كشفت صحيفة “الجارديان” البريطانية، أن اعتقال الناشطة السعودية “سلمى الشهاب”، التي صدر بحقها حكما بالسجن 34 عاما، قد يكون نتيجة بلاغ أرسل عبر التطبيق السعودي “كلنا أمن”.
وأشارت الصحيفة، إلى أن “سلمى”، طالبة الدكتوراه في جامعة ليدز البريطانية، اعتقلت بعد عودتها إلى السعودية في زيارة لعائلتها، خلال ديسمبر/كانون الأول 2020.
وقبل أيام، صدر حكم ضدّ “سلمى” بالسجن 34 عاماً، بسبب تغريدة انتقدت فيها السلطات في السعودية، وهو أطول محكومية سجنية بحق ناشط سلمي في تاريخ السعودية.
ورجّحت “الجارديان”، أن يكون التطبيق الذي يمكن للمقيمين في المملكة استخدامه، هو السبب في إلقاء القبض على “سلمى”.
وأشارت إلى أنّ مراجعة تغريدات الناشطة السعودية وتفاعلها، أظهرت رسالة من أحد الأشخاص يستخدم حساباً سعودياً، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أخبر فيها “سلمى”، إنه قدم بلاغا عنها باستخدام تطبيق “كلّنا أمن” السعودي، وذلك ردّاً على تغريدة سابقة في أكتوبر/تشرين الأول من ذات العام، انتقدت فيها منشورا للحكومة السعودية حول المواصلات العامّة.
وبينت الصحيفة، أن المستخدم الذي أبلغ عن تغريدتها لتطبيق “كلّنا أمن”، وجّه إساءات لـ”سلمى”، وانتقد وضعها صورة تتضمن العلم الفلسطيني إلى جانب العلم السعودي على حسابها.
ولفتت الصحيفة إلى أنه ليس واضحا إن كانت السلطات قد تجاوبت مباشرة مع البلاغ، لكن الناشطة التي تبلغ من العمر 34 عاماً، اعتقلت بعد ذلك بشهرين.
وذكرت أن الطالبة كانت تكمل دراستها لنيل شهادة الدكتوراه في جامعة ليدز في بريطانيا، وقامت بزيارة عائلتها في السعودية في ديسمبر/كانون الأول 2020، لكنها بعد أسابيع استدعتها السلطات السعودية، وأبلغتها بإلقاء القبض عليها ومحاكمتها بسبب استخدام “تويتر”.
وذكرت الصحيفة أن “سلمى”، واجهت مزاعم حول استخدام موقع على الإنترنت “لإثارة الاضطرابات العامة ومساعدة أولئك الذين يسعون للتسبب باضطرابات وتقويض الاستقرار المدني والقومي من خلال متابعة حساباتهم”.
وقالت إن الناشطة كانت قد ردّت في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2019 على تغريدة لحساب رسمي يعلن عن مشاريع البنى التحتية الحكومية، وإطلاق شبكة حافلات جديدة، بكلمة “أخيراً”.
ووفق ما جاء في “الجارديان”، تعرّف مواقع سعودية رسمية تطبيق “كلنا أمن” على أنّه يسمح للمواطنين والمغتربين بتقديم تقارير أمنية وجنائية، تتعلق بالاعتداءات على الحياة، والتهديدات، وانتحال الهوية، والابتزاز، واختراق حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، والتشهير، والاحتيال، والجرائم الجنائية الأخرى.
وقالت الباحثة في “سيتيزن لاب” بجامعة تورنتو، “نورا الجيزاوي”، إن استخدام مثل هذه التطبيقات يمثل “مرحلة جديدة من السلطوية الرقمية”.
وأضافت: “كان هذا النوع من الرقابة من قبل قوات المخابرات الأمنية، ولكن الآن وجود هذه التطبيقات وتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن بعضهم البعض، يفتح الباب أمام رقابة واسعة النطاق”.
وتابعت “الجيزاوي”: “إنه أمر مقلق للغاية لأن الأشخاص الذين ينشرون شيئا لا يمكنهم التنبؤ بالمخاطر أو من سيبلغون عنها، ومن سيعود ويبحث في خلاصته عن منشورات لا تتوافق مع الدعاية الحكومية”.
والأربعاء، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن الولايات المتحدة تدرس قضية “سلمى”، حيث أضاف المتحدث باسم الوزارة “نيد برايس”، للصحفيين: “يجب عدم تجريم ممارسة حرية التعبير للدفاع عن حقوق المرأة، يجب عدم تجريمها مطلقا”.
من جانبه، قال متحدث باسم جامعة ليدز: “نحن قلقون للغاية لمعرفة هذا التطور الأخير في وضع سلمى ونحن نسعى للحصول على المشورة بشأن ما إذا كان هناك أي شيء يمكننا القيام به لدعمها. تظل أفكارنا مع سلمى وعائلتها وأصدقائها من بين مجتمعنا المترابط من الباحثين في الدراسات العليا”.
وأدانت جماعات حقوق الإنسان وغيرها من المنافذ المؤيدة للديمقراطية قضية “سلمى”، وقالوا إن الحكم القاسي ضدها “كان دليلًا إضافيًا على حملة ولي العهد محمد بن سلمان التي لا هوادة فيها ضد المعارضين”.
كما أدانت المفوضية الأمريكية للحريات الدينية الحكومية، الحكم بسجن “سلمى”.
وعبر وسمي “سلمى الشهاب” و”freeSalma”، أعرب ناشطون وحسابات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان عن التضامن مع “سلمى” ضد “الحكم الجائر” بحقها، مبرزين المفارقة في دفاعها “المستميت” عن معتقلي الرأي الذين انضمت إليهم.
واسترجع بعضهم الكثير من تغريداتها على غرار: “لا تخذلوا المعتقلين بالنسيان”، قائلين إن هذا بالتحديد ما تحتاجه هي الآن.
وسخر البعض من الحكم بقولهم إنه يعكس “الحقيقة مقابل الوعود”، بالنسبة للسلطات السعودية التي تزعم الانحياز لحقوق المرأة وتفعل عكس ذلك.
واختصرت منصة “HuMedia” الرقمية التابعة للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وضع “سلمى الشهاب” بقولها إنها “كانت تدافع عن المضطهدين فأصبحت واحدة منهم”.
و”سلمى الشهاب”، طالبة دكتوراه في جامعة ليدز ببريطانيا، وأم لطفلين من الأقلية الشيعية بالمملكة تحديداً من الإحساء.
اعتُقلت في 15 يناير/كانون الثاني 2021، خلال قضائها إجازة في المملكة، وأُخضعت لجلسات تحقيق مطولة لنحو 285 يوماً، قبل إحالتها إلى المحكمة الجزائية المتخصصة.
وبرغم إفراجها عن حقوقيات اعتقلن قبل سنوات، فإن السلطات السعودية لا تزال تعتقل مزيدا من النساء الناشطات على موقع “تويتر”.
متابعات