أتاحت أزمة الكهرباء الحادة التي تعيشها عدن لحزب التجمّع اليمني للإصلاح فرصة جديدة لتدعيم مركزه داخل السلطة الشرعية اليمنية وتسجيل نقاط سياسية على حساب المجلس الانتقالي الجنوبي صاحب النفوذ الأكبر في المحافظة التي يعتبرها عاصمة دولة الجنوب المستقلة التي يعمل على تأسيسها.
وفرض القيادي في الحزب سلطان العرادة محافظ مأرب والعضو في مجلس القيادة الرئاسي نفسه كمنقذ لعدن من أزمة الكهرباء الناتجة عن توقّف توريد الوقود الضروري لتشغيل محطة التوليد من محافظة حضرموت التي باتت تعيش حالة أقرب إلى تمرّد القبائل المحلية التي بادرت إلى التحكّم بحركة نقل النفط ومشتقاته تحت عنوان الحفاظ على ثروات المحافظة وتوجيهها لخدمة أبنائها.
وشهدت عدن خلال الأيام الأخيرة انقطاعات مطوّلة للكهرباء وصلت إلى حوالي سبعة عشرة ساعة في اليوم وتسببت في إرباك للحياة العامة في المدينة وفجرت موجة غضب في صفوف السكان.
وتحرّكت السلطة المحلية في مأرب بقيادة العرادة لتعويض النقص في الوقود ولإعادة تشغيل محطة الرئيس لتوليد الطاقة الكهربائية.
وكتب الصحافي فتحي بن لزرق عبر حسابه في منصة إكس “بخصوص مستجدات كهرباء عدن، وبعد تنصل الجميع قاد محافظ مأرب الشيخ سلطان العرادة جهودا أفضت إلى توفير كميات من النفط الخام لتشغيل محطة الرئيس وضمان استمرارها خلال الفترة القادمة.” وأضاف “نيابة عن أهالي عدن نقول شكرا للشيخ العرادة ومأرب الخير والجود.”
وحملت مبادرة العرادة أبعادا سياسية متعددة في مقدمها أن السلطة المحلية التي يديرها في مأرب تعطي نموذجا عن قدرة حزبه في إدارة الشأن العام والتحكم بالموارد وبسط الاستقرار وتقديم الخدمات، قياسا بما هي عليه الحال في عدن معقل نفوذ الانتقالي الجنوبي والمرتهنة في إدارة شؤونها لحكومة رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك التي تواجه تهما بسوء التصرف والعجز عن إدارة الشأن العام.
وليس الوضع المستقرّ في مأرب هو العامل الوحيد الذي يستفيد منه حزب الإصلاح لتثبيت نفوذه داخل الشرعية اليمنية، إذ أنّ التراجع الحادّ في مكانة منافسه حزب المؤتمر الشعبي العام والخلافات المستمرة بين الانتقالي الجنوبي وحكومة بن مبارك والصراعات بين قبائل حضرموت والسلطة المحلية هناك ساهمت في إبراز الحزب الإخواني باعتباره الكيان السياسي الأكثر تماسكا.
وغير بعيد عن هذا الإطار كثّف الحزب من تحركاته السياسية صوب القوى المحلية جاعلا من نفسه نواة للتقريب بينها وجمعها في مواجهة الحوثيين، كما كثّف من اتصالاته الخارجية كمُحاور للدول الأجنبية والمنظمات الدولية باسم الشرعية اليمنية.
ويستفيد الحزب أيضا من ثراء محافظة مأرب التي يديرها لتركيز حكم محلي مستقر هناك. وفي الوقت الذي تشهد فيه المحافظة حالة من النشاط الاقتصادي وانتظاما في تقديم الخدمات للسكان تعاني محافظة عدن من شحّ الموارد التي تتضافر مع سوء إدارتها من قبل الحكومة المعترف دوليا ما يجعل الانتقالي الجنوبي دائم التذمّر من الشراكة معها وذلك بدافع التوجّس من تحمّل تبعات أخطائها ودفع فاتورة ذلك من رصيد شعبيته في مناطق الجنوب التي يريد تأسيس الدولة المستقلة على أرضها.
وكتجسيد لمخاوف الانتقالي أطلقت أزمة الكهرباء في عدن موجة احتجاجات شعبية، حيث شهدت عدة مديريات من بينها الشيخ عثمان والمنصورة خروج متظاهرين إلى الشوارع وقيامهم بغلق عدد من الطرق الرئيسية بما في ذلك طريق عدن-تعز ما أدى إلى تعطيل حركة المرور.
وسياسيا بادر منافسو الانتقالي إلى التعبير عن مساندتهم للحركة الاحتجاجية وإلقاء تبعات الأزمة على حكومة بن مبارك والسلطة المحلية. وأصدر مجلس عدن السياسي الموحد، الجمعة، بيانا قال فيه إنّه “من منطلق شعوره بمعاناة الوطن والمواطن وإحساسه بالمسؤولية الوطنية تجاههما.. يسجل إدانته واستنكاره لما وصلت إليه المرافق من تدمير مقصود منظم وممنهج للخدمات العامة من كهرباء وماء وصحة وتعليم ونظافة وغيره. وكما يدين التدمير للخدمات، فإنه يحمّل مسؤولية هذا التدمير المقصود لشركاء سلطة أمر الواقع بالمناصفة المفروضة على عدن بالإكراه.”
وساوى البيان في تحميله مسؤولية أزمات الخدمات الحادّة بين الانتقالي الجنوبي وحكومة بن مبارك معتبرا أن “ما تعيشه عدن ويعاني منه كل مواطن هناك من عدم توفر الخدمات المقصود المنظم والممنهج هو نتاج المناكفات والمماحكات السياسية بين شركاء سلطة الأمر الواقع.”
وأضاف المجلس في بيانه “نرفض رفضا قاطعا أن تكون عدن حلبة للمناكفات والمماحكات السياسية لأجل السلطة ولا ساحة للصراع الإقليمي أو الدولي لفرض الهيمنة والنفوذ، كما نرفض وبشدة أن يكون المواطن في عدن ضحية المناكفات والمماحكات السياسية بين شركاء السلطة.. ونقول للجميع ارفعوا أيديكم عن عدن وأرحلوا عنها طالما أردتم أن تكونوا سببا لتدميرها وقتل مواطنيها.”
ووجه دعوة لتصعيد الاحتجاج الشعبي داعيا “كل مواطن في عدن لعدم السكوت وللخروج إلى الشارع لإعلان ثورة غضب.”
متابعات