باب مكتب الأسد الخاص أخفى سراً عمره سنوات

السلطات اعتقلت صانع أبواب القصر اليهودي وعائلته بتهمة تتعلق بالجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين

اللحظات التي تلت الإعلان عن سقوط نظام عائلة آل الأسد، في الثامن من الشهر الجاري، إثر تقدم قوات المعارضة السورية وسيطرتها على العاصمة دمشق، حفلت بمشاعر الغبطة والسعادة الغامرة التي عبّر عنها كل سوري بطريقته، ومن هذه الطرق، اقتحام مقرات وقصور وعقارات العائلة التي روّعت السوريين لعقود خلت.

وكما عبّر كثير من مقتحمي قصور آل الأسد، في فيديوهات منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن لاقتحامهم المكان، دلالة رمزية عميقة، تعني استعادتهم لحريتهم المفقودة طيلة حكم آل الأسد، وتعني إحساسهم العميق بالقوة والفرح، لأن من كان يتسلط على مصائرهم، صار الآن، مُتحكَّماً به، ففرّ خارج البلاد، هاربا من وجه العدالة التي تطارده على جرائمه التي ارتكبها بحق السوريين.

ويشار إلى أن كثيرا من مقتحمي قصور آل الأسد، وعلى رأسها قصر جبل “قاسيون” التقطوا صورا، لتفاصيل القصر من الداخل، ونوع التصاميم التي تميز الجدران، والتحف التي كانت تزين المكان، وفن العمارة الهندسية التي تميز بها، القصر الذي صُمّم بين عامي 1975 و 1978، بحسب صحيفة “ذا غارديان” في تقرير لها، يعود إلى العام 2013، أشارت فيه، إلى أن قصر الشعب اكتمل بناؤه، في سنة 1990.

موريس نصيري

وتحدث عدد من الناشطين، عن فنان سوري يهودي، قام بتصميم الأبواب الخارجية لقصر الشعب، هو الفنان الحِرَفي العالمي موريس نصيري، أو نسيري، وكان من أبرز صناع التحف النحاسية الدمشقية، والذي غادر سوريا، مع جملة ما تبقى من يهود، في العام 1992، عندما سمح حافظ الأسد لليهود بمغادرة البلاد، فلم يتبق منهم إلا ما يعد على أصابع اليدين.

في المقابل كشفت معلومات عن وقائع لا تتعلق بهُوية الصانع، بل بما صنعه في قصر الأسد، إذ أكدت أن الفنان موريس نصري، لم يقم بصناعة الأبواب الخارجية لقصر قاسيون، بل قام بتصميم وصناعة باب مكتب حافظ الأسد الخاص.

صنعوا باب مكتبه الشخصي

وتبيّن المعلومات التي كانت سرية عن غالبية السوريين، أن العائلة التي صنعت باب مكتب الأسد الخاص، قد تم اعتقالها في وقت سابق، بتهمة تتعلق بالجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين، والذي أعدمته السلطات السورية في ستينيات القرن الماضي.

وذكرت المؤلفة الأميركية اليهودية، سارة سبيلمان، في مقال لها بعنوان “الفنان السوري اليهودي موريس نصيري” منشور في مجلة “هداسا” أن موريس نصيري، لم يقم فقط بتصميم الأبواب الخارجية الرئيسية لقصر قاسيون، بل قام بتصميم وصناعة وتركيب باب مكتب حافظ الأسد الخاص، والذي شغله أيضا، بشار الأسد، بعد وفاة أبيه عام 2000.

ويشار إلى أن عائلة الفنان المذكور، بمن فيها، الأب والشقيق وجميع الموظفين، قد تم اعتقالها لأن الاستخبارات السورية، في ذلك الوقت، كانت قد كشفت أن الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، كان يتردد على ورشة موريس نصيري والتي بدأ العمل فيها خلفاً لأبيه، منذ عام 1965، وهو العام الذي اعتقل وأعدم فيه إيلي كوهين في سوريا.

بسبب إيصال عثر عليه مع كوهين

وسبق أن قال المؤرخ السوري سامي مبيض، في مقال له يعود إلى العام 2016، إن الفنان السوري موريس نصيري، قد قام بصنع أبواب القصر الرئاسي السوري، إلا أنه لم يتطرق في مقالته، إلى باب مكتب حافظ الأسد الخاص، مع الإشارة إلى أن جميع المعلومات التي كانت متاحة للجمهور، تقتصر وحسب، على مَن هو الذي صنع الأبواب الخارجية أو الرئيسية، فيما بقيت قصة صناعة باب المكتب الخاص، بعيداً من التداول، لسنوات طويلة.

وتعود قصة اعتقال عائلة نصيري، أو نسيري، إلى اللحظات التي تلت اعتقال الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، أخطر جاسوس إسرائيلي في سوريا على الإطلاق، بحسب تقدير المصادر السورية والإسرائيلية.

وفي تفاصيل القبض على عائلة نصيري، فإن الاستخبارات السورية في ذلك الوقت، عثرت على إيصال لدى الجاسوس الإسرائيلي، صادر من ورشة “البازار” المملوكة للعائلة، فقام الأمن باعتقالهم، جميعا.

التقى حافظ الأسد بالمصادفة

وتقول المؤلفة سبيلمان، إن الفنان موريس نصيري وأباه وشقيقه وموظفي الورشة، لم يكونوا يعلمون بهوية الزائر الذي هو إيلي كوهين.

وتنقل المؤلفة عن موريس نفسه، أنه بدأ في إعداد تصميم البوابات والأبواب في ورشته بما في ذلك باب مكتب الأسد الشخصي، في عام 1988.
ويشار إلى أن “البازار” المملوك لنصيري، كان يعد أحد أشهر محال تصميم وصناعة وبيع النحاسيات في دمشق القديمة. وقد صدّر منها إلى مختلف بلاد العالم، ويعتبر من أشهر الصناع المهرة في هذا المجال.

ويحتفظ موريس نصيري، بحنين وشغف وتعلّق بدمشق التي قال إن فراقها يشبه فراق الروح، بحسب ما أسرّ به للمؤرخ السوري سامي مبيض، في عام 2009.
وبحسب ما ذكرته سارة سبيلمان، فإن موريس نصيري، معجَب بشخصية حافظ الأسد، وقال عنه إنه يفي بوعوده، ويراه بأنه أكثر انفتاحاً على العالم الخارجي.

وبحسب الشائعات التي كانت تحيط بالاستخبارات السورية، خاصة في عهد حافظ الأسد، فإن إدخال متهمين بعلاقة مع أكبر الجواسيس إلى مكتبه الخاص، بمثابة “محرمات” خاصة وأن الفنان موريس، التقى حافظ الأسد شخصيا، بالمصادفة، في إحدى المرات في قصر قاسيون.

وتسعى إسرائيل بكل السبل، لاستعادة رفات جاسوسها الأشهر في سوريا، إيلي كوهين، وأطلقت كل الوساطات الدولية والسياسية والعالمية، لهذا الهدف، إلا أنها لم تحظ برفاته حتى الآن.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى