تعمقت العلاقات الروسية الإيرانية مؤخرا بعد أن دفعت العزلة الدولية البلدين نحو مزيد من التعاون التجاري والعسكري، وفقا لصحيفة “وول ستريت جورنال”.
وكانت علاقات البلدين تضعف حتى هذا العام بسبب تضارب الأجندات في سوريا وشكوك إيران التاريخية في التدخل الأجنبي والدور التاريخي لروسيا كقوة مهيمنة في آسيا الوسطى والقوقاز.
لكن غزو روسيا لأوكرانيا، سرع الجهود المبذولة بين موسكو وطهران اللتين تحدثتا غالبا عن علاقات أوثق، ولكن بنتائج قليلة، طبقا للصحيفة الأميركية.
وتشترك الدولتان في معارضة النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة ويعاني كلاهما من عقوبات أميركية صارمة.
ووصف مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، مؤخرا العلاقات الروسية الإيرانية المزدهرة بأنها “تهديد عميق”.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن أي تحالف روسي إيراني أوثق من شأنه أن يساعد كلا البلدين على التخفيف من تأثير العقوبات الغربية من خلال إيجاد أسواق جديدة لمنتجاتهما وتعزيز التعاون العسكري الذي يمكن أن يساعد موسكو في حرب أوكرانيا وأنشطة طهران الإقليمية في الشرق الأوسط.
في يوليو، أصبحت إيران أكبر مشتر للقمح الروسي في العالم. وأطلقت روسيا هذا الشهر قمرا صناعيا إيرانيا إلى الفضاء في نجاح نادر لبرنامج طهران الفضائي.
وفي الأسبوع الماضي، استضاف الجيش الإيراني تدريبات مشتركة باستخدام طائرات بدون طيار مع القوات الروسية، حيث حذرت الولايات المتحدة من أن موسكو تستعد لاستقبال طائرات إيرانية بدون طيار لاستخدامها في الحرب في أوكرانيا.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، زار طهران خلال يوليو الماضي في ثاني رحلة خارجية له منذ أن أمر بغزو أوكرانيا يوم 24 فبراير.
في المقابل، سافر الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى موسكو في يناير، عندما تعهد البلدان بمزيد من الأنشطة الاقتصادية والتعاون العسكري.
بشكل عام، ارتفعت التجارة الثنائية بنسبة 10 بالمئة بين روسيا وإيران هذا العام. وفي عام 2021، ارتفعت التجارة بين البلدين بنسبة 80 بالمئة إلى 4 مليارات دولار.
وقال إسفنديار باتمانجليغ، الرئيس التنفيذي لمؤسسة “بورز آند بازار”، وهي منظمة فكرية مقرها المملكة المتحدة تركز على الدبلوماسية الاقتصادية، إن إحياء الاتفاق النووي – الذي تبدو واشنطن وطهران على وشك إبرامه – يزيد من الاستثمار الروسي في إيران.
الروس ينتشرون في طهران
ويقول رجال الأعمال الإيرانيون إن الروس يتدفقون على طهران خلال الأشهر الأخيرة غالبا لمناقشة سبل الالتفاف على العقوبات.
وبحسب الصحيفة، فإن اللغة الروسية باتت شائعة في المحال التجارية والفنادق بطهران، حيث لا تفتح إيران أبوابها للمسافرين الروس الذين عزلوا عن معظم الدول الغربية.
في السوق الكبير بالعاصمة الإيرانية، قال بائع السجاد حسين، إن عدد العملاء الروس تضاعف منذ فبراير ويشكلون الآن نصف قاعدة عملائه.
في بهو فندق فخم في طهران، كان الأوروبيون الوحيدون هم الروس الذين أحضروا حواسيبهم المحمولة لحضور اجتماع عمل مع إيرانيين يرتدون بدلات سوداء.
وتشمل الصفقات المطروحة على الطاولة بيع إيران الملابس للمشترين الروس لتحل محل العلامات التجارية الغربية وقطع غيار السيارات لصانعي السيارات الروس المحاصرين.
وعقدت مناقشات حول ممر تصدير يمتد من روسيا إلى الهند عبر إيران، وإنشاء نظام مصرفي معزول تماما عن العقوبات الأميركية.
كما وقعت شركة النفط الإيرانية الوطنية التي تديرها الدولة في طهران صفقة مع شركة غازبروم الروسية العملاقة للطاقة لاستثمار 40 مليار دولار في صناعة الغاز الطبيعي الإيرانية.
ويحتاج البلدان إلى شركاء تجاريين، حتى لو كانت قدرتهم على مساعدة بعضهم البعض محدودة. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 6 بالمئة هذا العام.
كما يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي لإيران بنسبة 3 بالمئة هذا العام، لكن البلاد تكافح مع تضخم بنسبة 50 بالمئة وعملة سجلت انخفاض قياسي مقابل الدولار هذا العام.
وتقدم إيران لروسيا خبرة في تجنب العقوبات الغربية بينما يبدو أن موسكو أعطت إيران أفضلية للصادرات الزراعية وسط مخاوف من نقص الغذاء.
يقول خبراء تجاريون إن كل من إيران وروسيا كافحتا للعثور على بنوك للتعامل مع معاملات السلع الخاصة بهما.
وتعتبر تجارتهم المزدهرة بمثابة “زواج المصلحة” في وقت يتجنب فيه التجار الأوروبيون العقود الجديدة في الحبوب الروسية وغيرها من السلع، بحسب “وول ستريت جورنال”.
وقالت محللة الحبوب بوكالة “فاست ماركتس” لتقارير أسعار السلع الأساسية في لندن، ماشا بيليكوفا، “لا يمكن لإيران شراء القمح إلا من عدد محدود من المصادر. عندما بدأت الحرب، كانت روسيا مستهدفة بالعقوبات وواجهت مشكلات في المدفوعات”.
متابعات