من المستحيل التنبؤ بدقة بالكيفية التي قد يؤثر بها الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، ولكن من الممكن أن نتخيل بعض المناطق التي قد تفشل فيها التكنولوجيا عن تولي بعض المهام التي تتطلب توافر قدر من الصفات البشرية حتى يتم إتمامها، مثل عناصر الإبداع والتعاطف أو الحساسية والدقة واللمسة الإنسانية التي لا تستطيع التقنية تقديمها.
ومن هذا المنطلق، تطرقنا عبر السطور التالية إلى بعض الوظائف وقطاعات الأعمال التي لا يُمكن فيها التخلي عن العنصر البشري وفقاً لمنصات إلكترونية شهيرة.
أبرز القطاعات
بداية أشارت مجلة الفوربس الأمريكية إلى بعض من تلك القطاعات وهي:
القيادة المؤسساتية
تتطلب الأدوار القيادية الرؤية قبل أي شيء آخر، والذكاء الاصطناعي لا يمتلك وضع الرؤية الصحيحة، ولا يمكنه أن يمتلكها أو حتى أن يساعد في تحقيقها، جنباً إلى جنب مع التفكير الاستراتيجي، واتخاذ القرار، والقدرة على تحفيز وإلهام وبناء الفرق، وتطوير الأنظمة الأخلاقية، كلها مجالات قوة حيث لا يزال الذكاء الاصطناعي يعاني من قيود قد لا يتخلص منها أبداً.
المهن الإبداعية
تعتمد بعض المناصب في مجال الفنون، مثل الموسيقيين والكٌتّاب والرسامين والمعلنين وغيرهم من المبدعين، بشكل كبير على الإبداع البشري والعاطفة والتفسير الذاتي، مما يجعلها أقل عرضة للأتمتة.
البحث والتطوير
إن البحث العلمي والابتكار اللاحق له ينطويان دائماً على استكشاف المجهول، والفضول، وصياغة الفرضيات والحدس، والتجريب المستمر، وكل هذا يعتمد على الإبداع البشري والبصيرة والإيمان بأن هناك في المستقبل ابتكاراً قد لا نتمكن من رؤيته الآن، وبلا شك أنّ الذكاء الصناعي والتقنيات الحديثة لا يُمكنها أن تؤدي هذه المهام، ويمكنها المساعدة وحسب في سير العمل.
المعالجون والمستشارون
إنّ تقديم الدعم العاطفي والعلاج والاستشارة وحل المشكلات بطريقة إبداعية ماهرة ناهيك عن التفاني في أداء الواجب يتطلب التعاطف العميق والتواصل الإنساني وفهم الفروق الدقيقة العاطفية المعقدة، ومهما تطورت أساليب الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة في العمل إلا أنها لن تستطيع تقديم تلك اللمسة الإنسانية المنشودة.
العمل الاجتماعي
يتعامل الأخصائيون الاجتماعيون مع مواقف إنسانية متنوعة وغير متوقعة ومفاجئة في كثير من الأحيان وتتطلب درجة عالية من الذكاء العاطفي والقدرة على التكيف والحكم الأخلاقي، وسوف يجدون أنّ الذكاء الاصطناعي أداة مفيدة ولكنها لا تُشكّل تهديداً أبداً.
التدريس والتعليم
في حين يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعزز التعليم بشكل كبير بواسطة التعلم الشخصي والتدريب والتقييم الآلي والتدريس الفعال الذي يمتد إلى ما هو أبعد من الفصول الدراسية، فإنه غالباً لا يُمكن أن يؤدي إلى بناء علاقات مع الطلاب وفهم احتياجاتهم الفريدة وتوفير الإرشاد والتوجيه.
الرعاية الصحية
يجمع الأطباء والممرضات والجراحون ومساعدو الأطباء والممرضات الممارسات وغيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية بين المعرفة الطبية والحكم السريري والتعاطف واللمسة الإنسانية، بما في ذلك الحدس الحكيم، وفي حين يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في التشخيص وتوصيات العلاج وإثرائها، إلا أنّه على الجانب الآخر لا يُمكن أن يحل محل الجانب الإنساني في الرعاية الصحية بأي حال من الأحوال.
قطاعات أخرى
منصة “Dassault Systèmes” الفرنسية والعالمية المختصة بدعم الابتكارات المهنية أشارت أيضاً إلى ثلاثة قطاعات، وهي:
مهندسو البرمجيات
قد نظن أن المجالات التقنية ستكون عرضة للتهديد بالزوال خاصة مع وجود الذكاء الاصطناعي وذلك مع تزايد قدرته وتطوره، فالذكاء الاصطناعي قادر على البرمجة والاختبار وتصحيح الأخطاء، إلا أنّ البرمجة لا تقتصر على ذلك فهي مجال إبداعي بطبيعته، وعلى الرغم من كل ما يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تحققه في ضمان الكفاءة والدقة في أكثر العمليات تعقيداً، إلا أنّها لا تستطيع ابتكار الأفكار بالطريقة التي يستطيع بها البشر ولن تنتج أفكاراً جديدة حول المنتجات أو تطبيقات الويب، ولا يُمكنها فهم كيف يفكر البشر أو يرون أو يشعرون بشأن استخدامها، لذا ينبغي أن يطمئن المهندسون أن وظائفهم في أمان.
المعلمون
سواءً كان الأمر يتعلق بتعليم أطفال في سن الخامسة أو 500 مراهق، فإن التدريس يحتاج إلى البشر، حيث لا يتمتع الذكاء الاصطناعي بالذكاء العاطفي أو التعاطف لبناء علاقات مع الطلاب أو فهمهم أو تحديد احتياجاتهم الفريدة وأساليب التعلم الخاصة بهم، كما أنّه لا يُساهم في مساعدة الطلاب على اكتشاف الشغف، أو اكتشاف مجال الدراسة الذي يرغبون الاستكمال فيه.
خدمة العملاء
لقد مررنا جميعاً بالغضب واليأس الناتج عن التفاعل مع روبوتات الدردشة لخدمة العملاء التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، والتي لا تسهم في حل المشاكل التي نواجهها راغبين بالوصول إلى العنصر البشري الذي يملك التعاطف والتفهم، ويكون قادراً على فهم مشاكلنا بشكل دقيق ومن ثم المساعدة في حلها.
متابعات