يواصل الناشطون الحقوقيون متابعة تصاعد الانتهاكات الصارخة في المملكةالعربية السعودية الى التفاصيل :
مأساة أب وابنه
قبل أيام، نشرت منظمة “القسط” الحقوقية تفاصيل عن عملية اعتقال “عبدالوهاب الدويش” نجل الداعية السعودي “سليمان الدويش” الذي تم القبض عليه عام 2016 واختفى لاحقًا.
وقالت المنظمة: “علمت القسط عن تجدد اعتقال عبدالوهاب الدويش في 14 أغسطس/آب 2021. وكان عبدالوهاب الذي اعتقل سابقًا في يونيو/حزيران 2017، قد تلقى اتصالًا من السلطات السعودية يطلب منه الذهاب إلى كلية نايف ا للأمن الوطني في الرياض؛ بحجة نزع السوار الأمني الموضوع في رجله، لكنه ما إن وصل إلى الكلية حتى أُخبر بأنه يتعين عليه قضاء ما تبقى من فترة حكمه في السجن، التي تصل إلى 8 أشهر”.
وتم اعتقال “عبدالوهاب الدويش” ابتداءً في 2017 بعد جدال مع أحد المسؤولين في وزارة الداخلية إثر مراجعته للمسؤول من أجل إطلاق سراح والده، وفي خضم الجدال قال “عبدالوهاب” للمسؤول: “والدنا عزيز علينا، إما أن تطلقوا سراحه أو تسجنونا معه”. وفي اليوم التالي، حاصرت مجموعة من السيارات المدنية منزل عائلة “سليمان الدويش”، حيث يعيش جميع أبناءه، ومن ثم اعتقلت “عبدالوهاب” وأخفته قسريا لمدة 3 أشهر، وتمكنت عائلته بعد تلك المدة من زيارته في السجن، وكانت آثار التعذيب واضحة عليه، حيث أفاد مصدر لـ”القسط” أن “عبدالوهاب” تم تعذيبه لمدة 3 أشهر وانتزعت منه اعترافات تحت التعذيب، وبعد سوء حالته الصحية، تم تحويله إلى مستشفى السجن لتلقي العلاج قبل أن يتم إعادته مجددا للسجن.
وتم توجيه عدد من التهم إلى “عبدالوهاب” لاحقًا وجرى تحويله إلى المحكمة، وكان من بين هذه التهم: تأييد تنظيم “الدولة” وحمل أفكار متطرفة، بالرغم من عدم تقديم الادعاء العام ما يثبت ذلك. وقد أطلق سراحه قبل بدء محاكمته في مارس/آذار 2018، لتحكم عليه المحكمة الجزائية المتخصصة في سبتمبر/أيلول 2020 بالسجن لمدة 3 سنوات و6 أشهر، مع وقف تنفيذ سنة و6 أشهر، يتلوها منعه من السفر لمدة مماثلة.
وأفادت “القسط” بأنها لا تعلم أي تفاصيل عن مكان اعتقال “عبدالوهاب” حتى الان.
ويقال إن والد “عبدالوهاب” جرى إحضاره أمام “بن سلمان” مكبلا بالسلاسل وضربه ولي العهد بنفسه. وكان الداعية السعودي مؤيدًا قويًا للعائلة المالكة لكنه أصبح مغضوبًا عليه في عام 2016 بعد أن نشر سلسلة من التغريدات.
وكشف الزميل القانوني في منظمة “منّا” الحقوقية “رمزي قيس” لمنظمة “الديمقراطية الآن للعالم العربي” (داون) ومقرها واشنطن: “في التغريدات التي يبدو أنها أدت إلى اختطافه، كتب الدويش عن مخاطر منح الأبناء المدللين صلاحيات واسعة دون مراقبة ومحاسبة”.
وأضاف: “ربما كانت تلك إشارة غير واضحة إلى الملك سلمان وابنه محمد بن سلمان، الذي كان في ذلك الوقت يكتسب قوة سياسية جديدة بعد أن عينه والده قبل عام من ذلك وزيرًا للدفاع ونائبًا لولي العهد. وبحلول عام 2017، أصبح بن سلمان وليًا للعهد”.
واختفى “الدويش” بعد اعتقاله في مكة. وبحسب شاهد عيان، سرعان ما تم نقله جوًا إلى الرياض، حيث تم تكبيل يديه بالسلاسل ونقله إلى مكتب “بن سلمان”.
ووفقًا لمصادر منظمة “منّا” الحقوقية، فإن “بن سلمان” جعل “الدويش” يجثو على ركبتيه وشرع في الاعتداء عليه شخصيًا، حيث لكمه في صدره وحنجرته، وقام بتوبيخه بسبب تغريداته. وكان “الدويش” ينزف بشدة من فمه وفقد وعيه بعد ذلك.
وجرى وضع “الدويش” في منشأة احتجاز غير رسمية تقع في قبو أحد القصور الملكية في الرياض. وبحسب مصادر منظمة “القسط”، تم استخدام الطابق السفلي من هذا القصر لسجن وتعذيب كبار المسؤولين السعوديين وأعضاء العائلة المالكة، من قبل حاشية “بن سلمان”. وكان” ماهر المطرب” و”سعود القحطاني”، وهما عضوان في فرقة الاغتيال الشهيرة “النمر” المسؤولة عن قتل الصحفي “جمال خاشقجي” ومعارضين سعوديين آخرين، مسؤولين عن إدارة السجن السري وأشرفا شخصيًا على تعذيب “الدويش”، بحسب “القسط”.
الابن المدلل الهاوي للدم
ومع الاستمرار في طلب إجابات بشأن مصير “سليمان”، دعت “القسط” السلطات السعودية إلى إطلاق سراح ابنه على الفور بدون قيد أو شرط وإسقاط جميع التهم الموجهة إليه.
ولكن كما هو الحال مع القضايا الأخرى، فإن “بن سلمان” والنظام القضائي الخاضع له لن يستجيبوا للدعوة، خاصة أن الحكومات الغربية اختارت أن تتجاهل إلى حد كبير انتهاكاته المتعددة، والتي كان أشهرها اغتيال “خاشقجي”.
وبالرغم أن إدارة “بايدن” تدعي أن الرئيس أثار قضية “خاشقجي” وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان مع ولي العهد، فقد رأى ناشطو حقوق الإنسان أن كل ما حققه “بايدن” من لقائه مع “بن سلمان” هو تشجيع ولي العهد أكثر.
وبعد الزيارة، تعرضت طالبة الدكتوراه السعودية “سلمى الشهاب”، التي تدرس في جامعة “ليدز” وحُكم عليها سابقًا بـ3 سنوات، لزيادة رهيبة في مدة الحكم وصلت إلى 34 عاما. وفوق ذلك، أصدرت المحكمة قرار حظر سفر بحقها لمدة 34 عامًا بعد إطلاق سراحها.
ولم ترتكب “سلمى” أي جريمة سوى نشر تعليقات على “تويتر” أزعجت النظام الذي اعتقلها عند قدومها إلى المملكة لقضاء عطلة في بلدها.
وتشير الإحصاءات إلى أن عمليات الإعدام في الأشهر الـ6 الأولى من عام 2022 بلغت 120 حالة، وتم تنفيذ رقم قياسي بلغ 81 في يوم واحد، ليكون أكبر عدد في تاريخ المملكة.
ويعد هذا الرقم أكبر من إجمالي عمليات الإعدام في العامين الماضيين، ويشير ذلك إلى حقيقة الوعود السعودية بالحد من عمليات الإعدام، ويثير تساؤلات حول ما حققه اجتماع “بايدن” مع “بن سلمان” فعليًا.
متابعات