حتى مشاريع الطاقة الشمسية تفشل بسبب الحر الشديد

درجات الحرارة المرتفعة قد تعيق إنتاج الطاقة الشمسية حيث تعمل الألواح المعتمدة على النحو الأمثل عند 25 درجة مئوية وتصبح أقل كفاءة عندما ترتفع الحرارة فوق هذا.

ارتفعت درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى حرائق الغابات وعزز مخاوف بيئية أخرى. ويحظى قطاع طاقة واحد على الأقل خلال موجات الحر هذه بالاهتمام لإمكاناته الإنتاجية الرئيسية، وهو مجال الطاقة الشمسية.

وتتصدر البلدان العربية قائمة الدول الأكثر حرا، ومن المتوقع أن تزداد وطأة موجة الحر غير المسبوقة التي تضرب جنوب أوروبا منذ عدة أيام، حتى تبلغ مستويات قياسية، فيما تحاول فرق الإطفاء في الكثير من الدول منها الجزائر وإسبانيا السيطرة على النيران التي تشتعل كل مرة في إحدى المناطق الخضراء جراء ارتفاع درجات الحرارة.

ومع تجميع الألواح للطاقة من أشعة الشمس، قد يكون ارتفاع درجة حرارة العالم بشكل غير متوقع ذا فائدة قليلة لإنتاج الطاقة. ومع ذلك، فإن هذا لا يوقف تنامي اهتمام المستهلكين مع الاندفاع نحو الاستثمار في تكنولوجيا الطاقة الشمسية حيث تبدو فصول الصيف أكثر سخونة وترتفع أسعار المستهلك. ومع حلول بعض أكثر فصول الصيف سخونة على الإطلاق لعدة عقود في أجزاء كثيرة من العالم، لا بد أنها تعزز الطاقة الشمسية، أليس كذلك؟

 

فيليسيتي برادستوك: الحرارة لا تعزز إنتاج الطاقة الشمسية كما تعتقد الأغلبية                                       فيليسيتي برادستوك: الحرارة لا تعزز إنتاج الطاقة الشمسية كما تعتقد الأغلبية

وتقول الكاتبة المتخصصة في الطاقة والتمويل فيليسيتي برادستوك، إن الكثير من الناس قد يعتقدون أن المزيد من أشعة الشمس مع ارتفاع حرارة العالم سيجلب المزيد من الطاقة الشمسية، حتى لو كانت تسبب مشاكل أخرى كثيرة.

لكن درجات الحرارة المرتفعة قد تعيق إنتاج الطاقة الشمسية حيث تعمل الألواح المعتمدة على النحو الأمثل عند حوالي 25 درجة مئوية وتصبح أقل كفاءة عندما ترتفع الحرارة فوق هذا. وحتى إن لم تعق الحرارة إنتاج الطاقة الشمسية، فإنها لا تفعل شيئا لمساعدتها أيضا.

ومع تسجيل درجات حرارة قياسية في معظم أنحاء أوروبا هذا الصيف، حيث وصلت المملكة المتحدة إلى 40 درجة مئوية في يوليو، شهدت المزارع الشمسية مستويات إنتاج إيجابية.

وذكر تقرير الطاقة الشمسية في المملكة المتحدة في 20 يوليو أن إنتاج الطاقة الشمسية في البلاد “وصل إلى نحو الربع من طلب الطاقة في المملكة المتحدة”. لكن هذا يرجع في الغالب إلى أن البلاد تشهد المزيد من الأيام المشمسة بدلا من درجات الحرارة المرتفعة.

بالطبع، توجد طاقة شمسية عندما تكون الشمس ساطعة. ولكن بسبب الطريقة التي تعمل بها الألواح الشمسية، فإنها تصبح أقل كفاءة بقليل، بحوالي 0.5 في المئة، لأي درجة تزيد أو تقل عن 25 درجة مئوية. ويعني هذا أن فترات ذروة الإنتاج في الكثير من أنحاء العالم تحدث غالبا في أشهر الربيع الباردة بدلا من الصيف.

وتعتقد شركة سولار إينرجي البريطانية أن الاضطرابات الكبيرة لن تظهر إلا إذا ارتفعت درجات الحرارة إلى 65 درجة مئوية أو أعلى.

وصرّح رئيسها التنفيذي كريس هيويت بأن فصل الربيع “أفضل على مستوى الكفاءة. ولكن بشكل أساسي إذا كان لديك المزيد من الضوء، فإنك تنتج المزيد من الطاقة الشمسية. وعليك ألاّ تنسى أن الألواح الشمسية تعمل في جميع أنحاء العالم وتستخدم نفس التقنية سواء وضعناها على أسطحنا أو في مزارع الطاقة الشمسية في صحراء المملكة العربية السعودية”.

لكن عدم اليقين بشأن ما يعنيه ارتفاع درجات الحرارة لإنتاجية الألواح الشمسية لم يمنع تضاعف الاهتمام بالقطاع، حيث يربط الجمهور بين الطقس الحار وإنتاج الطاقة الشمسية.

 

الاضطرابات الكبيرة تظهر عند درجات حرارة تتجاوز 65 درجة مئوية الاضطرابات الكبيرة تظهر عند درجات حرارة تتجاوز 65 درجة مئوية 

 

وتواجه البلدان في جميع أنحاء العالم ارتفاعا سريعا في أسعار الطاقة الاستهلاكية، مما يجعل فواتير الخدمات العامة تكلف الناس المئات أو حتى الآلاف سنويا أكثر. وقد ساعد هذا في تحويل الرأي العام إلى صالح البناء السريع لقطاعات قوية للطاقة المتجددة، فضلا عن تركيب تكنولوجيا الطاقة الشمسية المنزلية، حيث يعي المستهلكون محدودية النفط والغاز.

وحاولت الحكومات لسنوات دفع الاهتمام العام بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حتى أنها عرضت على الأسر تعريفات تغذية تشمل مدفوعات للأشخاص الذين ينتجون الطاقة الشمسية الخاصة بهم لتحفيز تركيب الألواح الشمسية المنزلية.

وعرضت الحكومات شراء الطاقة الشمسية من المنتجين المنزليين المتصلين بالشبكة ودعمت تكلفة تكنولوجيا الطاقة الشمسية وتركيبها في أجزاء عديدة من العالم.

وبينما زاد الإقبال بشكل مطرد، قد يكون الارتفاع الأخير في أسعار الطاقة هو العامل الذي يدفع المستهلكين إلى إجراء التحول على نطاق أوسع.

وتعمل الدول العربية على زيادة مزيج الطاقة المتجددة – التي لا تنفد – في توليد الكهرباء، وفي مقدمتها مصر والسعودية والإمارات والمغرب، التي يملك كل منها مجمعات للطاقة الشمسية توصف بأنها الأكبر في العالم، والتي تستقبل كميات هائلة من الطاقة الشمسية دفعتها إلى وضع السياسات اللازمة، وخطط طموحة لتطوير وتنفيذ مشروعات ضخمة في توليد الكهرباء من هذا المصدر النظيف.

وزاد عدد عمليات البحث في المملكة المتحدة عن الألواح الشمسية بنسبة 54 في المئة وبطارياتها بنسبة 134 في المئة على موقع إيباي في يونيو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما ارتفع الطلب على المنتجات لتتبع استخدام الطاقة وتقليله، مثل العدادات الذكية.

وذكر تقرير حكومي في 2020 أن حوالي 970 ألف منزل في المملكة المتحدة مزودة بألواح شمسية، أي ما يزيد قليلا عن 3 في المئة من إجمالي البيوت، مع زيادة إنتاج للطاقة من ميغاواط واحد سنة 2008 إلى 11.730 سنة 2020.

ووفقا لشركة الائتمان البريطانية إكسبيريان، فإنه من المتوقع أن تركّب حوالي 1.9 مليون أسرة الألواح الشمسية أو غيرها من تقنيات الطاقة المتجددة في 2022، مما يظهر زيادة كبيرة في الاهتمام العام.

ولم يختر العديد من المستهلكين الطاقة الشمسية المنزلية بسبب ارتفاع تكلفة تركيب الألواح. ولكن استمرار ارتفاع فواتير الكهرباء والغاز حتى 2023 وما بعده يدفع الكثيرين إلى إدراك القيمة المحتملة للتكلفة الأولية.

ومع بلوغ إجمالي ثمن التركيب في المملكة المتحدة ما بين 6 آلاف دولار و18 ألفا في المتوسط​​، من المرجح أن تسترد الأسر تكلفة التركيب في وقت أقل، مما قد يؤدي إلى خفض عدد السنوات التي تستغرقها لاسترداد الأموال إلى النصف إذا استمرت فواتير الطاقة في الارتفاع.

وتشير الباحثة فيليسيتي برادستوك، إلى أنه في حين أن موجات الحرارة التي نشهدها في جميع أنحاء العالم قد لا تعزز إنتاج الطاقة الشمسية بالطريقة التي قد يعتقدها الكثيرون، إلا أنها شجعت الاهتمام العام بتقنيات الطاقة الشمسية.

ويتجه الكثيرون الآن إلى الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية كبديل لمساعدتهم على توفير المال وتحقيق المزيد من الاكتفاء الذاتي بينما يواجهون ارتفاعا سريعا في أسعار الطاقة ويتوقعون المزيد من الأيام الحارة والمشمسة.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى