هل يتحول الحراك الحضرمي إلى أداة لمواجهة مشروع المجلس الانتقالي الجنوبي
مؤتمر حضرموت الجامع يتهم المجلس بسلب قرار المحافظة وفرض الهيمنة عليها.
فتح الحراك المحلّي والقَبَلي في محافظة حضرموت شرقي اليمن معركة سياسية جانبية ضدّ المجلس الانتقالي الجنوبي الساعي لتأسيس دولة الجنوب المستقلّة والذي يعتبر المحافظة الكبيرة مساحة وذات الموقع الإستراتيجي والغنية بالثروات الطبيعية جزءا لا تنازل عنه من المجال الجغرافي للدولة المنشودة.
ويوجّه الحراك الذي يؤطره مؤتمر حضرموت الجامع وحلف قبائل حضرموت اللذان يرأسهما الوجيه القبلي عمرو بن حبريش جهوده إلى حدّ الآن نحو معارضة سياسة السلطة الشرعية اليمنية في المحافظة والمطالبة بتوجيه الثروة المنتجة محليا نحو تحسين الأوضاع الاجتماعية والخدمية لأبناء حضرموت.
لكنّ الحراك الذي تدرّج بسرعة من المَطْلبية إلى الطموح السياسي باتجاه الحكم الذاتي في حضرموت وصولا إلى التلويح بالتمرّد المسلّح، بدأ يتحوّل إلى خصم للانتقالي الجنوبي الذي يمتلك بدوره نفوذا سياسيا وسيطرة أمنية على أجزاء من المحافظة، في ظل شكوك بأن مقارعة الانتقالي وانتزاع منطقة ساحل حضرموت الإستراتيجية من يده يمثلان الهدف الحقيقي من إنشاء المؤتمر والحلف خصوصا وأن السلطة المعترف بها دوليا أظهرت إلى حدّ الآن سلبية مريبة في مواجهة تأسيس سلطة محلية موازية لسلطتها ذات ذراع سياسية وأخرى عسكرية.
ولا تتردّد دوائر حضرمية في اتّهام أطراف في الشرعية اليمنية، ليس فقط بغض الطرف عن عسكرة الحراك وتحوّله إلى تمرّد مسلّح، ولكن أيضا بدعمه لوجيستيا بهدف تشكيل قوّة قبلية مسلّحة مضادّة لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي المتمركزة في مناطق من المحافظة.
وتناقلت تلك الدوائر خبرا مفاده أنّ “شهود عيان رصدوا وصول أسلحة قادمة من وادي حضرموت إلى حلف حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع،” دعما لـ”أكبر تمرد قبلي يقود المحافظة إلى المجهول.”
ويتبع الوادي عسكريا وأمنيا المنطقة العسكرية الأولى المشكّلة أساسا من قوات تابعة لذراع تنظيم الإخوان المسلمين، حزب التجمّع اليمني الإصلاح الشريك في السلطة اليمنية المعترف بها دوليا وأحد ألدّ خصوم المجلس الانتقالي الجنوبي والمعارض الشرس لمشروعه في تأسيس دولة الجنوب المستقلة على عدد من المناطق والمحافظات على رأسها حضرموت.
واتهم مؤتمر حضرموت الجامع المجلس الانتقالي بمحاولة سلب قرار حضرموت وفرض الهيمنة عليها. وقال مصدر مسؤول في المؤتمر في منشور على منصات التواصل الاجتماعي “يحاول المجلس الانتقالي الجنوبي عبر أعضائه في مجلس القيادة الرئاسي سلب قرار حضرموت استمرارا لسياسة الإقصاء وفرض الهيمنة على حضرموت وعدم تمكينها من إدارة نفسها وثرواتها.”
وأضاف “أنَّ كل الأطراف السياسية تتفق في ذلك، وخلافها الأساسي حول من يهيمن على حضرموت وقرارها، وكأن المحافظة أصبحت غنيمة، وأصبح مستقبل أهلها حكرا على هذه الأطراف.”
وتابع المصدر قائلا “لقد حذّرنا مسبقا ومبكرا من اختلال الشراكة القائمة وأنه لا تمثيل لحضرموت في مجلس القيادة الرئاسي وإنما تمثيل لقوى سياسية جميعها تنظر لحضرموت نظرة قاصرة كإنسان يُحكَم وثروة تنهب.”
وجاء هجوم مؤتمر حضرموت على الانتقالي بسبب موقف الأخير المعارض للخطوة التي أعلنها مؤخّرا حلف قبائل حضرموت بتشكيل قوّة عسكرية تابعة له.
وتراقب الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بنوع من السلبية الارتخاء التدريجي لسلطتها على أجزاء من محافظة حضرموت جرّاء تزايد نفوذ القبائل وتشكيلها سلطة موازية تنازع الحكومة اختصاصاتها في إدارة الثروات الطبيعية والتحكّم بمواضع إنتاجها ومسالك نقلها إلى وجهات التحويل والتسويق والاستغلال.
ويعزو بعض المتابعين للشأن اليمني سلبية السلطة الشرعية إزاء الخطوات المتوالية من حلف قبائل حضرموت إلى قلّة وسائلها في مواجهة الحلف المستند إلى نفوذ القبائل المحلية وأيضا لقدراتها البشرية والمادية وحتّى لسلاحها، وإلى عدم رغبتها في إثارة المزيد من القلاقل في ظل وضع اقتصادي واجتماعي بالغ التعقيد، بينما يلمّح البعض الآخر إلى سياسة ممنهجة تتبعها الشرعية وتقوم على إفساح المجال لإنشاء المزيد من الكيانات السياسية والاجتماعية والقبلية لمعادلة نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظة، مستدلّين على هذا الرأي بأن الشرعية بحدّ ذاتها شاركت بشكل مباشر في إنشاء أحد تلك الكيانات متمثّلا بمجلس حضرموت الوطني.
وعلى مدى الأشهر الماضية تدرّج الحلف في خطواته التصعيدية من السيطرة على منابع النفط ونصب الحواجز في طرقات ومسالك نقل الخام والمعادن، إلى إصدار إشارات بشأن خيار الحكم الذاتي في حضرموت وصولا إلى إعلانه مؤخّرا التمرّد على قرارات مجلس القيادة الرئاسي اليمني ورفضه التعامل معها.