قبل عشر سنوات، كانت شانيل جيبسون تعمل ورديات عمل تمتد إلى 12 ساعة، تقوم خلالها بفرز وطي الملابس في مستودع، وكادت أن تتخلى عن حلمها في العثور على وظيفتها المثالية.
في ذلك الوقت، كانت جيبسون، البالغة من العمر 23 عامًا، تتابع عبر الإنترنت أصدقاءها وهم يحتفلون بتخرجهم من الجامعة، وحصولهم على وظائفهم الأولى في الشركات، وانتقالهم إلى مدن جديدة.
ولولا الديون التي ستتحملها لاستكمال دراستها، لكانت جيبسون واحدة من الخريجين، إذ درست لمدة عام في جامعة فالدوستا الحكومية في ولاية جورجيا قبل أن تترك الدراسة، بحسب ما أوردته “CNBC” واطلعت عليه “العربية Business”.
كان هذا القرار بداية ما تسميه جيبسون “سنوات البحث عن الذات”، وهي فترة في أوائل العشرينات من عمرها امتلأت بوظائف “صعبة وغير مرضية” بعد تركها الدراسة وانتقالها إلى أتلانتا.
وعملت في مستودع، ومطبخ بيتزا، وحضانة أطفال، وحتى قضت 6 أشهر في القوات الجوية قبل أن تُسرّح لأسباب طبية، ومع ذلك، لم تجد ذاتها في أي من هذه الوظائف.
عند النظر إلى الوراء، تقول جيبسون إنها لا تندم على تلك السنوات. في النهاية، قادتها إلى مهنة تحبها في مجال التكنولوجيا وتطوير المنتجات.
نقطة تحول
في صباح أحد الأيام من عام 2015، خلال فترة دوام طويلة أخرى في المستودع، تقول جيبسون إنها نظرت إلى بنطلون كانت تطويه وأدركت فجأة أنها كانت تتعامل مع مسيرتها المهنية بشكل خاطئ.
لحظة الإدراك تلك دفعتها إلى الاستقالة والبدء في التقديم على أي وظيفة أخرى، وكأحد المحاولات اليائسة نشرت سيرتها الذاتية على موقع كريغزلست، ورأى مدير في شركة ParkingSoft الناشئة لتطوير برمجيات إدارة مواقف السيارات سيرتها الذاتية، ودعاها لإجراء مقابلة للحصول على وظيفة موظف استقبال هاتفي في مكتبهم بأتلانتا.
أثبتت جيبسون نفسها خلال أسابيع قليلة، وتمت ترقيتها إلى محللة دعم العملاء بعد أن لاحظ مديرها كيف كانت تحل مشكلات العملاء بشكل استباقي بدلاً من مجرد تحويل المكالمات إلى فريق الخدمة.
وقالت جيبسون: “كانت هذه الوظيفة بداية مسيرتي المهنية في مجال التكنولوجيا، جميع المهارات التقنية التي تعلمتها من خلال هذا العمل – من SQL (لغة برمجة) إلى JIRA (برنامج لتتبع المشاريع) – جعلتني مرشحة أكثر ثقة وتنافسية للوظائف ذات الأجور الأعلى في مجال التكنولوجيا، حتى بدون شهادة جامعية”.
ومنذ عام 2016، تعمل جيبسون في مجال التكنولوجيا. الآن، وهي في الثالثة والثلاثين من عمرها، وبعد أن تركت وظائف تحليل دعم العملاء اتجهت لتطوير الفرق والمنتجات.
وجذبت الفكرة جيبسون، التي أرادت عملًا أكثر تحديًا يستفيد من مهاراتها في حل المشكلات، وفي عام 2021، حصلت على شهادة “سكوم ماستر” المعنية بتطوير الفرق والمنتجات من خلال Scrum Alliance، بعد إكمال دورة تدريبية استمرت يومين بتكلفة حوالي 400 دولار.
شانيل جيبسون (صورة من حسابها)
وهي الآن تقود الفِرق المسؤولة عن تطوير المنتجات أو المشاريع في شركة صغيرة للرعاية الصحية، وتعمل بدوام كامل من منزلها في لوجانفيل، جورجيا، وتتقاضى راتبًا يبلغ حوالي 132,000 دولار سنويًا.
وتقول جيبسون إن هذا الراتب كان “لا يمكن تصوره” في هذه المرحلة من حياتها المهنية لو استمرت في الوظائف التي كانت تعمل بها في العشرينات من عمرها، والتي لم تدفع لها أكثر من 15 دولارًا في الساعة.
“ليس هناك وصفة سحرية”
تلتزم جيبسون بجدول عمل تقليدي من التاسعة إلى الخامسة أثناء عملها من المنزل، وأحيانًا تبدأ العمل مبكرًا أو متأخرًا حسب عبء العمل.
قالت جيبسون: “بصراحة، هذه الوظيفة مثالية لشخص انطوائي مثلي. أركز بشكل أفضل في الأماكن الهادئة، وهذا يسمح لي بأن أكون أكثر إبداعًا؛ لا أحتاج إلى أن أكون الأكثر صخبًا أو طاقة لأكون مطور رائعًا للفرق والمنتجات.”
وأشارت إلى أنها أيضًا أول وظيفة تتقاضى فيها جيبسون أكثر من 100,000 دولار سنويًا. بالنسبة لها، كان تجاوز عتبة الستة أرقام “مفاجئًا للغاية”.
قالت: “كنت أعلم أنني قادرة وأعمل بجد، لكن المجتمع يخبرنا أنك بحاجة إلى شهادة جامعية للحصول على وظيفة ذات أجر مرتفع.”
وأضافت: “تحقيق هذا الإنجاز ساعدني على إدراك أنه لا توجد صيغة خاصة لكسب ستة أرقام؛ الأمر يعتمد عليك وعلى مدى استعدادك للعمل لتحقيق هذا الهدف وعدم السماح لمتطلبات مثل الشهادة بتقييدك.”
نصيحة للآخرين
أكبر نصيحة تقدمها جيبسون للآخرين الذين يأملون في الحصول على وظيفة ذات أجر مرتفع دون شهادة جامعية؟ لا تقلل من قيمة مهاراتك، وقوة التفكير الإيجابي في تحقيق أهدافك المهنية.
قالت: “سواء نجحت في الكلية أم لا، فهذا لا يحدد هويتك كشخص. يمكنك قراءة الكتب، والالتحاق بدورات تدريبية عبر الإنترنت، هناك العديد من الطرق لتحسين مهاراتك. مهما كان ما تريد تحقيقه، إذا كان لديك الموقف الصحيح وبذلت الجهد، فستحققه”.