كيف تعيد الكلمات الحياة؟

بقلم/شيماء المرزوقي

تخيل أنك في محطة قطار مزدحمة، تصارع مع الوقت، وتفكر في مشاغلك اليومية، فجأة، يمر بك شخص غريب يبتسم لك، ويلقي كلمة بسيطة مثل: «صباح الخير، كيف حالك؟». قد لا يكون الشخص معروفاً لك، ولكن تلك الكلمة تخلق لحظة من التوقف، لحظة من التعاطف، تجعل قلبك يهدأ ولو للحظة. تُذكرنا هذه الكلمات بأننا لسنا وحدنا في هذا العالم، قد تكون هذه الكلمات البسيطة هي الضوء الذي ينعكس في الظلام الذي نعيشه في أيامنا المتسارعة.
لكن هذه التأثيرات لا تقتصر على المواقف التي نكون فيها بحاجة إلى دعم عاطفي، لأنه في العديد من الأحيان، تكون الكلمات البسيطة هي التي تبني الجسور بين الغرباء، وتفتح أبواباً جديدة لفهم الإنسانية، فكم مررت بشخص كان في غاية الحزن أو الارتباك، وعندما تلقّى منك كلمة لطيفة أو حتى تعبيراً عن الاهتمام، شعر وكأن الحياة تبتسم له مرة أخرى؟ الكلمات لا تكلف شيئاً، ولكنها قد تكون المفتاح لفتح قلوب الآخرين.

الواقع أن التفاعلات اليومية في الأماكن العامة هي بمنزلة لوحة مكونة من ألوان متغيرة بين كلمات التحفيز، والتهنئة، والعتاب، والندم، والعطف، وعلى الرغم من أن هذه التفاعلات قد تبدو عابرة، فإن لها تأثيراً طويلاً يمكن أن يتجاوز اللحظة نفسها، فمثلاً، إذا قال أحدهم لشخصٍ ما: «أنت تبدو رائعاً اليوم»، أو حتى «أنا ممتنّ لك على مساعدتك»، فإن تأثير هذه الكلمات قد يكون عميقاً للغاية، قد ترفع معنويات الشخص الموجّه إليه هذا التعليق، وتساعده على التغلب على تحدياته الشخصية، حتى وإن كان يبدو له في البداية أنه مجرد مجاملة عابرة.

مما لا شك فيه أن الكلمات هي قوة في يدنا، لها القدرة على منح الحياة أو سرقتها، قد نظن أننا في عجلة من أمرنا ولا نمتلك وقتاً للتفاعل مع الآخرين في الأماكن العامة، ولكن الحقيقة هي أن اللحظات الصغيرة التي نتشاركها مع الآخرين هي التي تشكل الأثر الأعمق في حياتنا وحياة الآخرين. إننا بحاجة إلى أن نكون أكثر وعياً في اختيار كلماتنا، فحتى الكلمات البسيطة قد تكون نقطة التحول في حياة شخص آخر.

فلنتذكر أن الكلمات التي نقولها في الأماكن العامة قد تترك أثراً طويلاً يفوق ما نتصوره.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى