هل وصلنا لمرحلة التقنية العاطفية؟

بقلم/شيماء المرزوقي

كما هو واضح وماثل في عصرنا الراهن، التقنية تدخل في مختلف مفاصل حياتنا، بل تطوراتها المتلاحقة جعلتها ركناً رئيساً في حياة كل إنسان، وما نشاهده يومياً هي تطويرات لا تتوقف في هذا المضمار. ومع نمو الأجهزة الذكية، تجاوزت كونها أدوات تسهم وتساعد على التواصل لتأخذ مكانة أوسع في حياتنا، وتصبح وسيلة لفهم احتياجاتنا، وتنظم تطلعاتنا وتضع الخطط، بل تفسر احتياجاتنا، وكأنها تقدم استشارات لصحتنا النفسية، ومعها كأنها باتت وسيطاً قوياً بين رغباتنا وطموحاتنا وبين مشاعرنا وأحاسيسنا.
والسؤال البديهي: هل باتت التطبيقات الذكية، بصفة عامة، صديقاً نفسياً، للإنسان، تساعده على مواجهة تحديات الحياة؟ والإجابة ببساطة متناهية: نعم. للتقنية تأثير قوي في عواطفنا، وفي مشاعرنا. على سبيل المثال، مواقع التواصل الاجتماعي يصح القول بأنها أصبحت مصدراً قوياً نجد فيه الاهتمام، وأيضا مصدراً من مصادر القلق والتوتر، بسبب إما الضغوط التي تحدثها في عقولنا عندما نشاهد الناجحين والمتفوقين، أو بسبب موازنة الذات مع الآخرين. ولكن التقنيات الحديثة نفسها تسهم بشكل مباشر واضح في التأثير في عواطفنا، وتتدخل في المزاج والنفسية. مثال ذلك تلك التقنيات التي تعتمد على جمع البيانات ثم تحليلها وهو ما يمكنها من فهم النفسية لمن يستخدمها، فالهواتف الذكية تحديداً، تعتبر أهم المؤثرين عاطفياً في الإنسان.
هناك تطبيقات كثيرة ومنها تطبيق يسمى «Sleep Cycle» يستطيع تحليل جودة نومك، بل ويقترح تحسينات. وكما هو معروف، الساعة الذكية تستطيع قياس معدل ضربات القلب ومستويات الإجهاد، بل حتى الحالة المزاجية في تطبيقات مثل «Moodpath» أو «Happify» والتي تقوم على تتبع مشاعرك اليومية وتحليلها. ولا ننسى تطبيقات الصحة النفسية والعاطفية مثل «Calm» و«Headspace» التي باتت معروفة، وتعمل على تدريب كل من يستخدمها على التأمل، وتقنيات الاسترخاء. وهناك تطور في هذا المضمار حيث نجد تطبيقاً مثل «Woebot»، يستخدم الذكاء الاصطناعي، للتحدث مع كل من يستخدمه، وكأنه في جلسة نفسية، حيث يستمع للمشاكل ثم يقدم نصائح، بأسلوب يشبه الجلسات النفسية مع طبيب متخصص.

يصح القول بأن التطبيقات الذكية والأجهزة التي تشتغل بواسطتها باتت صديقاً جديداً في عالم الإنسان النفسي والعاطفي، ومع أن البعض يعتبرها فرصة لنا جميعاً، لفهم أنفسنا بل وإدارة مشاعرنا بطرق لم نكن نتخيلها من قبل، إلا أنها تبقى أدوات وأجهزة يفترض أن تسهم في تعليمنا كيفية الاتصال بأنفسنا والآخرين، وأن يكون استخدامها لتعزيز صحتنا النفسية وليس بديلاً عن السلامة النفسية لأن حياتنا العاطفية وسلامتنا النفسية، لا يمكن قياسها بالأرقام ولا بالرسوم البيانية، لأنها تجربة روحية عميقة، وقدرتنا على فهم مشاعرنا وعواطفنا ورغباتنا وطموحاتنا تكمن في قلوبنا وعقولنا.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى