د. مايا الهواري
شرّع الله الزّواج بين البشر لتكوين الأسرة وتكاثر البشريّة، وجعل لكلّ منهم حقوقاً وواجبات، كما وضع لهم شروطاً للزّواج النّاجح لتكون الأسرة سليمة، ولكن في بعض الأحيان تتسلّل المشاكل لتؤدي إلى الطّلاق، هذه المشاكل قد تكون كبيرة أو صغيرة، وهنا يبدأ دور العقلاء على عدم حدوث الطّلاق والعمل على إصلاح ذات البين ما أمكن، وبالمقابل يعمل بعضهم على تسريعه.
هناك أسباب عديدة تدعو للطّلاق بين الزّوجين، إحداها أن يقوم الزّوج بالزّواج من امرأة ثانية، وهنا لا تستطيع الزّوجة تحمّل ذلك الأمر فتطلب الطّلاق، وقد يشجعها بعضهم على ذلك وتدخل في دوّامة المحكمة وإجراءاتها الّتي تستغرق وقتاً طويلاً، وفي نهاية الأمر لا يحكم القاضي لها بالطّلاق، لأنّ الأسباب غير مبرّرة، فتلجأ إلى عملية الخُلع وتتنازل فيه عن جميع حقوقها، وهنا يقع الانفصال بين الزّوجين، ومن وجهة نظر بعضهم أنّ قرار الطّلاق غير صائب ولا مانع من تزّوج الزّوج بأخرى إن كان مقتدراً ويتّصف بالحكمة وجيّد المعشر، لكنّ المرأة لا تستطيع تحمّل زوجة أخرى تشاركها زوجها فتطلب الطّلاق على أمل أنّها ستحصل على منزل للسّكن كونها حاضنة للأطفال، علماً أنّ فترة الحضانة ستنتهي يوماً ما أو تخسرها حال زواجها مرّة أخرى.
قديماً كان لدى الزّوج أكثر من زوجة دون حصول أيّ مشاكل، خاصّة إن كان مقتدراً مادياً ويتّصف بالرّزانة والرّشد والعدل بين زوجاته ويتّقي الله فيهنّ، فلا يوجد مانع من تعدّد الزّوجات، والطّلاق كان نادراً جداً، فهم يعلمون أنّ حياة المرأة دون رجل لا تستوي، وكذلك الأمر للرّجل بحاجة إلى المرأة.
نستنتج ممّا سبق أنّ الحياة تحتاج الحكمة والعقلانيّة وخاصّة فيما يتعلّق بالأسرة فهي نواة المجتمع وأساسه، وتطوّرها يعني تطوّره، لذا لا بدّ من جعل الأسر سليمة داخليّاً وخارجيّاً حتّى ينشأ جيل صحيح، والعمل على جعل الطّلاق الحلّ الأخير الّذي يتمّ الّلجوء إليه عند انعدام الحلول الأخرى وعدم جدواها، رغم آثاره السّلبيّة على الأولاد والمجتمع.
متابعات