الاستيراد، “تتمثل المخاطر الرئيسية قصيرة الأجل في تعليق الإنتاج بسبب نقص المواد الخام والمكونات المستوردة”.

وقالت الوثيقة إنه على المدى الطويل، فإن عدم القدرة على إصلاح المعدات المستوردة يمكن أن يحد بشكل دائم من النمو.

حتى في قطاع المزارع، حيث يروج الكرملين لجهوده لاستبدال الإمدادات الأجنبية، فإن الاعتماد على المدخلات الرئيسية قد يجبر الروس على تقليل استهلاكهم الغذائي مع تضاؤل ​​الإمدادات، وفقًا للوثيقة.

وقد تدفع القيود المفروضة على الوصول إلى التكنولوجيا الغربية روسيا جيلًا أو جيلين خلف المعايير الحالية؛ لأنها ستكون مجبرة على الاعتماد على بدائل أقل تقدمًا من الصين وجنوب شرق آسيا.

وتحذر الوثيقة من أن العقوبات ستجبر الحكومة أيضًا على مراجعة مجموعة من أهداف التنمية التي حددها “بوتين” قبل الحرب، بما في ذلك تلك الخاصة بتعزيز النمو السكاني ومتوسط ​​العمر المتوقع.

وعلى أساس قطاعي، تفصّل الوثيقة الحكومية الروسية السرية اتساع تأثير العقوبات على النحو التالي:

الزراعة: يعتمد 99% من إنتاج الدواجن و30% من إنتاج أبقار هولشتاين على الواردات، كما يتم جلب بذور المواد الغذائية الأساسية مثل بنجر السكر والبطاطس في الغالب من خارج البلاد، وكذلك أعلاف الأسماك والأحماض الأمينية.

الطيران: يتم نقل 95% من حجم الركاب على متن طائرات أجنبية الصنع، وقد يؤدي عدم الوصول إلى قطع الغيار المستوردة إلى تقلص الأسطول عند خروجهم من الخدمة.

بناء الآلات: 30% فقط من الأدوات الآلية روسية الصنع ولا تملك الصناعة المحلية القدرة على تغطية الطلب المتزايد.

الأدوية: يعتمد حوالي 80% من الإنتاج المحلي على المواد الخام المستوردة.

النقل: تسببت قيود الاتحاد الأوروبي في مضاعفة تكاليف الشحنات البرية ثلاث مرات.

الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: القيود المفروضة على بطاقات “SIM” قد تجعل روسيا تفتقر إليها بحلول عام 2025، في حين أن قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية قد يتخلف خمس سنوات عن قادة العالم في عام 2022.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى